ابتكر علماء من جامعة نيو مكسيكو (UNM) مادة خرسانية قابلة للانحناء مصممة خصيصا للطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث حصلوا على براءة اختراع لهذه المادة المبتكرة التي تُعد نقلة نوعية في مجال الإنشاءات، تهدف هذه المادة الجديدة إلى تعزيز مقاومة المنشآت للكوارث الطبيعية وتقليل تكاليف الصيانة للبنية التحتية العامة.

إعادة التفكير في أساليب البناء التقليدية

تعتمد الطرق التقليدية للبناء على آلات ثقيلة وأعمال يدوية لتركيب الأعمدة الفولاذية أو الخشبية، مما يجعلها مكلفة وخطرة. وأوضحت مريم هوجاتي، الأستاذة المساعدة في جامعة نيو مكسيكو، أن هذه المادة الجديدة تُعد جزءا من جهودها لتطوير عمليات البناء من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأضافت هوجاتي:

"الخرسانة مادة قوية في الضغط، لكنها ضعيفة للغاية في الشد، مما يؤدي إلى ظهور التشققات المتكررة. لذلك، كان لا بد من إيجاد حل يُعالج هذه المشكلة".

التحديات المتعلقة بالكوارث الطبيعية

تُبرز الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والرياح الشديدة ضعف الخرسانة التقليدية في تحمل قوى الشد، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات الصيانة. وأشارت هوجاتي إلى أن الخرسانة يجب أن تكون قادرة على مقاومة كل من قوى الضغط والشد، وهو ما دفع العلماء إلى تطوير هذه المادة الجديدة.

التقنية العلمية وراء الخرسانة القابلة للانحناء

طوّر فريق البحث بقيادة محمد سعيد ظافر، خريج الدكتوراه، خليطًا من المواد يتميز بالمرونة والقوة، وصرح ظافر:

"الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال المعادن والبلاستيك متقدمة للغاية، لكن الطباعة الخرسانية لا تزال في مراحلها الأولى."

تتميز المادة الجديدة بتركيز عالٍ من الألياف البوليمرية القصيرة، مما يعزز قوتها وقدرتها على تحمل قوى الشد والانحناء. وأكدت هوجاتي أن هذه الألياف تجعل الخرسانة متماسكة تحت أي حمولة.

خصائص الخرسانة الجديدة

1. مرونة فائقة: توفر هذه المادة مرونة بنسبة تصل إلى 11.9% أعلى من المواد التقليدية.

2. قابلية للطباعة: تتميز بزوجة مناسبة تسمح بالطباعة ثلاثية الأبعاد دون انسداد الفوهة.

3. خلائط مبتكرة: طوّر الباحثون أربع خلطات مختلفة باستخدام مواد مثل ألياف البولي فينيل الكحول، ورماد السيليكا، ورماد الفحم، والألياف عالية الوزن الجزيئي.

اختبارات وتحديات التطوير

خضع الخليط الجديد لاختبارات صارمة لتقييم قوته ومرونته. شملت الاختبارات طباعة هياكل صغيرة مثل المنشورات وعظام الكلاب، تلتها تقييمات شاملة لقوة الشد والانحناء.

تتجاوز تطبيقات هذه المادة حدود الأرض، إذ تبحث وكالات الفضاء مثل ناسا في استخدامها لبناء مساكن على كواكب أخرى. ويُعد نقل عوارض فولاذية وقوى عاملة كبيرة إلى الفضاء أمرًا غير عملي، مما يجعل هذه المادة حلاً ثوريا.

على الأرض، يمكن أن تُحدث هذه التكنولوجيا تحولا جذريا في صناعة البناء من خلال إنشاء هياكل أكثر مقاومة للكوارث الطبيعية وأقل حاجة للصيانة، مع تعزيز الأتمتة وتقليل التكاليف والمخاطر المرتبطة بالطرق التقليدية.

تُعد الخرسانة القابلة للانحناء تطورا كبيرا في مجال الإنشاءات، حيث تقدم حلولاً مبتكرة للتحديات التي طالما واجهتها هذه الصناعة، ومع هذا الابتكار، يُمكن أن يصبح المستقبل أكثر أمانًا واستدامة، سواء على الأرض أو في الفضاء.