قام فريق من الباحثين من معهد كوريا المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) بتطوير رقاقة متكاملة قائمة على الميمريستور، تحاكي طريقة معالجة المعلومات في الدماغ، تعتبر هذه الرقاقة المبتكرة، التي تم تطويرها تحت إشراف الأساتذة شينهيون تشوي ويونغ-جيو يون، جزءاً من الجيل القادم من أجهزة الكمبيوتر العصبية (النيورومورفيك)، وهي رقاقة شبه موصلة فائقة الصغر قادرة على التعلم وتصحيح الأخطاء بشكل مستقل، وقد نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة Nature Electronics. وتعتبر هذه الرقاقة جاهزة للاستخدام في مجموعة واسعة من الأجهزة، مثل كاميرات الأمان الذكية التي تكشف الأنشطة المشبوهة على الفور دون الحاجة إلى الخوادم السحابية، والأجهزة الطبية التي تحلل بيانات الصحة في الوقت الفعلي.
حل التحديات في الأجهزة العصبية: التعلم الذاتي وتصحيح الأخطاء
تتمثل إحدى المزايا الفريدة لهذه الرقاقة في قدرتها على التعلم وتصحيح الأخطاء الناجمة عن الخصائص غير المثالية، وهو التحدي الذي يواجه الأجهزة العصبية الحالية، فعلى سبيل المثال، عند معالجة تدفقات الفيديو، يمكن لهذه الرقاقة فصل الأجسام المتحركة عن الخلفية تلقائياً وتحسين أدائها مع مرور الوقت.
لقد أثبتت هذه الرقاقة ذات التعلم الذاتي قدرتها على تحقيق دقة مشابهة لتلك التي توفرها المحاكاة المثالية لأجهزة الكمبيوتر في معالجة الصور في الوقت الفعلي، يكمن الإنجاز الرئيس للفريق البحثي في إنشاء نظام ليس فقط موثوقاً، ولكن عملياً أيضاً، متجاوزاً بذلك تطوير المكونات الفردية التي تحاكي الدماغ.
الميمريستور: العنصر المركزي في الابتكار
الجوهر الرئيسي لهذا الابتكار هو جهاز شبه موصل من الجيل التالي يُسمى "ميمريستور"، خصائص المقاومة المتغيرة لهذا الجهاز تحاكي دور التشابك العصبي في الشبكات العصبية، مما يتيح تخزين البيانات وتنفيذ العمليات الحسابية في وقت واحد، تماماً كما يحدث في خلايا الدماغ.
يعمل الميمريستور على التحكم بدقة في التغيرات في المقاومة، مما يخلق نظاماً فعالاً يُزيل الحاجة إلى التعويض المعقد من خلال التعلم الذاتي، وتعتبر هذه الدراسة هامة لأنها تُظهر الإمكانات التجارية لنظام عصبي مستقبلي قادر على التعلم الفوري والاستدلال في الوقت الحقيقي.
معالجة مهام الذكاء الاصطناعي محلياً لتحسين السرعة والكفاءة
قد تمكن المنصات القائمة على الميمريستور من إنشاء أنظمة حوسبة ذكية ومناسبة للطاقة، بفضل قدرتها على أداء الحسابات المتوازية في المجال التناظري. ومع ذلك، تواجه أنظمة المصفوفات الميمريستورية تحديات في تنفيذ خوارزميات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحقيقي مع التعلم داخل الجهاز بسبب مشكلات تتعلق بالموثوقية، مثل انخفاض العائد، وعدم التوحيد، والمشاكل المتعلقة بالتحمل.
تسعى هذه التكنولوجيا الآن إلى تغيير طريقة تكامل الذكاء الاصطناعي في الأجهزة اليومية، مما يتيح معالجة مهام الذكاء الاصطناعي محلياً. وهذا يقلل من الاعتماد على الخوادم السحابية البعيدة، مما يجعل الأجهزة أسرع وأكثر أماناً وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.
التكامل الذكي وتحسين الكفاءة في معالجة البيانات
كما أضاف الباحثون من KAIST هاجتشون جونغ وسونغ-جاي هان، اللذان قادا تطوير هذه التكنولوجيا، أن النظام يعمل مثل بيئة عمل ذكية حيث يكون كل شيء في متناول اليد، مما يلغي الحاجة للتنقل بين المكاتب والخزائن. كما يشرحون أكثر، فإن هذا النظام يحاكي الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات، حيث يتم التعامل مع كل شيء بكفاءة في نفس المكان دفعة واحدة.