يجلس الباحثون في جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين محاطين بأسلاك وأجهزة استشعار متطورة وأغطية رأس مزوّدة بأقطاب كهربائية ، بينما ينتظر دلو من الماء المثلّج دوره في التجربة.
هذا المشروع الرائد من قسم العلوم الطبية الحيوية والترجمة في كلية الطب بجامعة كارل إلينوي يهدف إلى فهم كيفية تأثير التوتر على الدماغ والجسم، وتطوير أجهزة يمكنها المساعدة في تشخيص ومراقبة وعلاج اضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.
كيف يُقاس التوتر عبر سطح الجسم؟
يبدأ الباحثون بتجهيز المشاركين بأغطية رأس مزوّدة بـ 64 قطبا كهربائيا توضع بعناية على فروة الرأس لالتقاط النشاط الكهربائي للدماغ، بعدها يُلبسون المشاركين قمصانا ذكية تراقب معدل ضربات القلب وأنماط التنفس والحركة، إضافة إلى أساور ذكية تتابع درجة حرارة الجلد ونشاط الغدد العرقية وتغيّرات تدفق الدم.
كما تُثبَّت مجسات عضلية على الرقبة والكتفين والذراعين والجذع لتسجيل توتر العضلات بدقة. ورغم تعدد الأجهزة والأسلاك، فإن التكنولوجيا القابلة للارتداء تسمح للمشاركين بالتحرك بحرية أثناء التجربة.
اختبار الماء المثلج
بعد إعداد الأجهزة، يخضع المشاركون لاختبار يُعرف بـ اختبار الضغط البارد، حيث يُطلب منهم غمس أيديهم في ماء مثلج لمدة تصل إلى دقيقة واحدة، رغم بساطته يُظهر هذا الاختبار اختلافا كبيرا في قدرة الأفراد على تحمّل الألم، مما يعكس مدى استجابتهم الفسيولوجية والنفسية للتوتر.
اختبار التوتر الاجتماعي
في تجربة أخرى، يخضع المشاركون لاختبار Trier Social Stress Test، حيث يُطلب منهم إلقاء خطاب لمدة ثلاث دقائق ثم حل مسائل حسابية تحت مراقبة الباحثين عبر كاميرا الفيديو.
يؤدي هذا الموقف المفاجئ إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول — وهو الهرمون المسؤول عن استجابة الجسم للتوتر — مما يتيح للعلماء تتبع التغيرات العصبية والفسيولوجية في الوقت الحقيقي.
اختبار ستروب
يُضاف عنصر معرفي آخر من خلال اختبار ستروب، الذي يطلب من المشاركين قراءة أسماء ألوان مكتوبة بألوان مختلفة عن معناها، ورغم بساطته إلا أن أداءه أثناء المشي على جهاز المشي وتحت ضغط الوقت يكشف مدى قدرة الدماغ على إدارة المهام المتعددة في ظروف الإجهاد.
نتائج مبشّرة نحو تشخيص القلق بالأجهزة الذكية
بعد الانتهاء من التجارب، يحصل المشاركون على مجموعة من الأجهزة القابلة للارتداء لمواصلة تتبّع استجاباتهم الفسيولوجية في حياتهم اليومية.
وقد أسفرت هذه الأبحاث بالفعل عن تطبيقات طبية واعدة، منها أداة لتحليل بيانات القمصان الذكية أثناء التمارين للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب، ونماذج تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مؤشرات القلق دون الحاجة لتدريب مسبق.
صحة نفسية بتقنيات ذكية
يسعى فريق البحث إلى جعل تشخيص ومتابعة اضطرابات القلق والتوتر أكثر سهولة ودقة وأقل تكلفة، من خلال دمج الطب والهندسة وعلوم البيانات.
إنّ فهم كيفية تفاعل الجسم مع التوتر سيساعد الأطباء على تطوير علاجات وقائية وشخصية تستجيب للاحتياجات الفردية لكل مريض.