أزمة الجيش المركبة تفسد رهان الكيان على عامل الوقت والاستنزاف
مقالات
أزمة الجيش المركبة تفسد رهان الكيان على عامل الوقت والاستنزاف
ايهاب شوقي
20 تشرين الثاني 2024 , 07:05 ص

إيهاب شوقي

نتمنى الانتباه للاحصائيات الواردة بالمقال 
أثبت صمود المقاومة الأسطوري على مدى أكثر من عام، أن عامل الرهان على الوقت يصب في صالحها لا في صالح العدو، ولا سيما بعد تواتر تقارير معاهد أبحاث ووسائل إعلام العدو حول تفاقم الخسائر ونقص القوة البشرية للتشكيلات القتالية في جيش الحرب الصهيوني، ناهيك عن أزمات التجنيد بمختلف أبعادها السياسية والمجتمعية والإستراتيجية. 
ورغم التضحيات المؤلمة والثمن الكبير الذي تدفعه بيئة المقاومة، ورغم التركيز الإعلامي على أعداد الشهداء واغتيال القادة والبيوت المهدمة ومحاولة الانهزاميين وعملاء الكيان تصويره على أنه هزيمة، فإن النظرة العلمية والإستراتيجية الحقيقية على خسائر الكيان والأزمات المتفاقمة داخل مجتمعه وداخل جيشه تثبت أن تفاعلاتها ستقود لانهيار صهيوني مؤكد وتثبت مقولة المقا.ومة العلمية والإيمانية أن النصر صبر ساعة. 
مؤخراً تواترت التقارير حول ارتفاع الكلفة البشرية والاقتصادية لخسائر العدو، وصدرت تحذيرات من خبراء العدو الإستراتيجيين، بضرورة وقف إطلاق النار لأن المسار الراهن العبثي سيقود إلى مزيد من الخسائر والانكشاف الإستراتيجي. 
وهنا نود التركيز على مظاهر هذا النقص وتداعياته على المستويات السياسية والاقتصادية والمجتمعية والإستراتيجية. 
مظاهر النقص وأسبابه: 
1-  طالب جيش الحرب الصهيوني بتمديد الخدمة في صفوف القوات النظامية، محذراً من أزمة تجنيد، حيث أفادت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" بأن نسبة التجنيد في صفوف الجيش لا تتعدى 83%. 
وأرجعت الأسباب إلى أن الحرب على جبهتي لبنان وغزة فاقمت النقص الحاد في قوى الجيش "الإسرائيلي" البشرية، لا سيما في أعقاب الخسائر الفادحة التي تكبدها في الجنود والضباط خلال المعارك البرية، وهو ما يستلزم تجنيداً فورياً للآلاف. 
وتوقعت إذاعة الجيش أن يصل التشكيل القتالي في العام 2025 إلى 81% فقط من الاحتياجات المطلوبة. 
2- على المستويات العاجلة، أشارت وسائل إعلام "إسرائيلية" إلى أن الواقع على الأرض يزداد تعقيداً، حيث يحتاج الجيش إلى سبعة آلاف مجند بشكل عاجل. 
كما أضاءت على أزمة خطيرة تتعلق برفض الالتحاق بالخدمة العسكرية، حيث كشفت معطيات تفيد بأن هناك 18 ألف جندي احتياط مقاتل و20 ألفاً من الإسناد القتالي المسجلين كجزء من قوة الاحتياط، لا يلتحقون عند استدعائهم، وفقاً لمعلومات شعبة القوة البشرية. 
3- نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً كاشفاً وخطيراً حول أزمة التجنيد في المجتمع "الإسرائيلي" والتسرب من الخدمة العسكرية والإعفاء من التجنيد لأسباب طبية ونفسية، وامتناع "الحريديم" عن الخدمة، إذ ادعى الجيش أنه كان يستطيع تجنيد 3 آلاف حريدي، ولكن في عام التجنيد السابق تم تجنيد 1200 فقط من أصل نحو 13 ألف مرشح للخدمة. 
كما كشف التقرير" أن واحداً من كل 3 رجال مطلوبين للخدمة العسكرية لم يدخل مكتب التجنيد على الإطلاق، وأن 15% من الجنود تسربوا خلال الخدمة العسكرية ولم يخدموا في الاحتياط على الإطلاق، في حين قفز عدد الحاصلين على إعفاءات من التجنيد لأسباب طبية ونفسية من 4 إلى 8% قبل الخدمة. 
