مقالات
أمريكا واسرائيل بين الرد وعدم الرد
راسم عبيدات 2 تشرين الأول 2024 , 18:12 م
بقلم :- راسم عبيدات
ايران التي تعتمد سياسة الصبر الإستراتيجي ...والتي بدا البعض عربياً من دول النظام الرسمي العربي المنهار والموغل في التطبيع،وبعض الجماعات المتاسلمة و"المصنعة" في دوائر المخابرات المركزية الأمريكية "سي أي ايه" والمخابرات البريطانية " ام كي 6" يشكك في قدراتها على الرد،وليصل الأمر في البعض للقول ،بأن ايران قد باعت حلفائها وشركائها في المحور، قوى المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني وجماعة انصار الله اليمنية،والحشد الشعبي العراقي،مقابل اتفاق مع امريكا يحفظ لها مصالحها في المنطقة والإقليم ...جاء ردها ب250 صاروخ فرط صوتي،غطت كامل مساحة فلسطين التاريخية من شمالها لجنوبها،حسب ما تقول ايران بأنه وصل منها 183 صاروخاً و85 منها استهدف قواعد ومطارات عسكرية وشبكات رادار ...منها قواعد عسكرية ومطارات شاركت في اغتيال هنية ونصر الله ..قاعدة "نافاتيم" في النقب والتي يوجد فيها طائرات " اف 35" وقاعدة " حتسريم" التي يوجد فيها طائرات "اف 15" وقاعدة تل نوف بالقرب من تل ابيب .. هذا الرد الإيراني الإستثنائي والتاريخي ...وضع امريكا واسرائيل في مأزق كبير ، فنتنياهو المبهور بقوة الإنجاز الأمني والعسكري التكتيكي،بإغتيال عشرات القيادات العسكرية والأمنية لحزب الله اللبناني،بما في ذلك أمينه العام السيد نصر الله،والذي أخذ يقصف في لبنان وسوريا وقطاع غزة واليمن،ويطلق تهديداته للعراق ولإيران،وبأنه لن يكتفي بإستعادة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة،وإعادة المستوطنين المهجرين في الشمال،بل سيعيد تشكيل الشرق الأوسط وفق خطوط وحدود قوة الردع الإسرائيلي ...الرد الإيراني الذي جاء غير مسبوق وغير متوقع ،في ظل حديث عن رئيس ايراني اصلاحي ،يرغب بمد الجسور مع امريكا واعادة التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني،وكذلك مع دول اوروبا الغربية للتخلص من العقوبات المفروضة على ايران ،..اشاع جواً بأن ايران لا تريد الرد ،وبأن ايران تبيع الكلام ،او انها غير قادرة على الفعل والرد ...وهذا ما جعل قادة اسرائيل وفي المقدمة منهم الثلاثي نتنياهو وغالانت وهليفي،يتبجحون بأنهم سيوجهون ضربة كبرى لإيران، إذا ما تجرأت على الرد...اسرائيل بالضربات المتلاحقة لحزب الله بمشاركة امريكية مباشرة ،من خلال ثلاثية الحزمة القاتلة تفخيخ اجهزة النداء والإشارة واغتيال قيادات عسكرية وامنية للحزب وقصف غير مسبوق طال مساحة واسعة من الأراضي اللبنانية،وبالذات بنية الحزب وبيئته الشعبية الحاضنة، كان كاف لكي يسقط دول كبرى ...واعقب ذلك عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله ومعه قائد في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان،بإستخدام 83 قنبلة فراغية امريكية من طراز "أم كيو 84" التي تزن كل واحدة منها 900كم ،ونفذتها طائرات امريكية من طراز "اف 35"،...هذا الإغتيال الذي اصاب رأس الحزب،والذي يعتبر قائد استثنائي ليس على الصعيد الحزب،بل على صعيد المحور،والذي تلتف حوله كل قادة حركات المحور،فهو بمثابة عمود البيت بالنسبة لهم،وهذا ترافق مع تقديرات بأن الحزب فقد القدرة على السيطرة والتحكم والقيادة،وبأنه في طريقها للسقوط والإنهيار.
الحزب وفي زمن قياسي استطاع ان يرمم أوضاعه التنظيمية ويستعيد عافيته...وبداً واضحاً ذلك في كلمة نائب الأمين العام للحزب نعيم القاسم،الذي أكد على الجهوزية العسكرية،والإستعداد للإلتحام في أي حرب برية تقوم بها اسرائيل،وبأنه يجري المتابعة الدقيقة لكل الخطط والبدائل،كما رسمها قائد الحزب نصر الله،وبأن القدرة على القيادة والسيطرة والتحكم لم تتضرر،وبأن المخزون الإستراتيجي من صواريخ الحزب الدقيقة ومتعددة المدايات والرؤوس التفجيرية ،لم تتأثر هي الأخرى ...وقد شهدنا بعد كلمة القاسم،عمليات قصف صاروخية وهجمات بالمسيرات كثيفة طالت عشرات القواعد العسكرية والإستخبارية والمطارات العسكرية،في الجولان المحتل والجليلين الأعلى والأسفل وحيفا وشمالها،بالإضافة الى منطقة غوش دان،وهذا تاكيد على الحزب بدأ يستعيد زمام المبادرة ...وفي الوقت الذي كان فيه الناطق العسكري الإسرائيلي هاغاري يتحدث عن بدء تنفيذ اسرائيل لعملية برية،تارة يقول محدودة وأخرى واسعة،من اجل دفع قوات النخبة للحزب ،فرقة الرضوان،الى شمال الليطاني،بما لا يجعلها تشكل تهديد مستقبلي لمستوطني الشمال، كان الحزب يكذب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية،وبأنه احبط استباقياً عملية برية نوعية اسرائيلية،ونصب كمينا في بلدة العديسة لجنود النخبة من الجيش الإسرائيلي،ملتحماً معهم من نقطة الصفر على خط الحدود،وموقعاً بينهم قتلى وجرحى ...وفي ذروة تهديدات نتنياهو ونشوته بالإنجازات العسكرية والأمنية التكتيكية،ولتصل غطرسته حد القول،بأنه سيعيد رسم الشرق الأوسط وتغيير وجهه وفق حدود وخطوط القوة الإسرائيلية ،وسيتوج من نفسه ملكاً على المنطقة جاء الرد الإيراني التاريخي والنوعي،على نحو اوسع وأشمل من رد ايران في نيسان الماضي على استهداف قنصليتها في دمشق ،رد قال بشكل واضح بأن هناك فشل استبخاري اسرائيلي ،وكذلك عدم اخذ قادة اسرائيل على محمل الجد التهديدات الإيرانية بالرد والثأر لدماء هنية ونصر الله ونليفوروشان والتمادي الإسرائيلي في ارتكاب الجرائم والمس بهيبة ايران وأمنها القومي وسيادتها وكرامتها.
ولعل الرد الإيراني غير المسبوق هدف لتحقيق جملة من الأهداف،وهو يضع امريكا واسرائيل امام خيارات صعبة ،ولعل هذه الأهداف المتمثلة في :- تبديد نشوة النصر المتمثلة في تحقيق الإنجازات التكتيكية العسكرية والأمنية، بإغتيال العديد من القيادات الأمنية والعسكرية لحزب الله،والتي بلغت ذروتها بإغتيال الأمين العام للحزب سماحة السيد نصر الله.
اسقطت موجة التشكيك التي روج لها على نطاق واسع قوى ودوائر معادية ووسائل اعلام مشبوهة،بالقول أين ايران..؟؟؟،وبان ايران تخلت عن شركائها وحلفائها وباعت دماء هنية ونصر الله،خوفاً من التهديدات الأمريكية،وبأنها عقدت صفقة مع امريكا،تحفظ لها مصالحها الإقليمية في المنطقة،ولكن ايران قالت بشكل واضح بأنها لا تخشى التهديدات لا الأمريكية ولا الإسرائيلية،ولن تسمح لا بالمس بهيبتها ولا بكرامتها ولا بأمنها القومي وسيادتها .
