صراع القوى الدولية على المحيطات وانعكاسه على الاقليم
مقالات
صراع القوى الدولية على المحيطات وانعكاسه على الاقليم
د. محمد صادق الحسيني
13 كانون الثاني 2025 , 10:30 ص


كتب د. محمد صادق الحسيني

تتسارع الاحداث في العالم على اكثر من مستوى ، لكن اهمها في هذه اللحظة هي تلك الشهية الامريكية المفتوحة فجأة على الممرات والقنوات التي تربط المحيطات ببعضها البعض…

ولنأخذ جزيرة غرينلاند على سبيل المثال لا الحصر

تاركين بانما وخليج المكسيك لوقت اخر

فماذا يحصل هناك ولماذا يهرول ترامب مسرعاً ويطالب باحتلالها او امتلاكها او الاستيلاء عليها لا فرق!؟

المعلوم ان روسيا الاتحادية بقيادة بوتين قررت اختصار طريقها لاوروبا والمياه الدافئة عن طريق فتح طريق لها الى اوروبا عبر اجتياز القطب المتجمد الشمالي

بعد قيام الولايات المتحدة بالتضييق عليها وعلى الصين من خلال السيطرة على الممرات الاساسية الشهيرة في المحيط الهندي جنوبا مثل مالاقا والبنغال وچوادر في الباكستان ووو….

ولمن لم يطلع بعد فان روسيا بدات منذ مدة بفتح هذا الطريق عن طريق كاسحات جليد تعمل بالطاقة النووية ( تملك منها ٥٣ كاسحة مقابل كاسحة واحدة فقط تملكها امريكا)

وهذا الطريق الذي سيوصل روسيا باوروبا يمر عبر جزيرة غرينلاند هذه الحزيرة المحاذية لاراضي الدانيمارك

والهدف منه هو ايصال الغاز الذي تم قطعه عبر اوكرانيا( بعد انقطاعه عن اوروبا بسبب تفجير السيل الشمالي وقطع الجنوبي) وايضا تنشيط تجارتها عبر هذا الطريق الذي يختصر المسافة كثيرا ايضا…

في هذه الاثناء صار معلوما ان الولايات المتحدة في عهد ترامب (امريكا اولا) ستنشط في استراتيجية تقوم على ثلاثة اهداف :

١- منع روسيا وحليفتها الصين من اي تواصل تجاري مع اوروبا باي شكل من الاشكال( حاليا اوروبا تورد الطاقة من الصين والهند باسعار نجومية مقابل الغاز الروسي الرخيص ، في اذار خطة محاصرة روسيا عالمياً.

٢- منع اوروبا من منافستها في التجارة العالمية حتى الكساد ( مئات الشركات الاوروبية اغلقت ابوابها في اوروبا وانتقلت للعمل في امريكا) بعد ازمتي الطاقة والعسكرة الاوكرانية.

٣- فرض شراء الغاز المسال الامريكي على الاوروبيين كحل وحيد لبقاء تحالفهما الغربي ( اجبار اوروبا على فتح محطات لتكرير هذا الغاز ليصبح قابلا للاستعمال)

هذه الاستراتيجية تتطلب فيما تتطلب السيطرة على اي ارض او ممرات تحقق هذه الاهداف والاهم تمنع روسيا من التواصل مع العالم الخارجي بما فيها الوصول الى ايران من الشمال. لمنع تحقيق ما يسمى كوريدور شمال جنوب( اي حتى ميناء چابهار الايراني الاستراتيجي الواقع على بحر العرب جنوبا) والذي تقوم الهند بتأهيله في الوقت الحاضر ليصبح جزءا من استراتيجية هذا الكوريدور الايراني الروسي.

هذه الاستراتيجية الامريكية العالمية هي السبب في الخلاف الملاحظ والبارز حاليا في الرؤية الى ما يحصل او يمكن ان يحصل في سورية مستقبلا بين واشنطن ترامب وانقرة اردوغان.

فترامب لن يسمح لاردوغان بتمرير مشروع نقل الغاز القطري الى اوروبا عبر سورية والانابيب التركية الجاهزة مطلقا.

نعم في حالة واحدة على ان تمر عبر ميناء حيفا تحت اشراف الكيان الصهيوني اي عدم المرور بتركيا.

من هنا يتوقع الراسخون في علم الطاقة والبحار والمحيطات والممرات ان تنشأ خلافات حادة بين ترامب واردوغان وبين ترامب واوروبا وبين ترامب وروسيا والصين وكذلك الهند على خطوط التجارة العالمية ما سيتعكس على تطورات الاحداث في بلاد الشام والاقليم عموما…

ترامب يريد القضاء على اي منافس تجاري له في العالم حتى لو كان اوروبيا

وهو سبق له ان اعلن عن نيته في تفكيك الاتحاد الاوروبي

كان يعتمد على ستيف بانون زعيم حملته الانتخابية سابقا والذي حرره من السجن اخيرا

والان يعتمد في ذلك على ايلون ماسك الذي عينه بمرتبة وزير.

انها معركة السيطرة على الموارد بين امريكا الجشعة والطامعة الصهيونية في كل سياساتها وهي اسرائيل الاولى.

وبين عالم الشرق الصاعد الساعي للتحرر من هيمنة هذا الاخطبوط.

هذا الشر قد الذي يبحث عن تحالف واعد يتمثل بمنتدى شانغهاي للتعاون وتحالف بريكس للتجارة والاقتصاد.

والذي تستعد فيه قوى اقليمية مهمة مثل ايران لتلعب دور بيضة القبان في الشرق والتي تستعد حاليا وعلى مرحلتين لعقد اتفاق تحالف استراتيجي مهم الاول مع موسكو الجمعة القادم عندما يزورها پزشكيان ومن ثم قريبا مع بكين.

*بعدنا طيبين قولوا الله* 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري