شهدت لاهاينا في هاواي عام 2023 واحدة من أخطر حرائق الغابات التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص وأتت على نحو 6,500 فدان من جزيرة ماوي، كشفت هذه الكارثة مدى سرعة انتشار الحرائق، مما يجعل الاستجابة الفعّالة تحدياً صعباً ويؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
الهواتف المحمولة في خدمة الكشف عن الحرائق
تخيل أن التكنولوجيا يمكنها المساعدة في الكشف المبكر عن الحرائق؟ الحل قد يكون أقرب مما تتخيل – في هاتفك المحمول. طور باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا نظاماً جديداً يعتمد على جمع البيانات من مستخدمين متعددين، مما يقلل وقت تحديد مواقع الحرائق من ساعات إلى ثوانٍ معدودة باستخدام شبكة من الهواتف المحمولة منخفضة التكلفة المثبتة في المواقع المعرضة للخطر.
نظام FireLoc: الكشف عن الحرائق وتحديد موقعها
في المحاكاة الحاسوبية، أظهر النظام المعروف باسم FireLoc قدرته على اكتشاف الحرائق من مسافة تصل إلى 3,000 قدم وتحديد موقعها بدقة تصل إلى 180 قدماً من نقطة اشتعالها.
قدّم الباحثون ورقة بحثية بعنوان "FireLoc: تحديد المواقع متعددة الوسائط للحرائق بزمن استجابة منخفض" في مؤتمر ACM SenSys في 5 نوفمبر، كإثبات لمفهوم النظام.
سهولة الإعداد والاستخدام
يستطيع المستخدمون، من سكان المناطق المعرضة للخطر وأصحاب الأعمال، تركيب هاتف محمول منخفض التكلفة ومقاوم للعوامل الجوية في الفناء الخلفي أو على سطح المباني وتوجيه الكاميرا نحو الأشجار والشجيرات القريبة. تقوم نماذج الرؤية الحاسوبية المتقدمة بتحليل البيانات من كاميرات الهاتف وأجهزة الاستشعار الأساسية للكشف السريع عن الحرائق في غضون دقائق أو ثوانٍ.
يُركز النظام على المناطق ذات النشاط البشري القليل، حيث تلتقط الكاميرات صوراً للنباتات والطبيعة، مع استخدام تقنيات خاصة لتحديد المخاطر دون تصوير الأشخاص أو المنازل.
استجابة سريعة لإنقاذ الأرواح
يعتبر النظام خطوة مهمة لحماية الأشخاص والمنازل في المناطق عالية الخطورة مثل تلال هوليوود وجبال سانتا مونيكا ووادي سان غابرييل في جنوب كاليفورنيا. ووفقاً لشياو فو، طالب الدكتوراه في علوم الحاسوب، فإن تكلفة الإعداد أقل من 100 دولار.
يقول فو: "يهدف FireLoc إلى تحسين استجابة الحرائق، ودعم المناطق القريبة من الغابات، وتعزيز العيش بأمان في المناخات القاسية. إنه خطوة نحو تحسين الوقاية من الحرائق في المستقبل".
القيود التقليدية للكشف عن الحرائق
تعاني الطرق التقليدية مثل نقاط المراقبة والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار من عدة قيود تشمل التكلفة العالية والبطء والاعتماد على طاقة البطارية المحدودة، مما يدفع رجال الإطفاء إلى الاعتماد على الإبلاغ البشري، ما يصعب تحديد مواقع الحرائق بدقة.
أشار فو إلى أن هذه القيود تشكل تحديات كبيرة، خاصةً في الحرائق السريعة مثل حريق "كامب" في بارادايس بكاليفورنيا عام 2018، الذي أودى بحياة 85 شخصاً.
اختبارات المحاكاة
اختبر الفريق أداته باستخدام محاكاة تستند إلى بيانات حريق "جيتي" عام 2019 في لوس أنجلوس، حيث أنشأوا نموذجاً ثلاثي الأبعاد للتضاريس وحاكى سيناريوهات واقعية لتقييم أداء النظام وتوسيعه.
وضعت الكاميرات على ارتفاعات تماثل الطوابق الثانية أو أسطح المنازل، وأظهرت النتائج أنه باستخدام FireLoc تم اكتشاف أكثر من 40% من الحرائق في المناطق المستهدفة بأربع كاميرات فقط.
جمع البيانات وتكامل الحوسبة السحابية
تقوم الكاميرات بإرسال صور كل 30 ثانية عند اكتشاف الدخان أو الحريق إلى خادم سحابي، حيث يتم دمج الصور باستخدام نماذج الارتفاع الرقمية وتقنيات الرؤية الحاسوبية. رغم تعقيد العملية، لا يتطلب النظام صوراً عالية الجودة، بل يعتمد على خوارزميات لتحديد أفضل مواقع الكاميرات لتحقيق التغطية المثلى.
يؤمن الباحثون بأن هذا النظام هو الأول من نوعه في مجال جمع البيانات الذكية منخفضة التكلفة للكشف عن حرائق الغابات بهذه الطريقة.