مقالات
الاحتلال ينسج الأكاذيب... ويحيى السنوار يخلد في صفحات المجد
هناء سعادة 19 تشرين الأول 2024 , 23:26 م
بقلم: د. هناء سعادة
الجزائر- في كل مرة يستشهد فيها بطل على أرضه الطاهرة، يخرج الاحتلال الصهيوني ليمارس هوايته المفضلة، والمتمثلة في تزييف الحقائق في محاولة بائسة لتضليل الرأي العام واستدرار عطف الشعوب الغربية. اليوم، يحاول الصهاينة، من جديد، إخفاء عجزهم في مواجهة قوة الحق التي تجسدت في استشهاد قائد المقاومة يحيى السنوار، الذي عاش بكرامة ومات بشرف في ميدان القتال. ليس غريبًا أن يلجأ الاحتلال إلى تزييف ملحمة استشهاده، غير أن دعايته المغرضة اصطدمت بواقع الشجاعة والإيمان الذي أظهره هذا القائد المقدام في مواجهة آلة الظلم.
منذ السابع من أكتوبر 2023، والكيان المؤقت يعيش كابوس "طوفان الأقصى" الذي قلب موازين الصراع، وأثبت للعالم هشاشة منظومة الاحتلال العسكرية، تلك المنظومة التي رغم ما تمتلكه من أدوات قمعية وأسلحة تكنولوجية متطورة، وقفت عاجزة أمام رجل واحد مسلح بالإيمان والكرامة.
اليوم، تحاول آلة الدعاية الصهيونية أن تبرر هذا الفشل الذريع من خلال نسج روايات مليئة بالأكاذيب حول "خطأ" ارتكبه السنوار بخروجه من الأنفاق، في مسعى عقيم لتبرير استهدافهم لقائد واجه الموت بشجاعة لا مثيل لها. فوفقًا لرواياتهم الملفقة، يزعم الصهاينة أن السنوار غادر الأنفاق واختبأ في مبنى سكني في رفح، وكأنما يريدون إظهار قائد بحجم السنوار كمن يبحث عن مأوى للهروب! والحقيقة التي لا يمكنهم حجبها، والتي ظهرت جليًا في اللقطات المسربة، هي أن السنوار واجه طائراتهم المسيرة بعصا، حتى وهو مضرج بدمائه. هذه هي الصورة التي سطرها يحيى السنوار في ذاكرة كل فلسطيني ومناضل حر، صورة المقاوم الذي لم يعرف الاستسلام أبدًا.
فحسب ما أفادت به صحيفة "التلغراف" البريطانية، زعم الرائد في جيش الاحتلال الصهيوني، دورون سبيلمان، أن الشهيد القائد يحيى السنوار وقع في ما وصفه بـ "الخطأ الاستراتيجي"، عندما قرر مغادرة الأنفاق ليقصد مبنى سكنياً في مدينة رفح، مضيفًا بأن قوات الاحتلال لم تكن لتصل إليه لولا تعقبه عبر طائرة مسيّرة، وبذلك أُجبر على اتخاذ هذه الخطوة نتيجة للضغط المستمر عليه من قبل جيش الاحتلال الذي أغلق الطرق الرئيسية تدريجياً، وقصف الأنفاق حول رفح، محاولاً بذلك قطع أي ممر آمن أمام قائد ''ظل مختبئاً في قلب المعركة منذ اندلاعها في 7 أكتوبر 2023.''
من جانب آخر، نقلت قناة "i24NEWS" العبرية تفاصيل ما أسمته "عملية استهداف السنوار" التي بدأت مع بزوغ فجر يوم الأربعاء، حيث رصدت وحدة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الصهيونى ثلاثة أشخاص اشتُبه في تحركاتهم بالقرب من حي تل السلطان في رفح، جنوب قطاع غزة. ووفقاً لما لفقته القناة، تقدم قائد الفرقة 450 نحو هؤلاء الأشخاص الثلاثة، ومع اشتداد وطيس المعركة، لاذ إثنين منهما بالفرار إلى منزل مجاور، بينما لجأ السنوار إلى منزل آخر قريب أين تم استهدافه.
وكعادتها، تسعى الصحافة العبرية والقنوات الموالية لها إلى تضخيم قدرات الكيان التكنولوجية والاستخباراتية، مشيرة إلى عمليات اغتيال سابقة لقادة المقاومة في حزب الله وحماس، في محاولة فاشلة لتعزيز صورتهم المهزوزة بعد هذا الإخفاق الكبير، لكن الحقيقة التي لا يستطيعون طمسها هي أن التكنولوجيا مهما بلغت قوتها، لا يمكنها قتل إرادة الإنسان المتمسك بحقه والمؤمن بقضيته.
إن استشهاد السنوار لم يكن أبدا نهاية قائد، بل هو بداية أسطورة ستظل حية في قلوب الأجيال القادمة. كيف لا، وهو الذي قاد معركة العزة بوجه المحتل الغاشم، ورفض أن يموت إلا شهيدًا على أرض فلسطين.
تحاول آلة الدعاية الصهيونية تشويه هذه البطولة، لكنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن العالم أجمع قد شهد على عظمة هذا الرجل الذي واجه موتًا محتومًا بشجاعة فائقة، رافعًا كوفيته، مجسدًا صورة المقاوم الذي لا يتراجع أبدًا. أي شرف هذا يا أبا إبراهيم! لقد عاش السنوار كما يحب، مقاوما حرا شريفا، وارتقى كما تمنى، بطلا شهيدا، مقبلا غير مُدبر، مُمْتَشقا سلاحه، مشتبكا ومواجها لجيش الاحتلال في مقدمة الصفوف، يتنقل بين كل المواقع القتالية صامدا مرابطا ثابتا على أرض غزة العزة، مدافعا عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهما في إذكاء روح الصمود والصبر والرباط والمقاومة.
سيظل اسم يحيى السنوار رمزًا للنضال الفلسطيني، وشاهدًا على فشل الاحتلال في كسر إرادة شعب يؤمن أن الموت في سبيل الحرية حياة أبدية. ومهما حاول الكيان الصهيوني أن يزيف الحقائق، ستظل بطولات الشهداء محفورة في ذاكرة الأمة... لا تنسى الشعوب رجالها، ولا تنسى فلسطين أبناءها. سنواصل السير على دربك، يا أبا ‘براهيم، حتى تتحرر فلسطين من دنس الاحتلال، وحتى يستعيد شعبها حقه الكامل في أرضه.
المصدر: مزقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة
حرب أميركا الاستباقية
قصة الحلاج ونشيد والله ما طلعت شمس ولا غربت وموسيقى صوفية..
انشودة, أتظن أنك عندمـــا أحـــرقتنــي.. ورقصت كالشيطان فوق رفاتي
هل أخطأ "المحور"...أين؟ وكيف؟
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً