2024 عام الزلازل وعام 2025 عام الهزات الإرتدادية
مقالات
2024 عام الزلازل وعام 2025 عام الهزات الإرتدادية
31 كانون الأول 2024 , 16:54 م


بقلم :- راسم عبيدات

قبل الدخول في عام 2024،كان الزلزال الكبير، زلزلال السابع من اكتوبر/2023،فالحدث بحجمه وضخامته،وعدم القدرة على توقعه لا اسرائيلياً ولا فلسطينياً ولا حتى على صعيد المنطقة والإقليم والعالم،فهذا الحدث ترك تأثيراته وإرتداته على المنطقة والإقليم والعالم،وكذلك الزلزال الآخر الذي اصاب المنطقة والإقليم والعالم،هو التغيرات الجيو سياسية التي حدثت في سوريا برحيل النظام السوري السابق وسقوطه برعاية عسكرية وامنية تركية وشراكة امريكية - اسرائيلية وأدوات تنفيذية من مجاميع ارهابية وتكفيرية من 37 جماعة مسلحة،أبرزها ،ما يعرف بهيئة تحرير الشام،التي رعتها تركيا،وشكلت رأس حربتها التنفيذية في فرض انتدابها على سوريا، وكذلك قطر كانت الراعي المالي والإعلامي لهذا الزلزال، وقبل هذا الزلزال ،كانت سوريا،محط استقطاب وتواجد للقوى العظمى والإقليمية امريكا وروسيا وايران واسرائيل وتركيا، ناهيك عن المجاميع الإرهابية والتكفيرية وقوى المقاومة،الزلزال السوري الكبير، خلق معادلات اقليمية ودولية جديدة، ستظهر ارتدادتها في عام 2025.

ولعل من ابرز المفاجأت التي حملها عام 2024، هو انتقال المحور من الجانب النظري والإعلامي والشعاري الى الجانب العملي في الميدان،حيث انطلقت جبهات الإسناد لغزة من لبنان واليمن والعراق،وكان المفاجىء الأكبر هو اليمن،بما اظهره من شدة وقوة بأس وقدرات عسكرية في إطار امتلاكه وتطويره للصواريخ البالستية والفرط صوتيه ومسيراته الإنقضاضية،التي لأول مرة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، تستهدف فيها المدمرات والبوارج الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر،وتهرب من البحر الأحمر،بعد اعطاب العديد منها بفعل صواريخ اليمن ومسيراته، اليمن اثبت أنه اللاعب الرئيسي في البحر الأحمر ،فلم يسمح لأي سفينة مهمها كان جنسيتها وهويتها تحمل بضائع لإسرائيل بالمرور من البحر الأحمر ،وفرض حصار اقتصادي بحري على اسرائيل وشل بشكل كامل ميناء ايلات " أم الرشراش"،ولم تتوقف صواريخ ومسيراته عن استهداف اهداف عسكرية وحيوية في عمق اسرائيل وفي جنوبها وشمالها،وكان الشعار المرفوع دوماً،لن تتوقف جبهة الإسناد لغزة إلا بوقف العدوان عليها.

اليمن بات مصدر قلق كبير للمؤسستين العسكرية والأمنية في اسرائيل،فكل منظوماتها الجوية الدفاعية ومعها المنظومات الدفاعية الأمريكية، باتت تفشل في اعتراض الصواريخ الفرط صوتية اليمنية،في تحد واضح لمنظومة الأمن الإسرائيلي واصابتها في مقتل،وانهاك للجبهة الداخلية الإسرائيلية،التي لا تحتمل حرب استنزاف طويلة،بحيث بات اكثر من مليون مستوطن يهرعون بشكل شبه يومي للملاجىء على وقع صواريخ اليمن ومسيراته،وكذلك حركة الملاحة الجوية في مطار اللد تتوقف.

اليمن قد يتعرض لعدوان واسع امريكي- بريطاني اطلسي واسرائيلي،وربما ذلك قد يشعل حرباً اقليمية، حرب تهد التجارة العالمية وخطوط امداد الطاقة،وسيكون لها ارتدادات عميقة على انهيار البورصات العالمية والأسهم،،والإرتفاع الجنوني في اسعار النفط والغاز،والذي ستعاني منه اوروبا الغربية على وجه التحديد،كون المورد الرئيسي لغازها روسيا يمنع عنها ذلك.

وبالقدر الذي حمل فيه عام 2024 زلزال كبرى، أيضاً كانت هناك مفاجأت كبرى، حيث نجحت اسرائيل في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران،والرئيس اللاحق يحيى السنوار الذي ارتقى في قطاع غزة،والخسارة الأضخم كانت على صعيد الحزب في لبنان،حيث نجحت اسرائيل من بعد الحزمة الثلاثية القاتلة،بتفجير اجهزة " البيجر" و"الأيكوم" وما اعقبها من اغتيال لكبار قادة الحزب العسكريين والأمنيين وصولاً الى اغتيال الأمين العام رمز المحور وقائده،وصاحب "الكريزما" الشخصية والجماهيرية،نصر الله ونائبه هاشم صفي الدين.

عام 2024 كشف حجم الإنهيار والتخاذل والتبعية العربية والإسلامية،وهشاشة النظام الرسمي العربي،وأبعد من ذلك تآمر هذا النظام وانخراطه في المشاريع والمخططات الأمريكية والإسرائيلية المستهدفة تصفية دول وقوى وبؤر المقاومة في المنطقة عربية والإسلامية،والدول العربية الكبرى بشرياً وعسكريا والدول العربية الغنية،لم تكن جزء من خوض المعارك التي خاضتها وتخوضها المقاومة على أكثر من جبهة،بل من يقود تلك المعارك ،هي الشعوب والدول الأكثر فقراً ،والتي تعيش تحت حصار اقتصادي ومالي أمريكي خانقين.

كما كشفت زلازل عام 2024 ،بأن الجماهير العربية ،من شدة القمع والتنكيل والدمار والقتل و"التوحش" و"التغول" الإسرائيلي والإستعماري،كانت "مضبوعة"،وتعاني من حالة تدمير لمعنوياتها ونفسياتها الجمعية،وبالتالي لم تكن على مستوى التحديات والمخاطر المحدقة بالأمة وقوى المقاومة ،في حين كانت القوى والأحزاب العربية بمختلف تلاوينها ومركباتها السياسية قومية ووطنية واسلامية، تمثل حالة بائسة وبدت مشلولة وعاجزة،وغير قادرة ان تشكل حاضنة أو رافعة للجماهير.

عام 2025 هو عام يمني بإمتياز،ولكن هناك غزة ،حيث مصير صفقة التبادل ووقف إطلاق النار والإنسحاب الإسرائيلي الشامل من القطاع، هل سيتم حسم ذلك أم أن الأمور ستمضي دون صفقة تبادل ووقف إطلاق نار،وهناك جبهة لبنان،هدنة تترنح وعدو يواصل خرقها بشكل يومي ومتواصل،ويعلن نيته عدم الإلتزام بتنفيذ وقف إطلاق النار،وسعيه لفرض معادلات ردعية جديدة،ومقاومة تقول بعد اليوم 60 واذا لم تلتزم اسرائيل بأليات القرار 1701) فالمقاومة ستقول كلمتها.

وعام 2025 ،هو عام الرئيس الأمريكي ترامب متقلب المزاج ،فهل سيواصل الحروب في المنطقة والعالم،وهل سيعمل على تنفيذ شعاره وقراره، بأنه سينهي الحروب في العالم ولن يخوض حروباً جديدة،وأنه سيتفرغ لشعاره المرفوع امريكاً اولاً،أمريكا العظيمة،بدل استنزافها في حروب أمريكا العظمى في المنطقة والإقليم والعالم.

رحل عام 2024،عام الزلازل وأتى عام 2025 عام الهزات الإرتدادية،والتي ستكون الأولى منها في لبنان،بين وقف إطلاق نار يترنح،ويريد نتنياهو التحلل منه وفرض معادلات ردع جديدة،وبين استحقاق رئاسي لإنتخاب رئيس لبناني جديد في التاسع من كانون ثاني /2025،فتأجيل انتخاب الرئيس يعني شيء،والنجاح بالإنتخاب يعني شيئاً أخر،وهوية الرئيس المنتخب تعني اشياء كثيرة،ويعطي اشارات حول اتجاهات العام الجديد.

فلسطين – القدس المحتلة

1/1/2025

[email protected] 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري