كتب د. أحمد عيّاش:
مقالات
كتب د. أحمد عيّاش: "أفخاي خبّر دولتك ... الخيام مربط خيلنا..."
25 تشرين الثاني 2024 , 16:49 م


صحيح وصعب نكران أنَّ التضحيات جسيمة، واكثر من ذلك ونقول الحق: استشهاد سيّد الفدائيين وحدَهُ يساوي خسارة نصف الحرب.

كل هذا صحيح.
إنما ما زالت القرى الأمامية تقاتلُ وحدها، وحدها تقاتل.
يا وحدنا:
بعد اكثر من سنةٍ من القصف اليومي الارتجاجيّ والمتواصل،ومن توغُّلٍ برّيٍّ مُعْلَنٍ منذ خمسةٍ وأربعينَ يوماً، ما زالوا يحاولون الاستقرارَفي قرىً أماميةٍ، ويحاولون احتلالَ بلدةِ الخيام، ويفشلون.
من هم ؟

خامسُ جيشٍ في العالم، ومعهم إفرَنْجُ الغربِ،وتتارُ الشرق ومغوله و عسس آخرون.

ما زالَ المقاتلونَ في بلدةِ الخيام يواجهونَ ويقتحمونَ ويختبئونَ، ثم يظهرونَ كالبرقِ، ومع الرعدِ وسطَ الظلام،وحتى في الضوء،فأيّة مزاعمَ هي أنْ يحتلوا النبطية وبنت جبيل وصور؟
 لا، بل عن أيةِ حماقاتٍ يتحدثون عن احتمالِ عبور ِصيدا، وصولاً إلى أسوار بيروت.؟
خسِئوا والله.
إنّها حربٌ نفسيةٌ تافهة.
وهم تافهون.

صحيحٌ أنَّ شهداءَنا ما زالوا تحت الركام، ونازحينا بمئات الآلاف،وربما تخطوا المليون، وأنّنا ما ننتهي من إخلاءِ حيٍّ حتى نُخلي حيّاً آخر،لانُنْكِرُ ابداً عذابات شعبنا،كلُّ هذا صحيح، 

إنما الصحيحُ أيضاً أنَّ النازحينَ عند العدوِّ يزدادون، وصواريخُنا مازالت تسقطُ في حيفا وما بعد حيفا، فعن أيِّ احتلالٍ دائمٍ يتحدثون؟

خسئوا مرّةً أُخرى.
لسنا بخيرصحيح، إنما لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يُنْكِرَ بطولاتِ فدائيينا في الجنوب: صمودٌ لا يُدانيهِ غيرُصمودِ فدائيي ستالينغراد وغزة وجنين .

يُحْكى أنَّ الرئيسَ رياض الصُّلْح، في سنة 1935، وعندما أرادَ تحدِّيَ الكومندان الفرنسي المحتلّ بشكوف، طلبَ من السيد عبدِ اللطيفِ الأسعدِ أنْ يترشحَ لِلنِّيابة، فكان من خطتِهِ الاعلاميةِ الِانتخابية كان حُداءُ السيد علي هيدوس:

"بشكوف خبِّرْ دَوْلْتَكْ: سُلطانُنا عبدُاللطيف.
باريسُ مَرْبَطُ خَيْلِنا، و رَصاصُنا يُوَصِّل چنيڤ".

وبما أنَّ الأسماءَ والزمنَ يتبدلانِ والمقاومةُ مُستمِرّة، نستعيرُ الحُداء ونقول:
"أفخاي خبّر دولتك 
شَهِيدُنا حسنُ الحبيبْ
الخيام مربطُ خَيْلِنا
و رَصَاصُنا يُوَصِّلُ تل أبيب...

ولِنَرْسم ابتسامةً على شِفاهِكم وَسَطَ المأساةِ اليومية؛ يُحكى أنَّ نِقاشاً احْتَدَمَ بِقُوّةٍ، بين أستاذٍ بعثيٍّ وأُستاذٍ شيوعيٍّ سنة 1978، في ساحةِ قريةٍ جَنوبِيّةٍ أماميّةٍ، حولَ زيارةِ الرئيس أنورِ السادات للكيان المؤقت، وما هي إلّا لَحَظات حتى انهمرَتْ قذائفُ  العدوِّ الدّائم  على الساحةِ،وبينما هُما يركُضانِ بسرعةٍ  بين"الجلالي والحواكير"إذابالاستاذ حسين، الشيوعي، يصرخُ للأُستاذ البعثي، والإثنانِ يلهثان ركضاً خلف بعضهما البعض:
-يا بومحجوب وماذا تقولون عن الحلّ السلمي؟
فأجابهُ بغضبٍ، بعدما انتصب وعاد للرّكضِ، بعدما كانَ قد تعثَّرَ ووَقَعَ بين الصخورِ والأحجار :
-- الحلُّ السلميُّ لن يمرَّ؛ على جُثّتِي لن يمرّ.
مستحيل...المجد للفدائيين .
وكما أخبَرْناكُم: تتغيرُ الأسماءُ والراياتُ،وحتى العناوين تتغيّرلكِنّما المقاومةُ مستمرة:

أفخاي خبّرْ دَوْلْتَكْ:
 الخيام مربط خيلنا.
المصدر: موقع إضاءات الإخباري