بدري إن حكى!
مقالات
بدري إن حكى!
حليم خاتون
21 كانون الثاني 2025 , 18:01 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

"حكى بدري!"، هي جملة شعبية تنتشر في بلاد الشام...

بصراحة لا أعرف كيف صارت هذه الجملة مثلا شعبيا!...

لكن من هو بدري؟

بدري هو إسم يمكن أن يتلبس أكثر من شخصية واكثر من شخص...

بدري يمكن أن يكون عميلا مباشرا لإسرائيل، تَدَرّبَ عندها على السلاح او على التجسس...

ليس من الضرورة أن يحكي بدري مباشرة ضد المقاومة...

هو يستطيع ترداد آيات من القرآن لا تعد ولا تحصى، ثم يعطيها التفسير الذي يخدم مهمته...

والأرجح، أن عددا لا بأس به من الخروقات في حزب الله حصل بهكذا شخصيات؛ تذكروا الكشميري الذي وصل إلى مرتبة وزير داخلية الثورة الإسلامية في إيران وكانت مهمته اغتيال الإمام الخميني...

كلام بدري هذا إن حكى، منتشر في بيئة المقاومة، عند الشيعة، كما عند السُنّة، كما عند المسيحيين كما عند الدروز... جماعات التكفير (عند الشيعة، كما عند السُنة) خير مثال على هذا...

بدري قد يكون كارها للمقاومة إلى حد العمالة كما كان حزب القوات اللبنانية أثناء الحرب الأهلية في لبنان...

هو لا يخفي هذا الكره، ويعمل ليل نهار على شق الصفوف تارة باسم "النضال!!!" ضد الاحتلال الإيراني كما فارس سعيد، وتارة أخرى بالتحالف حتى مع الشيطان ضد المقاومة كما شارل جبور (بالمناسبة، القيادي القومي حسان صقر قال عن شارل جبور إنه "طيب!" لكنه يتمادى أحيانا... شارل جبور، رفيق ابو محمد الجولاني قاتِل الجنود والضباط اللبنانيين لا يمكن أن يكون طيب القلب او السيرة!!! المطلوب من القيادي القومي الذي احترم.جدا التراجع عن هذا التقييم لأن شارل جبور ليس فقط عنصريا طائفيا كارها للآخر... هو نسخة مسخ عن الفاشيين والنازيين بكل الحقارة التي فيهم؛ أي إنه اكثر حقارة منهم)...

بدري ليس بالضرورة محصورَ الوجود في جماعة ١٤ آذار...

٨ آذار عندها من أمثال بدري كم هائل...

جبران باسيل وكمية كبيرة من جماعة عون الأول مثال على هذا...

هناك عشرات الأمثال من بدري؛ لكن أخطر هؤلاء ال "بدري" على الإطلاق هو ذلك الملتزم بخط المقاومة فعلا، لكن برأس مربع مثل الصندوق المغلق؛ لا يستطيع رؤية ما هو خارج الصندوق بسبب الإغلاق؛ كما لا يستطيع رؤية كل ما حوله داخل الصندوق بسبب الظلمة الناتجة عن الإغلاق...

تبجح أحد هؤلاء من أصحاب الرؤوس المربعة وأطلق عبارة حكى بدري على كل من يريد معرفة ما حدث، ولماذا حدث...

الجنرال جميل السيد بالتأكيد ليس "بدري"!

الذين يكتبون وقلوبهم محروقة على خسارة شخصية مثل السيد نصرالله التي لا تتكرر الا كل قرن مرة، ليس اي منهم بدري!

الذي يقارن بين حماس وبين حزب الله ليس بالضرورة بدري...

كلنا نعرف ان أكثر من ثلثي شعب لبنان ليسوا مع المقاومة حين تقاوم...

هم معها فقط بعد النصر الواضح وضوح الشمس...

أما حين تقاتل او حين تتلقى الضربات... هذا شيء آخر...

بالإذن من هذا الصنديد الذي يقول فيما قلناه "حكى بدري"...

لا، نحن لسنا بدري...

نحن من الذين يؤمنون أن عصر العصمة قد انتهى...

