حان وقت الإجابة على سؤال: لماذا انتصرت غزة ولم ينتصر المحور؟
مقالات
حان وقت الإجابة على سؤال: لماذا انتصرت غزة ولم ينتصر المحور؟
ميخائيل عوض
19 كانون الثاني 2025 , 05:02 ص


والأهم ان يكون البحث والتفاعل عقلاني بعيدا عما نتمناه وخال من عنتريات فارغة لا تغني ولا تزيد بقدر ما تضلل وترسم أوهاما تنعكس احباطا وياسا وتشكيك.

قيل العقل زينة. والشك أيسر الطرق للمعرفة.

لم يكن أمرا عبقريا ولا قول لسحرة ومنجمين ان ال٢٠٢٣ ستشهد حدثا سيؤدي إلى آخر الحروب العربية الإسرائيلية بل أشدها واعنفها وان توصف وتتخذ صفة الحرب الوجودية وكما جزم نتنياهو وغالانت بالقول ان هزمت فيها إسرائيل فلا مكان لها في المنطقة وقد صدقا القول.

فهم الواقع وضبط تحولاته واحداثه واقعيا وكما هو بواقعية يوفر القدرة على معرفة ما يكون فلا دخان بلا نار ولا يكون إن لم تتوفر شروط كونه.

وقوع ما تم توقعه يعطي القدرة على فهم ما وقع وما ترتب عليه من نتائج ووما سيكون من تطورات ما يسهل فهم الجاري ومعرفة الآتي.

برغم سقوط النظام السوري والتهويل الذي رافقه وبرغم الضربات المؤلمة التي أصابت حزب الله والحشد الشعبي العراقي وخروجهم من الحرب ووقف اسنادهم لغزة لم نتهيب ولا ترددنا جازمين ان اسرائيل هزمت في الحرب وان محور المقاومة كما توقعنا لم ينتصر.

ودابنا على القول وتكراره: ان الحروب تحسب بنتائجها وبما تحقق فيها من أهداف المتحاربين ولا تحسب بكلفتها او مدتها او شدتها ومسارحها. وقلنا وكررنا القول: ان الذي يقرر نتائج الحروب هو ميزان القوى الكلي والبيئات الاستراتيجية للحرب وليس المعارك التكتيكية الجزئية. وجزمنا بأنها تميل لصالح المقاومة ومحورها وستنتصر غزة وان تخلف الآخرون أو ترددوا وعجزوا عن فهم الحرب وتوصيفها او تلكؤ في خوضها.

انتصار غزة لم يفاجئنا قط تماما كما عرفنا وجاهرنا: ان ترامب سيحدث تحولات عاصفة ويصفع نتنباهو على قفاه فقد نضجت ظروف وبيئات ان تعامل إسرائيل من صناعها وحماتها زائدة دودية ملتهبة وعبء بعد أن كانت كنزا.

لسنا بصدد محاججة الهوبرجية والساذجين القابعين في عقولهم ومناهجهم في التفكير وفهم الواقع وصناعة المستقبل في قعر الصندوق عاجزيت عن التفكير من خارجية فذلك شأنهم وشأن من يصدقهم ويتابع اقولهم.

املين ان يرتقي الحوار وان تدرك العقول اننا في زمن غير المسبوقات. وان الحرب هي القابلة القانونية لتوليد الجديد وانها معمودية النار للأمم والشعوب تكشف الحق من الباطل. والواقع من الأوهام فهي الامتحان القاسي. وعند الامتحان يكرم المرء او يهان.

غزة صنعت عجيبة طوفان الأقصى وحققت اسطورة المقاومة والصمود وكشفت عن مجاهديها الأساطير فاستحقت أن تنتزع نصر تاريخي غير مسبوق مؤسس في الزمن الآتي والواقع المرجح ان يصير بلا إسرائيل وبلا النفوذ الأمريكي الغربي.

انتصار غزة يعوض عما اصاب محور المقاومة واخفاقاته ويشكل درسا بل دستة من الدروس لابد من التعرف إليها والأستناد لها لفهم الجاري وما سيكون.

ولصفعة ترامب لنتنياهو تتمة فقد دخل العرب والإقليم والعالم حقبة ولادة الجديد ودفن القديم الذي انتنت جثته.

سقط النظام السوري لأسبابه وليس لقوة نتنياهو أردوغان وتلقى المحور الضربات المؤلمة لاسبابه ولانه اخفق في فهم الحرب والتعامل معها وليس لان إسرائيل وحلفها اقوياء. وهزمت إسرائيل لافتقادها لكل عناصر القوة وهزال قوى اسنادها وانتصرت غزة لأنها صاحبة حق قومي ووطني وقررت ان تقاتل حتى النصر فكان لها.

بيروت: ١٧/١/٢٠٢٥ 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري