كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعة واشنطن عن ارتباطات بين المخاطر الوراثية وسلوكيات معينة قد تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين ، مما يشير إلى إمكانية الوقاية المبكرة.
تعتمد مشكلات الصحة العقلية لدى المراهقين على تداخل معقد بين عوامل وراثية وسلوكية وبيئية. وباستخدام طريقة مسح وراثي شاملة، تمكن العلماء من تحديد الروابط بين العوامل الوراثية وسلوكيات مثل الوقت الذي يقضيه المراهقون أمام الشاشات والأحداث الحياتية المجهدة، مما قد يساعد في تحديد أهداف للوقاية من الاضطرابات النفسية.
البحث الوراثي في سلوكيات الشباب
اعتمد الباحثون في جامعة واشنطن نهجا موسعا للبحث في كيفية تأثير الجينات على سلوكيات الشباب، حيث قاموا بتحليل مجموعة واسعة من السمات والسلوكيات والبيئات للعثور على الروابط بينها وبين العلامات الجينية التي قد تشير إلى مخاطر الصحة العقلية.
تُبرز النتائج التي نُشرت في مجلة "نيتشر للصحة النفسية" احتمالات لفهم أعمق لتطور الاضطرابات النفسية في مرحلة المراهقة، على الرغم من أنها لا تثبت علاقة مباشرة بين السبب والنتيجة.
دراسة "PheWAS": نهج جديد في البحوث الوراثية
لتحقيق تقدم أكبر، أجرى الباحثون دراسة "PheWAS" التي تعكس الدراسة التقليدية "GWAS". وبدلاً من البدء بحالة مرضية معينة والبحث عن الروابط الجينية المرتبطة بها، بدأت دراسة "PheWAS" بالمتغيرات الجينية المعروفة بارتباطها بالاضطرابات النفسية، ثم قامت بتحليل علاقتها بعدد من المتغيرات السلوكية والبيئية والصحية.
وقد شملت الدراسة حوالي 1300 إلى 1700 متغير في إطار بيانات دراسة "ABCD" التي تهتم بتطور الدماغ والسلوك لدى المراهقين.
النتائج الرئيسية والمفاجآت في الدراسة
أظهرت النتائج وجود ارتباطات قوية بين المخاطر الوراثية والسمات السلوكية. فيما يلي بعض الروابط المكتشفة:
الخطر الوراثي للاضطرابات العصبية (مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ADHD والتوحد) ارتبط بأكثر من 190 سمة، من بينها مشاكل الانتباه، وقت الشاشة، واضطرابات النوم.
الخطر الوراثي للاضطرابات النفسية الداخلية (مثل الاكتئاب والقلق)، ارتبط بأكثر من 120 سمة، منها الاكتئاب، التجارب الحياتية المجهدة، ووقت الشاشة.
الخطر الوراثي للاضطرابات الذهانية (مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب) ارتبط بقلة الانخراط في الأنشطة المدرسية وزيادة استهلاك مشروبات الطاقة.
أهمية السلوكيات القابلة للتعديل في البحث الوراثي
أشارت الباحثة كارشر إلى أن "القابلية الوراثية" قد تتجلى من خلال سلوكيات قابلة للتعديل في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة، مما يوفر فرصا لتقليل مخاطر الصحة العقلية من خلال التحكم في هذه السلوكيات، مثل الوقت أمام الشاشات.
يعد التوجه المستقبلي لهذه الأبحاث هو مراقبة تطور هذه الروابط بمرور الوقت، حيث يمكن لهذه الروابط أن تساعد في فهم كيفية تأثير المخاطر الوراثية على السلوك والسمات الشخصية للمراهقين.
توضح هذه الدراسة الإمكانيات الوقائية لاستراتيجيات التدخل المبكر، مثل الحد من استهلاك مشروبات الطاقة والوقت أمام الشاشات، لتقليل مخاطر الصحة العقلية المستقبلية.