أظهرت الأبحاث أن هناك نوعين من المتغيرات الجينية يزيدان من خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى الإناث، مما يؤدي إلى التهاب ضار في الدماغ، تبرز هذه النتائج أهمية مراعاة الفروق الجنسية في أبحاث الزهايمر لتحسين العلاجات.
اكتشاف المتغيرات الجينية
اكتشف الباحثون أن نوعين من المتغيرات الجينية، وهما APOE4 وTREM2 R47H، يزيدان من خطر الإصابة بمرض الزهايمر من خلال تفعيل الاستجابة الالتهابية في خلايا المناعة في الدماغ، وخاصة لدى الإناث. تؤكد هذه الدراسة على الحاجة إلى علاجات محددة حسب الجنس وتكشف عن هدف علاجي جديد محتمل، وهو مسار cGAS-STING.
أهمية دراسة الفروق الجنسية
أظهرت الأبحاث التي أجراها باحثون من كلية وايل كورنيل للطب أن المتغيرات الجينية المرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بمرض الزهايمر تنشط استجابة التهابية ضارة في خلايا المناعة في الدماغ، وخاصة لدى الإناث، وذلك وفقا لدراسة نموذجية ما قبل السريرية. تم نشر النتائج في مجلة Neuron، مما يسلط الضوء على أهمية مراعاة الفروق الجنسية في أبحاث الزهايمر – وهو خطوة قد تؤدي في النهاية إلى علاجات أكثر دقة وفعالية.
الإصابة بالزهايمر وتأثيرها على النساء
يؤثر مرض الزهايمر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، حيث تتأثر النساء بشكل غير متناسب – إذ يصاب عدد يقارب ضعف الإناث مقارنة بالذكور. من أجل تحسين أساليب العلاج، يسعى الباحثون لتحديد الأسس وراء هذه الفروق في القابلية للإصابة. أظهرت الدراسات السابقة أن متغيرا جينيا يسمى APOE4 يزيد من خطر الإصابة بالزهايمر بشكل أكبر لدى النساء مقارنة بالرجال. ركزت الدراسة الحالية على الأنشطة الخلوية التي تسوء عندما يكون كل من APOE4 وTREM2، الذي يزيد أيضا من خطر الإصابة بالزهايمر، موجودين معًا لدى الإناث، نظرًا لأن البروتينات التي ترمز لها هذه الجينات لها مجموعة متنوعة من الوظائف في الخلايا، لم يكن من الواضح كيف تساهم المتغيرات المحددة في القابلية للإصابة بالمرض.
رؤى حول متغيرات الجينات APOE4 وTREM2
قال الدكتور لي غان، المؤلف الرئيسي والمدير لمعهد هيلين وروبرت أبل لأبحاث مرض الزهايمر، إن “هذه هي أحد أقوى عوامل الخطر لمرض الزهايمر، لكن القليل من المعلومات متاح حول كيفية تعزيزها لخطر الإصابة، ولم يتم دراستها معًا في كثير من الأحيان.” وأضاف: “كان هدفنا هو دمج هذه العوامل الخطرة لتسليط الضوء على المسارات التي تتغير عندما يكون خطر الإصابة بالمرض في أعلى مستوياته.”
نتائج الدراسة على نماذج الفئران
قام الدكتور غان وفريقه، بما في ذلك المؤلفة الرئيسية الدكتورة جيليان كارلين، بإنشاء نماذج فئران تحمل نسخا بشرية من APOE4 وTREM2 R47H، وهو متغير نادر يزيد من خطر الإصابة بالزهايمر بمعدل يتراوح بين 2-4.5 أضعاف. كانت الفئران أيضًا تحمل طفرة تؤدي إلى تكوين تكتلات من بروتين التاو – وهو شائع في أدمغة مرضى الزهايمر ويرتبط ارتباطا وثيقا بالتدهور المعرفي. قام الفريق بفحص الفئران في عمر 9-10 أشهر، ما يعادل تقريبًا منتصف العمر لدى البشر، لتقييم كيف أثرت هذه المتغيرات الجينية على صحة الدماغ.
التلف الناتج عن التهاب خلايا المناعة
وجد الباحثون أن الفئران الإناث، وليس الذكور، التي تحمل كل من APOE4 وTREM2 R47H أظهرت تلفا كبيرًا في المنطقة الدماغية المسؤولة عن التفكير والذاكرة. شمل هذا التلف تكتلات أكثر حدة من بروتين التاو مقارنة بالفئران التي لا تحمل هذه التركيب الجيني.
نسب الباحثون هذا التلف في أدمغة الإناث إلى خلايا المناعة في الدماغ، المعروفة باسم الميكروغليا. عادةً، تحمي الميكروغليا الدماغ، ولكن في هذه الحالة، أصبحت “متقدمة في السن”، مما يعني أن الخلايا فقدت قدرتها على العمل بشكل صحيح. وبدلاً من تنظيف الخلايا التالفة وتكتلات البروتين، تبقى هذه الميكروغليا المتقدمة في السن وتطلق مواد كيميائية التهابية عبر مسار يُعرف باسم cGAS-STING. ومن الجدير بالذكر أن الدراسة وجدت أن هذه الآثار الضارة كانت أكثر وضوحا في الفئران الإناث، وهو ما يتماشى مع التقارير التي تفيد بأن APOE4 يمثل خطرا أكبر على النساء مقارنة بالرجال.
إمكانية العلاجات المصممة خصيصا لمرض الزهايمر
قالت الدكتورة كارلين: “أظهرت دراستنا أنه عندما يتم دمج عاملَي خطر الزهايمر في الإناث مع تكتلات التاو، يصبح مسار cGAS-STING نشطا بشكل كبير.” أدى قمع هذا المسار الضار إلى تقليل العوامل الالتهابية الضارة واستعادة الظاهرة المتقدمة في الميكروغليا.
تؤكد الدراسة على ضرورة مراعاة الفروق الجنسية في أبحاث وعلاج مرض الزهايمر، حيث قد يتقدم المرض بشكل مختلف لدى الرجال والنساء، وبالتالي قد تتطلب النهج المخصصة، وفقًا للدكتور غان. من خلال تحديد دور المسارات المناعية مثل cGAS-STING في تقدم مرض الزهايمر، خاصةً لدى الأفراد الذين يحملون متغيرات جينية عالية الخطورة، يأمل الباحثون في فتح المجال لاستراتيجيات جديدة للعلاج – وربما للوقاية أيضا.