وهذا الرد وضع حد لمناخات الإحباط واليأس والإنهيار في صفوف جمهور وداعمي المقاومة،حيث أن منظر الصواريخ الإيرانية المتساقطة على اسرائيل،ساهم في رفع المعنويات واحداث موجة واسعة من الإبتهاج عند الجماهير التي كانت تنتظر مثل هذا الرد،وتدفيع اسرائيل ثمن جرائمها بإغتيال القادة.
وضع حدّ لمناخات الإحباط واليأس والانهيار في معنويات أوساط واسعة من جمهور المقاومة،حيث أدّى الردّ وصور تساقط الصواريخ على مدن العدو في فلسطين المحتلة إلى إعادة رفع المعنويات وإحداث موجة واسعة من الابتهاج على الصعيد الجماهير التي كانت تنتظر ان يدفع العدو ثمن ما ارتكبه من جرائم واغتيال لقادة المقاومة..
الرد النوعي والإستراتيجي الإيراني ،هذا الرد ينزل نتنياهو وقادة حكومة اسرائيل من على قمة الشجرة التي صعدوا اليها،وباتوا يعتقدون بأنهم يستطيعون فعل أي شيء بدون حساب او عقاب،قصف وإغتيالات وتدمير بنى تحتية وتشريد وقتل مدنيين ،والرد اعاد المجابهة الى قواعد اشتباكها ومعدلات ردعها الأساسية،التي سعت اسرائيل الى تغييرها والعودة بها هي وأمريكا لما قبل السابع من اكتوبر/2023،ولكن هذا الرد النوعي والتاريخي الإيراني،منع واغلق الطريق أمام تحقيق هذا الهدف،حيث بات واضحاً بأن حزب الله وبقية قوى المحور تستعيد المبادرة،وما نشاهده من سرعة ترميم الحزب لأوضاعه التنظيمية،وعمليات القصف بالصواريخ والمسيرات،المنضبطة والدقيقة،تؤكد على ذلك،فلا فقدان للسيطرة او فقدان التحكم والقيادة...أمريكا واسرائيل اذا اختارتا الرد ،فكما قال رئيس الأركان الإيراني،سيكون هناك رد اقسى وأشد وسيطال البنى التحية الإسرائيلية...وخاصة اذا كان الإستهداف يتعلق بمنصات الغاز والمنشأت النفطية الإيرانية ..وكذلك عدم الرد يعني كارثة لأمريكا واسرئيل،فقدان وخسارة صورة الردع التي حرص نتنياهو على التباهي بها ،وما هو ثابت ،بأن وحدة الساحات والجبهات تتجسد بشكل كبير،ولم تنجح لا امريكا ولا اسرائيل بتفكيكها، وبأن اسرائيل لم تتمكن من إعادة قوة الردع وتغيير قواعد الإشتباك،وهي لن تنجح في تحقيق اهدافها الإستراتيجية،إستعادة الأسرى على الجبهة الجنوبية ،واعادة المستوطنين المهجرين على الجبهة الشمالية،ولا فتح البحر الأحمر وباب المندب امام السفن التي تحمل البضائع الى اسرائيل...المنطقة،حبلى بالتطورات والمفاجأت،وهي حرب استنزاف ستطول ومعركة عض اصابع،واذا ما خرجت الحرب عن السيطرة،فالتداعيات ستكون كبيرة،وبما يطال الإقتصاد العالمي ومصادر ومنابع الطاقة.
فلسطين – القدس المحتلة
2/10/2024
المصدر: موقع إضاءءات الإخباري
الأكثر قراءة
72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل
٤٨ ساعة أمام إيران: الزمان مناسب، والمكان معروف
كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد والحرب على الإسلام
الاستنزاف والاستنزاف المضاد
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً