استكشاف أسرار الدماغ باستخدام مسبار ضوئي فائق الدقة
منوعات
استكشاف أسرار الدماغ باستخدام مسبار ضوئي فائق الدقة
8 كانون الثاني 2025 , 13:28 م

طور باحثون تقنية جديدة تُعرف باسم "الفانوس الجزيئي"، تتيح مراقبة التغيرات الجزيئية في الدماغ دون الحاجة إلى إجراءات جراحية، هذه التقنية تعد إنجازا كبيرا في فهم الأمراض العصبية والسرطانية.

مراقبة الدماغ دون تدخل جراحي: آفاق جديدة

لا يزال فهم تأثير السرطان واضطرابات الدماغ العصبية على المستوى الجزيئي دون إجراءات جراحية يمثل تحديا كبيرًا. لكن تقنية جديدة تم تطويرها باستخدام مسبار رفيع للغاية يُدخل الضوء إلى أدمغة الفئران توفر حلاً لهذه المشكلة. وقد نُشرت هذه التقنية في مجلة Nature Methods بفضل تعاون دولي قادته فرق بحثية إسبانية.

"الفانوس الجزيئي": إضاءة جديدة على الدماغ

يُطلق على التقنية الجديدة اسم "الفانوس الجزيئي"، حيث تعتمد على الضوء لكشف التركيب الكيميائي لأنسجة الدماغ. تتيح هذه التقنية تحليل التغيرات الجزيئية الناتجة عن الأورام أو الإصابات مثل إصابات الرأس، مما يوفر أداة جديدة لدراسة هذه الحالات المعقدة.

يتميز هذا المسبار بأنه أقل من 1 ملم سماكة، وطرفه لا يتجاوز ألف جزء من المليمتر، مما يجعله غير مرئي للعين المجردة. يمكن إدخاله بعمق داخل الدماغ دون التسبب بأي أضرار.

الريادة الأوروبية في التقنية الجديدة

تم تطوير هذه التقنية ضمن مشروع "NanoBright" الأوروبي، بمشاركة فرق إسبانية مثل مختبر الدوائر العصبية في معهد كاخال التابع للمجلس الوطني الإسباني للبحوث (CSIC)، ومجموعة أبحاث أورام الدماغ في المركز الوطني الإسباني لأبحاث السرطان (CNIO). كما ساهمت مؤسسات إيطالية وفرنسية في تطوير المعدات اللازمة.

تقدم علم الأعصاب دون تعديلات وراثية

رغم أن استخدام الضوء لتفعيل وظائف الدماغ أو تسجيلها ليس جديدًا، إلا أن الطرق السابقة مثل تقنية "التعديل الوراثي الضوئي" كانت تتطلب تعديل الجينات لجعل الخلايا العصبية حساسة للضوء. أما التقنية الحالية فلا تتطلب أي تعديل وراثي، مما يمثل نقلة نوعية في البحث العلمي.

الأساس العلمي: التحليل الطيفي الراماني

يعتمد "الفانوس الجزيئي" على تقنية تُعرف باسم التحليل الطيفي الاهتزازي، التي تستفيد من تأثير رامان. هذا التأثير يُظهر كيفية تفاعل الضوء مع الجزيئات لإنتاج إشارة تُعتبر بصمة جزيئية توفر معلومات تفصيلية عن التركيب الكيميائي للأنسجة المضيئة.

دراسة الأمراض الدماغية في حالتها الطبيعية

تتيح التقنية الجديدة دراسة الدماغ في حالته الطبيعية دون الحاجة إلى تعديل أو فتح الجمجمة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدامها لتحليل أي نوع من هياكل الدماغ، وليس فقط الهياكل المعدلة وراثيًا كما كان الحال مع التقنيات السابقة.

التطبيقات الجراحية والبحث المستقبلي

يُستخدم التحليل الطيفي رامان حاليا في جراحات الدماغ، لكنه يعتمد على تقنيات جراحية مفتوحة. أما "الفانوس الجزيئي"، فيعد أداة بحث واعدة في النماذج الحيوانية، وقد يسهم في تشخيص أنواع مختلفة من الأورام وتمييزها بناءً على خصائصها الجزيئية.

الذكاء الاصطناعي والتشخيص الجزيئي

استُخدمت التقنية لدراسة مناطق الدماغ المعرضة لنوبات الصرع المحيطة بإصابات الدماغ. كشفت الدراسات أن هذه المناطق تُظهر أنماط اهتزاز مختلفة، مما يتيح استخدام الذكاء الاصطناعي لفصل الكيانات المرضية المختلفة وتصنيفها.

آفاق واعدة لتقنيات الأعصاب

دمج تقنية التحليل الطيفي مع تقنيات أخرى لتسجيل نشاط الدماغ والتحليل المتقدم بالذكاء الاصطناعي يُمكّن من تطوير مؤشرات تشخيصية دقيقة. هذا التكامل سيساهم في تطوير تقنيات عصبية متقدمة تُحدث ثورة في التطبيقات الطبية.