لماذا الان و سر التوقيت...؟
مقالات
لماذا الان و سر التوقيت...؟
علي وطفي
19 كانون الثاني 2025 , 20:37 م

لماذا الان و سر التوقيت...؟

يمكن تسمية اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران و روسيا "اتفاقية إعادة تأمين" لكلا الجانبين على عكس الاتفاقيات المماثلة التي و قعتها موسكو مع "مينسك و بيونغ يانغ"، فإنها لا تحتوي على ضمانات أمنية متبادلة. لأنه لم يكن الجانبان الروسي والإيراني يسعيان من أجل ذلك.

كما ان الدستور في إيران يحظر صراحة إنشاء تكتلات عسكرية مع دول غير إسلامية ،أما بالنسبة لجوهر المعاهدة ، في حالات استثنائية يمكن تفسيرها بمعنى إنشاء تحالف عسكري بين الدول على سبيل المثال ، تتحدث المادة (1) عن تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع.

تنص المادة (3) على أنه إذا تعرض أحد الطرفين للعدوان ، فإن الطرف الآخر لن يقدم أي مساعدة للمعتدي.

وتنص المادة (4)على تعاون دوائر الاستخبارات والأمن.

المادتان (5 و 6)- على مواصلة تطوير التعاون العسكري والعسكري التقني.

ومع ذلك، فإن الجانب الاقتصادي للاتفاقية أكثر إثارة للاهتمام وتشير المادة (21) إلى مواصلة تطوير ممر النقل بين الشمال والجنوب مع تطوير النقل السلس والحد الأقصى من تبسيط التعريفات الجمركية.

لم تعد هذه لحظة انتهازية ، بل لحظة استراتيجية قد تخفف مواجهة روسيا مع الغرب أو تصبح شيئا من الماضي خلال 10-15 عاما ، (لأن الممر بين الشمال والجنوب سيبقى ويغير بشكل كبير طرق التجارة الدولية).

إليكم بعض مواد الاتفاقية:

المادة (18):التي تتحدث عن التعاون في القطاع المصرفي وإنشاء آليات جديدة للتسويات المتبادلة في وقت سابق صرح السفير الإيراني السابق في موسكو ، رضا سجادي ، أن حجم التبادل التجاري لبلداننا في ذلك الوقت البالغ 1.5 مليار دولار لا يتوافق مع إمكاناتها الاقتصاديةواعتبر مستوى التجارة من 10-15 مليار مقبول.

كانت العقبة الرئيسية لفترة طويلة هي أن معظم البنوك الروسية رفضت التعاون مع إيران بموجب العقوبات الوضع بدا يتحسن الآن.

الفقرة (5)من المادة20)مثيرة للاهتمام ، حيث تشير إلى أن الطرفين على استعداد لتطوير تعاون متبادل المنفعة في مجالات تعدين الذهب ، الماس والمجوهرات.

اما في حالة تفاقم الوضع فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية العدوانية ، تحصل طهران على دعم موسكو (وهو ما لا يعني التدخل العسكري الروسي) إضافة للتعاون العسكري التقني المهم أنه في كلا الاتجاهين و اختبار التقنيات العسكرية الإيرانية في أوكرانيا،من ناحية أخرى ستتمكن القوات المسلحة الإيرانية من الوصول إلى ما هو متاح لنظرائها الروس من تقنيات عسكرية،الأمر الذي لا يمكن إلا أن يؤثر على توازن القوى العام في منطقة الشرق الأوسط فرأس إيران مطلوب بعد حرب غزة ،لبنان وإخراج سوريا من دائرة تاثير طهران الإستراتيجية.

اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين موسكو وطهران سبقت بثلاثة أيام تنصيب "دونالد ترامب" ، وهي تشكل تحديا أكيدا لإدارته ، نعلم ان الولايات المتحدة تنظر إلى إيران على أنها خصمها في الشرق الأوسط وستتخذ بالتأكيد خطوات لزعزعة استقرار النظام الحالي لذلك،الاختبار الاكبر يكون بمصداقية ترجمة بنود هذه الشراكة الاستراتيجية الجديدة في مواجهة الضغوط الأمريكية القاسية المتوقعة مع انطلاق إدارة ترامب للملفات الخارجية تحت الضغط الاسرائيلي و ملف إيران النووي والصفقات لانه من المرجح ان تحاول واشنطن استمالة موسكو مقابل الابتعاد عن طهران خلال المفاوضات بشأن أوكرانيا مقابل تنازلات في الساحة الأوكرانية.

كما ان إيران و روسيا كانتا على تنسيق وثيق في العديد المسائل الدولية، تجلى ذلك في الوضع السوري و دعموا النظام السوري السابق ، و ربما تكون القصة الأكثر غرابة مرتبطة بعد سقوط الأسد ،في نشر وسائل الإعلام الغربية تسجيل صوتي للعميد في الحرس الثوري "بهروز إسباتي" يتهم فيه موسكو بخدع طهران بشكل منهجي في الحرب السورية حسب رأيه ،حيث كان الجانب الروسي يقصف في سوريا اماكن لا تؤثر على حركة الانقلابيين و كانت تتغاضى بشكل عام عن الاعتداءات الإسرائيلية من خلال" إيقاف تشغيل الرادارات " على مواقع إيرانية و سورية و مع تعليقات سلبية حول سياسة روسيا ،لم تكن من من مصدر رسمي، إنما من خلال(المدونين)في وسائل الإعلام الغربية، ربما هدف التسريب لعدم لوم طهران على الخسارةر المدرسة لدمشق كحليف وخاصة امام الراي العام الداخلي الايراني ،لأنه من الواضح أن معظم الايرانيين و النخبة ينظرون إلى سقوط نظام الأسد هزيمة ضخمة للسياسة الخارجية الإيرانية في الواقع، اي انهيار الاستراتيجية طويلة الأمد التي بنتها إيران في المنطقة ، منذ اكثر من خمسة عقود و كلفت عشرات المليارات ،كون هناك صورة سلبية لروسيا في إيران

و مع ذلك،الكرملين لم يتفاعل او يعلق على التسريب الصوتي و تجاهله حرصا على تقدم العلاقات الروسية الإيرانية، كما أن النخبة السياسية الإيرانية بحاجة إلى روسيا الآن أكثر من أي وقت مضى والتعاون في مجال الأمن ضرورة قصوى ومهما للغاية في الوضع الراهن بالنسبة لإيران .

كما أشار بوتين في كلمته في هذه المناسبة" إلى أن البلدين ينسقان على الساحة الدولية منذ فترة طويلة"هذا يتعلق بالمسائل الأكثر و في الشرق الأوسط و منطقة جنوب القوقاز، كل هذا يؤثر على مصالحنا بشكل مباشر كما الصراع على الساحة الاوكرانية ونحن نضع أصدقاؤنا الإيرانيين باستمرار في مجريات الوضع هناك كما اكد،اليوم ، قبل الزيارة تحدثت مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية و بالفعل في هذه المحادثة أكد على أهمية تطوير علاقات شاملة مع روسيا."

اما الرئيس"بيسشكيان"في تصريح سبق زيارته الى موسكو : "في الواقع ، تعاوننا ليس فقط في المنطقة و أيضا في الساحة الدولية وركذلك في المجال الثنائي، كم ان تطوير التبادل التجاري يلبي مصالحناالمشتركة ، هذه الاتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تتضمن47 بند ، و استغرق إنجازها تقريباً خمس سنوات ونحن متفقون في عدم التوقف عند هذا الحد و الارتقاء بعلاقاتنا إلى مستوى اكثر نوعيا و أهدافا طموحة لتعميق التعاون الثنائي على المدى الطويل."

تغطي الاتفاقية جميع مجالات العلاقات بين البلدين ، بما في ذلك الدفاع ، مكافحة الإرهاب.، الطاقة ، التمويل (الاستثمار ) النقل ,الصناعة ,الزراعة ,الثقافة ،العلوم و التكنولوجيا و "الاتفاق بحد ذاته له معنى رمزي في المقام الأول مهمته هي تاكيد المستوى الحالي الغير مسبوق من التقارب بين روسيا وإيران ، أيضا إشارة مهمة للغرب بأن كلا البلدين يعتزمان التعاون بعمق وبجدية

و كشفت وزارة الخارجية الإيرانية عن بعض تفاصيل الاتفاق لمدة 20 عاما حيث تعتزم طهران و موسكو التعاون في إنتاج ، نقل وتصدير الطاقة ، بما في ذلك الطاقة المتجددة، و ينص الاتفاق أيضازعلى ضرورة زيادة حجم التجارة البينية وأيضا سيتم تبسيط شروط السفر للسياح بين الدولتين.

تبقى العبرة في التنفيذ على ارض الواقع لان الغرب واشنطن سوف يسعون لعزل إيران اكثر ،في الماضي القريب اشتكى بعض الخبراء و السياسيين الايرانيين من أن روسيا تستخدم علاقاتنا كورقة مساومة في حوارها مع الغرب ، يقولون إنه إذا اعترف الغرب بالمصالح الروسية ، فإن موسكو مستعدة للتخلي عن التعاون مع الجمهورية الإسلامية، دعونا نأمل أن الاتفاقية الموقعة تجعل هذه التوقعات مستحيلة.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري