كتب الأستاذ حليم خاتون:
هل بدأت الحرب العالمية الثالثة
كما سماها الدكتور طلال ابو غزالة...؟
يبدو السؤال مبالغا فيه بعض الشيء...
هناك على الأقل ساحتان حاميتان في العالم حتى اليوم، وساحة ثالثة، وربما رابعة تتهيأ...
هناك ساحة أوكرانيا في شرق أوروبا، وساحة غزة في غرب آسيا...
وفي الانتظار، هناك تايوان في شرق آسيا، ومجموعة بلدان في اميركا الوسطى والجنوبية...
في شرق أوروبا، هناك روسيا ومعها بيلاروسيا وكوريا الشمالية في جهة، وأوكرانيا في الواجهة ومعها أميركا والإتحاد الأوروبي الذي يضم ٢٧ دولة في الجهة المقابلة...
الساحة الثانية هي الشرق الأوسط حيث يقوم الكيان الصهيوني بحرب شاملة على الفصائل غير الحكومية في محور المقاومة الذي تدعمه إيران حصرا...
في الساحة الثانية خلف إسرائيل، كل حلف الناتو بجميع أعضائه بما في ذلك تركيا التي نفذت خطة تتلاقى مباشرة مع حلف الناتو، وغير مباشرة مع إسرائيل في سوريا...
في هذه الساحة، من شبه المؤكد ان الاسرائيليين تلقوا دعما مباشرا بشريا وتقنيا من الناتو وحتى من دول عربية قامت بدور حرس حدود او حتى جدار حماية لهذا الكيان من هجمات فصائل محور المقاومة...
ربما من الأفضل النظر الى هذه الحروب على أنها بدايات او انها تشكل المرحلة الأولى من الحرب العالمية...
هل كسبت أميركا الجولة الأولى في هذه الحرب العالمية الثالثة؟
تشير كل الدلائل على أن هذه المرحلة من هذه الحرب انتهت بتقدم حلف الناتو بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط حيث سقطت سوريا بالكامل في ايدي حلف الناتو والكيان بالإضافة إلى تحقيق ضربات نوعية وتدمير كبير في غزة وفي لبنان...
حتى في أوكرانيا، الشيء الوحيد الذي منع تقدم وفوز الناتو هو خوفه من قوة روسيا النووية(وهذا بالضبط ما لم تفهمه إيران حتى اليوم وهي تتمسك باجتهاد فات عليه الزمن والمنطق؛ بل هو من الاساس بلا اي اساس)...
مرة أخرى، هل انتصرت اميركا؟
برغم الربح بالنقاط في هذه الجولة الأولى، تريثت اميركا وتحسبت لما يمكن أن يظهر، إلى أن تفوق عليها في المجاهرة بالعداء للمقاومة كثير من القوى في فلسطين، في لبنان وفي العالم العربي...
في الساحة الأولى في أوكرانيا من المرجح أن يسير ترامب باتجاه إيجاد تسوية ما مع الروس وفقا لنصائح جون ميرشايمر التي تدعو الى فك الارتباط الذي نشأ بين روسيا والصين بفضل سياسة بايدن...
نفس الحذر كان يبديه الاميركيون في الساحة الثانية حين تحدثوا في الفترة السابقة عن جنوب الليطاني...
حتى الاسرائيليون ركزوا كل طلباتهم على جنوب الليطاني في الفترة نفسها إلى أن وجد هؤلاء كما وجد الاميركيون معهم أن في لبنان كما لا بأس به من العبيد البيض...
لم يكن جورج شاهين أول من خرج يفسر اتفاق وقف النار على أنه استسلام لحزب الله؛ جماعة القوات تبارزوا في النيل من المقاومة والرقص والدبكة لسقوط شهدائها؛
تفوق وضاح الصادق على إدي كوهين، وتجاوز مارك ضو افيخاي ادرعي حتى احتار الناس مَن الأكثر صهيونية بين كل هذا الجمع...
بكل أسف ما حصل سنة ٦٧ تكرر مرة أخرى سنة ٢٣...
في الأول من حزيران ٦٧ تهيأ الجيش المصري لتوجيه ضربة استباقية للعدو الاسرائيلي...
هرع اليه السفير السوفياتي قبل منتصف الليل يطلب منه عدم المبادرة إلى الهجوم حتى لا تفقد القضية العربية شرعيتها...
لوكان عبد الناصر قام هو بالهجوم في تلك الحرب الاستباقية لكان على الأقل تجنب نكسة/نكبة الخامس من حزيران حين اغارت طائرات الكيان ودمرت كل الجيوش العربية في مصر وسوريا والأردن...
نفس الأمر حصل مع حزب الله الذي لبس عباءة الصبر الاستراتيجي والخوف من أعداء الداخل ومن الجماعات التكفيرية المنتشرة في المخيمات الفلسطينية وبين النازحين السوريين...
لو كان السيد نصرالله اطلق الصواريخ على تل أبيب بعد الاستهداف الأول لضاحية بيروت، لكان عطل مشروع البيجرز لأن خطط الحرب كانت سوف تكون قيد التنفيذ ولا يمكن لأي بيجر أن يعطلها...
لو كان السيد نصرالله رد منذ اليوم الأول على التدمير بالتدمير، لكانت نصف تل أبيب تحت الانقاض ولكان الكيان قد تفتت وانهار...
طبعا كانت أميركا سوف تجتاح المنطقة وتحتل البلاد...
أليس هذا ما حصل اليوم...
ألم يجتاحوا غزة
ألم يستبيحوا الضفة؟
ألم يجتاحوا سوريا بجحافل من وحوش القرون الوسطى؟
أليس لبنان اليوم تحت الهيمنة الأميركية الكاملة؟
عل الأقل،
لو كنا دمرنا الكيان في حرب شاملة لكنا كسبنا حاجة واحدة على الأقل وهو زوال النظام الاستعماري الاستيطاني...
٠بدل أن نقع تحت احتلال همج الجولاني، وهيمنة ليز جونسون وهوكشتاين الذي قام بتعيين رئيس للجمهورية سوف نضطر عاجلا أم آجلا لمواجهته...
بعد انتخابه رئيسا، تكلم جوزيف عون وقال كلمات عامة لا نعرف إلى أين سوف تؤدي.
لكننا نعرف بالتأكيد أن لبنان دخل العصر الأميركي العراب الأول والأكبر لعدو الأمةالعربية والكيان اللبناني بالأخص...
في برلمان لبنان صفق العبيد البيض لكلمات جوزيف عون واستنتجوا منها نزع سلاح المقاومة...
صفق العبيد لتنفيذ ما تطلبه إسرائيل...
محمود عباس في فلسطين...
كل الخوف أن يأتينا محمود عباس لبناني يضيّع البلد كما فعل محمود عباس بفلسطين...