الاستنزاف والاستنزاف المضاد
مقالات
الاستنزاف والاستنزاف المضاد
م. زياد أبو الرجا
4 تشرين الثاني 2024 , 06:43 ص

*  توقفت مفاوضات الدوحة بعد ان وافقت حركة حماس الفلسطينية على قرار مجلس الامن الدولي رقم ٢٧٣٥ الداعي لوقف اطلاق النار وانهاء حالة الحرب على قطاع غزة.اعتقدت امريكا ان حركة حماس سوف ترفض القرار وتعطي الكيان الذريعة لمواصلة حرب الابادة والتهجير.

صعدت امريكا حربها على محور المقاومة فقامت باستهداف رئيس المكتب السياسي الشهيد القائد اسماعيل هنية واغتالته في العاصمة الايرانية طهران.وبعد ذلك شنت الطائرات الامريكية  F-35 غارة جوية على حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت والقت بخمسة وثمانين طنا من القنابل الخارقة وشديدة الانفجار مما ادى الى استشهاد الامين العام لحزب الله سيد شهداء القدس حسن نصر الله.
دأبت الدبلوماسية الامريكية على الفصل بين الجبهة اللبنانية وجبهة غزة وركزت على تعديل قرار مجلس الامن الدولي رقم ١٧٠١ لصالح الكيان الصهيوني عبر وسيطها الصهيوني هوكشتاين.عندما فشلت في ذلك استدارت سياسيا وعسكريا واعطت الضوء الاخضر لجيش الكيان ليبدأ حربه البرية على لبنان.اعلن نتنياهو ان هدف الحملة البرية التي حشد لها ستة فرق عسكرية قوامها تسعون الف مقاتل تدعمها القوة الجوية والبوارج الحربية في البحر المتوسط.حدد نتنياهو الهدف الاستراتيجي لحملته البرية القضاء على حزب الله( وليس احتلال جنوب لبنان) وعودة مغتصبي الشمال الى مغتصباتهم.بعد مضي اكثر من ثلاثة اسابيع على الحملة البرية ودبلوماسية هوكشتاين المكوكية بقيت قوات جيش الكيان تقاتل على حافة الجبهة اللبنانية في حركة افقية من الشرق الى الغرب ومن الغرب الى الشرق مع محاولات اقتحام محدودة .هناك من يعتقد ان الفرق العسكرية الستة عاجزة عن التوغل في العمق الجغرافي اللبناني( وهذا ليس من ضمن اهدافها) بسبب ضراوة المقاومة وهذا صحيح الى حد ما، لكن ما لم ينتبه اليه المحللون العسكريون والسياسيون هو ان امريكا والكيان اجريا تعديلا على قواعد اللعبة التي فرضتها عملية طوفان الاقصى وحرب الجبهات المساندة التي اطلقتها المقاومة الاسلامية اللبنانية وانصار الله في اليمن وفصائل المقاومة والحشد الشعبي في العراق في اليوم الثاني لعملية طوفان الاقصى.عمادها حرب استنزاف طويلة الامد وباسلوب ونمط اللعبة غير المحددة.ولم يظهر كل اللاعبين من صف المقاومة، بينما على الجهة المقابلة دخلت امريكا قاطرة الناتو من اليوم الاول الى جانب الكيان في السياسة والميدان.لقد راهن جيش الكيان على عدم قدرة اطراف محور المقاومة من الاستمرار في حرب الاستنزاف.واكتشف بعد مضي اكثر من عام على انطلاق عملية طوفان الاقصى ان ذلك محض اوهام.
في اللعبة غير المحددة يشارك فيها لاعبون غير محددي العدد والهوية.لا يوجد فيها قوانين متفق عليها وبلا وقت محدد بمعنى بداية ووسط ونهاية كما في كرة القدم على سبيل المثال.ومع ان هناك مواثيق واحكام تطالب اللاعبين باتباعها في سلوكهم واللعب ضمن الخطوط الواسعة والعريضة فان اللاعبين يلعبون بالطريقة التي يريدونها، واذا اختاروا ان يكسروا كل المواثيق فبامكانهم ذلك.ان نمط اللعب يختاره اللاعبون ويتوقف عليهم.وبامكانهم ان يغيروا اللعب في اي وقت ولاي سبب.وعليه فان نتنياهو ذو الاستراتيجية الواضحة والمعلنة والتي رفع سقفها لخلق شرق اوسط جديد خاضع لهيمنة كيانه وانها ليست حربا وجودية فقط، بل حرب القيامة تقوم على مسارين متوازيين حرب استنزاف مضادة طويلة الامد على الجبهة اللبنانية لضرب البنية العسكرية لحزب الله واستنزافها والمسار الثاني تشتيت الحاضنة الشعبيةلحزب الله ليس في الجنوب اللبناني فقط بل تمتد لتشمل مدن الساحل والبقاع وبعلبك والهرمل بالاضافة الى الضاحية الجنوبية لبيروت.وفي حرب الاستنزاف المضاد استخدم القدرة التدميرية لسلاح جوه ونيران بوارجه الحربية لتدمير البشر والحجر والشجر وسيستمر في ذلك مع عدم التقيد بالمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية. وهو يلعب بالطريقة التي يراها مناسبة وللاسباب التي يسوقهاهو.
ما زلنا نمارس اللعبة بمسارين مختلفين، المسار العسكري المشتبك بطوليا وبشكل اسطوري مع قوات العدو التي تتكبد خسائر جسيمة في العدد والعتاداما في المسار السياسي فما زلنا مشغولين بهوكشتاين  والقرار ١٧٠١ نتنياهو لا يريد لهذه الحرب ان تتوقف وهو يديرها بلا سقوف وبلا التزام بالمواثيق وبلا اخلاق بل بلا عقلانية وبمنتهى الاجرام والجنون فاغتال هاشم صفي الدين ويحيى السنوار الشهداء القادة الاسطوريان.
وبناءا على ما تقدم صار لزاما على محور المقاومة ان يلعب اللعبة غير المحددة باسلوب الفوضى الخلاقة التي لا هوادة ولا تهاون فيها، وبلا سقوف والاهم من ذلك ان لا نقيم الاعتبار للمواثيق والاحكام الدولية، وعلينا ان نتخلى عن العقلانية في الوقت الذي يوهمنا الطرف الاخر بانه يحترم العقلانية والقوانين والقرارات الدولية.علينا ان نفسد اللعبةبالكامل كي تستمر حتى نحقق اهدافنا التي بذلنا من اجلها الكثير من الدماء والشهداء والجرحى والمعذبين.لقد حان الوقت بان نزج بكل لاعبينا في اللعبة وان نستخدم كل انواع السلاح الذي بايدينا.
اعتقد جازما ان الشيخ نعيم قاسم الامين العام لحزب الله قد عبر  عن هذا بكل وضوح في كلمته المكتوبة والمتلفزة حيث اختصرها ببلاغة اللغة ووضوح البيان عندما قال:(( سنريهم بأسنا))يعني قوتنا الغاشمة.وعليه المطلوب من كافة المحللين السياسيين والعسكريين ان يركزوا على هذا الجانب العسكري من المواجهة وعدم اخذ جمهور المقاومة الى ساحة الاعلام والاتفاقيات والمبادرات التي تدور في الدوحة ولبنان.
قضيتناالدمار.                                                                  
والتراب الرب.                                                                  
لا وسط ولا نحل.                                                              
قضيتنا سلام بالسلاح...                                                         
فثم سلم حفرة.                                                              
وسلامنا جبل.                                                                 وان العنف باب الابجدية.                                                   في زمان عهره دول.                                                         قبيل ذهابكم للمسلخ الدولي وفدا.                                      ارسلوا السكين وفدا.                                                          ينتهي الخلل.                                                                   


م/زياد أبو الرجا
المصدر: موقع إضاءات الإخباري