4- أفادت تقارير صهيونية بأن 40 ألف مستوطن رفضوا الانخراط في الخدمة العسكرية في وحدات الاحتياط، وحذر جيش الاحتلال من تفشي ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في الاحتياط، ولجأ إلى تجنيد ذوي الحالات النفسية الصعبة، ممن تم إعفاؤهم لهذا السبب، بعد توقفهم عن تناول الدواء، وعرضهم مرة أخرى على الطبيب النفسي للجيش لتجديد التجنيد. 
5- حول الحالة النفسية والمعنوية لجيش الحرب الصهيوني، أفادت  بيانات جيش الاحتلال أن 11944 جندياً وصلوا إلى المستشفيات نتيجة إصابتهم في معارك مع المقاومة منذ 7 أكتوبر 2023‬ 
تفاقم الخسائر منذ أكتوبر: 
وبعد عام كامل، كان أكتوبر/تشرين الأول 2024 هو الشهر الأكثر دموية في "إسرائيل"، حسب وصف صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي قالت إن الخسائر في صفوف الجيش "الإسرائيلي" قد بلغت مستوى غير مسبوق. 
واعترف العدو الذي يكذب ويخفي خسائره بمقتل وإصابة 87 جندياً في أكتوبر حسب إحصائيات "هيئة البث الإسرائيلية"، بينما أحصت بيانات المقا.ومة اللبنانية بشكل دقيق خلال تشرين الأول/ أكتوبر مقتل 90 جندياً وضابطاً "إسرائيلياً"، وإصابة 750 آخرين، بخلاف القتلى والمصابين في مواقع وثكنات العدو عبر القصف الصاروخي وسلاح الطائرات المسيرة. 
تداعيات النقص الكارثية: 
أولاً، على المستوى السياسي: هناك أزمة سياسية، كشفت القناة الـ"14 الإسرائيلية" جانباً منها، مفادها أن الجيش "الإسرائيلي" سيصدر ألف استدعاء فقط لليهود (الحريديم) من أجل أداء الخدمة العسكرية خلافاً لطلب المستشارة القانونية بإصدار 7 آلاف استدعاء. 
وهذه الأزمة كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى إقالة وزير الحرب السابق "يوآف غالانت" وعلى رأس عوامل الخلاف بينه وبين نتنياهو وائتلافه. 
ومؤخراً، أعلن وزير الحرب الجديد "يسرائيل كاتس" أنه قرر السماح بإرسال 7000 أمر تجنيد لـ"الحريديم" اعتبارًا، وهو ما يعني تجدد الأزمة السياسية مرة أخرى. 
ثانياً: على المستوى الاقتصادي، في حزيران/يونيو الماضي وقبل تفاقم الخسائر الراهنة،  وبحسب القناة "12"  للتلفزيون "الإسرائيلي"، أكد رئيس الأركان هليفي أن النقص في القوات "لم ينجم عن الحرب وحدها، بل إنه نابع أيضاً من زيادة حجم المهام الإضافية للجيش"، وأشار إلى أنه لجأ اضطرارياً إلى حل مؤقت للمعضلة من خلال إنشاء 5 كتائب، تتألف من جنود سبق أن تم إعفاؤهم، وقال إن أزمة القوى البشرية في الجيش مكلفة للغاية، وإن المبلغ الذي أُنفق من خزينة الدولة منذ بداية الحرب لتجنيد قوات الاحتياط، تجاوز 40 مليار شيقل (11 مليار دولار). 
كما نقلت القناة عن جندي احتياط، جانباً آخر من التداعيات الاقتصادية، حيث قال إن هناك حالة استنزاف كبيرة في صفوف الجنود، وضغوطاً كبيرة من العائلات وأماكن العمل، وأن هناك انخفاضاً كبيراً في نسبة امتثال الجنود لاستدعاءات الجيش، الأمر الذي دفع إلى نشر إعلانات للبحث عن متطوعين للقتال في غزة عبر تطبيق "واتساب"، وهو ما يعني كلفة إضافية لتحنيد المتطوعين والمرتزقة. 
ثالثاً: على المستوى الإستراتيجي، هناك خطر إستراتيجي يتعلق بالقوة القتالية البشرية للجيش مع تفاقم التحديات، وكذلك أزمة مجتمعية متطورة على المستوى الإستراتيجي تنذر بتفكك مكونات المجتمع وصدامات أهلية داخله. 
وقد قدّر البروفيسور "إيال بن آريه" الباحث في معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن أن الحرب متعددة الجبهات كشفت عمق أزمة التجنيد في الجيش "الإسرائيلي"، وتساءل عما إذا كان نموذج التجنيد يلبي احتياجات المؤسسة العسكرية بعد حرب غزة. 
وحول الأزمة المجتمعية، كشفت منظمة يسارية "إسرائيلية"، عن ارتفاع غير مسبوق في عدد رافضي الخدمة في الجيش "الإسرائيلي" خلال حربه المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 
وترى المنظمة أن "كل مواطن في دولة ديمقراطية عندما يخدم في الجيش يجب أن يقرر ما هي خطوطه الحمراء، وأي تصرفات تتجاوز تلك الخطوط". 
ونقل موقع "زمان إسرائيل" الإخباري العبري عن المنظمة أنه "في الأشهر الأخيرة كان هناك زيادة في عدد اليساريين الذين يرفضون التجنيد احتجاجًا على سياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين، وأن هناك ارتفاعًا في عدد الرافضين للخدمة خلال الحرب الحالية وأنه أمر غير مسبوق". 
كما نقل الموقع عن الناشط اليساري "ديفيد زونشاين"، مؤسس حركة "الشجاعة بالرفض"، أنه تلقى "طلبات للمساعدة من عشرات الرافضين خلال الحرب الحالية، وخاصة في الأشهر الأخيرة، وهو أكثر بكثير من الطلبات التي تلقاها في السنوات الأخيرة". 
وأرجع ذلك إلى "تعقد الحرب، وجرائم الحرب المرتكبة، والاحتجاج المتزايد ضد سلوك الحكومة، وبالإضافة إلى الرفض الأيديولوجي، يوجد رفض من جنود أنهكتهم إطالة أمد الحرب".
ومع نذر الصدام مع اليهود "الحريديم"، فإن العدو مقبل على أزمة مجتمعية مركبة على المستويين العمودي والأفقي. 
والخلاصة، أن المقا.ومة صامدة وبيئتها متماسكة وموحدة، وينضم إليها مقاتلون جدد ممن يريدون المشاركة في معارك الشرف ومن عشاق الشهادة، بينما تتفكك بيئة العدو وينسلخ من قواه البشرية الجبناء ممن يهابون مواجهة المقا.ومين، والمرضى النفسيون وغير المؤمنين بجدوى القتال وشرعيته.
[19/11, 16:24] حسين المير لبنان: قمة رياض جديدة .. هل من جديد ؟! 
***************************
قد يبدو كثيراً مما سيرد في هذا المقال مكرراً كما هي كلمات الرؤساء والقادة العرب والمسلمين في قممهم المزعومة، ففي ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ أعلنت المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة عن قيامها بعملية طوفان الأقصى، والتي على أثرها بدأ العدوان الصهيوني على غزة والذي شكل الحدث الأبرز على الساحة الدولية، فأمام الهمجية الصهيونية التي تفوقت على نفسها، تراجعت وتضاءلت كل الأحداث التي شغلت الرأي العام العربي والعالمي، فلم نعد نسمع ولا نرى عبر كل وسائل الإعلام أخبار الحرب الروسية – الأوكرانية التي استحوذت على اهتمام الرأي العام العالمي لما يزيد على العام ونصف العام متصلة، وتراجعت بقوة أخبار الصراع في السودان بين الجيش السوداني بقيادة البرهان ومليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي، وتلاشت أخبار الانقلاب العسكري في النيجر على محمد بازوم الرئيس الموالي للغرب والمنفذ للأجندة الفرنسية، ولم يعد أحد يذكر ما يحدث في ليبيا واليمن وسورية والعراق، وتوقف الحديث نهائي عن الملف النووي الإيراني، وغيرها من الأحداث والأخبار التي كانت تستحوذ على المساحة الأكبر فيما تبثه الآلة الإعلامية المحلية والإقليمية والدولية.
 
 فما فعلته وتفعله الآلة العسكرية الصهيونية من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني في غزة دون شفقة أو رحمة، لدرجة أن العين اعتادت على رؤية دماء الأطفال والنساء والشيوخ، والنعوش التي تحمل أجسادهم الطاهرة بعدما فارقتها أرواحهم، جعل هذا الحدث هو الأكبر والأعظم الذي يهز الضمير الإنساني ويحرك الجماهير المنددة بالعدوان حول العالم، وجعل وسائل الإعلام حول العالم عاجزة عن استبعاد وتهميش الحدث الجلل، بل اجبرت الآلة الإعلامية الدولية على وضع الحدث في بؤرة التركيز والدلالة، ووفقاً لأهمية الحدث عقدت قمة عربية – إسلامية استثنائية في ١١ نوفمبر ٢٠٢٣ في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية وهي قمة طارئة مشتركة بين دول جامعة الدول العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي، لبحث العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني. 
 
وبالطبع استحوذت أعمال القمة على اهتمام الرأي العام العربي والعالمي ولما لا والمجتمعون يشكلون ما يزيد على ربع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يوحي بإمكانية التأثير خاصة إذا أسفرت القمة في بيانها الختامي عن قرارات واضحة وحاسمة، وهنا وقبل التوقف أمام أهم ما جاء بنص البيان الختامي لقمة الرياض الأولى في نوفمبر ٢٠٢٣ وجب الإشادة بقوة اللغة الخطابية للزعماء العرب والمسلمين المشاركين في هذه القمة، حيث اتسمت الكلمات بعبارات الشجب والتنديد والإدانة للممارسات العدوانية الإسرائيلية بصورة فاقت كل القمم السابقة، وكانت أهم قرارات القمة هي: (إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة .. والمطالبة بضرورة وقفه فوراً، وكسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا")، وكان سؤالنا في حينه وفي مقال على نفس هذه المساحة هل يوقف قرار قمة الرياض العدوان على غزة ؟ وكانت إجابتنا القاطعة لا وذلك لأن القمة المزعومة لم تنجز أي آلية واقعية لوقف العدوان على غزة، ولم تتخذ قرار يمتلك قوة التنفيذ، وبالفعل مر عام كامل على هذه القمة استمر فيها العدوان الصهيوني على غزة، بل وألحق بها لبنان، وخلال الأسبوع الماضي انعقدت قمة رياض جديدة، لذلك تساءلنا هل من جديد؟! 
 
وجاءت القمة الجديدة بكلمات حماسية شجب وتنديد وإدانة للممارسات العدوانية الإسرائيلية كالعادة ليست على غزة فقط بل ولبنان أيضاً، وجاء البيان الختامي ليعيد تكرار نفس قرارات القمة الماضية مع اختلاف وحيد هو إعادة الصياغة واستخدام كلمات ومصطلحات مرادفة حيث أكد على (إنهاء تداعيات العدوان الإسرائيلي على المدنيين، ومواصلة التحرك بالتنسيق مع المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتعريض إسرائيل السلم والأمن الإقليميين والدوليين للخطر)، كما حذر البيان الختامي من (خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، ومن توسع رقعة العدوان الذي امتد ليشمل لبنان، ومن انتهاك سيادة العراق وسورية وإيران دونما تدابير حاسمة من الأمم المتحدة، وبتخاذل من الشرعية الدولية). 
 
ولسنا في حاجة لمزيد من القراءة والتحليل في محتوى قرارات قمة الرياض الجديدة للإجابة عن السؤال المطروح هل من جديد ؟! فالإجابة القاطعة لا، فالقمة الجديدة مثل سابقتها قبل عام لم تنجز أي آلية واقعية لوقف العدوان على غزة ولبنان، ولم تتخذ قرارات تمتلك قوة التنفيذ، فالبيان الختامي جاء خالي من أي خطوات عملية للضغط على العدو الصهيوني لوقف عدوانه على غزة ولبنان، لذلك نقول لك الله يا شعب فلسطين ولبنان، ولا سبيل إلا المقاومة حتى النصر أو الشهادة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
 
بقلم / د. محمد سيد أحمد

موقع إضاءات الإخباري


المصدر: موقع إضاءات الإخباري