هناك أخطاء تُرتكب حتى حين ننتصر...

هل تعتقدون أن حرب تموز ٢٠٠٦ كانت دون أخطاء؟

كانت هناك أخطاء كثيرة، لكن نصر تموز غطى هذه الأخطاء إلى درجة اننا دفعنا اثمانا باهظة بعد ذلك، وبسبب ذلك...

بما اننا لسنا معصومين...

علينا النظر بعين نقدية اذا أردنا نصرا ساحقا ظاهرا ظهور الشمس في الحرب القادمة الآتية سواء أردنا ام لم نرد لأن وجود إسرائيل هو تهديد وجودي ليس فقط للفلسطينيين والعرب الواقعين ضمن خريطة إسرائيل الكبرى؛ بل تحديدا أن إسرائيل خطر وجودي بكل المعايير على الكيان اللبناني في اي صورة ياخذها هذا الكيان...

المقاومة تعرف...

كلنا نعرف ان في لبنان أقلية شيعية، وأكثرية درزية، وكثير من السُنّة والمسيحيين هم ضد المقاومة من منطلقات عقائدية أحيانا، ومنطلقات التعصب المذهبي احيانا أخرى، وذوات نزعة المشي "جنب الحيط والدعاء بالسترة من الرب"، في أغلب الأحيان...

نحن نعلم، والمقاومة كانت تعلم أن جماعات التكفير داخل المخيمات الفلسطينية وتجمعات النزوح السوري ليست فقط كثيرة بل هي تضع الشيعة في المرتبة الأولى من العداء...

انظروا إلى سوريا والذي يجري في سوريا...

انظروا إلى تبجح أتباع ابن تيمية بتعليم الكتب التي تصلهم من مملكة سعود...

مقالي هذا لا يتناول تحديدا صاحب عبارة حكى بدري، فهو اساء التعبير عن وجهة نظر، فيها نظر...

لكن ان يخرج محلل بوزن السيد خليل نصرالله الذي احترم جدا واتابع جدا ويضع كل النقد في سلة واحدة؛ هذا ليس من أخلاق المقاومات بشيء...

في غزة، انتصرت حماس وهُزمت إسرائيل ومعها كل دول الإبادة بشكل صريح لا لبس فيه...

في لبنان، حتى السابع والعشرين من نوفمبر ٢٠٢٤ كان الوضع أكثر من جيد رغم الخسائر الهائلة ورغم سكوت كل دول الإبادة عن الإبادة الجارية في لبنان (على الأقل، كان العالم يتعاطف مع غزة؛ بينما لم يرفع الاتراك والمغاربة وغيرهم من العربان شعارا واحدا في التظاهرات تعاطفا مع لبنان)...

في السابع والعشرين كان الوضع على شاكلة ما يقوله دائما الإعلامي حسن الدر،

إسرائيل لم تنتصر ونحن لم نُهزم...

لكن الغباء الذي جعلنا نقبل ومنذ مدة طويلة أن يكون المفاوض الأميركي ضابطا إسرائيليا حارب في لبنان سنة ٨٢ دفعنا ثمنه في اتفاق أقل ما يقال فيه انه تعبير عن غباء سياسي...

ما لم تستطع خمس فرق عسكرية إسرائيلية ومعها عدة ألوية من القوات الخاصة بعديد يفوق الثمانين الفا، وغطاء جوي وأسلحة وذخائر من مستودعات حلف الناتو، وغطاء تجسسي بالطيران الأميركي البريطاني والأقمار الصناعية العسكرية التي ركزت عيونها على لبنان تحديدا، وسفن البحرية الألمانية وتآمر الكثير من اللبنانيين والعرب والمسلمين ضد حزب الله بالذات؛ ما لم يستطع كل هؤلاء تحقيقه على الأرض، تحقق بفضل مفاوض لم يستطع أن يضع الشروط اللازمة لحفظ وضعية اللاهزيمة...

في اليوم التالي لوقف النار حقق الجيش الاسرائيلي ما عجز طيلة ٦٦ يوما عن تحقيقه...

هنا...

اسمحوا لنا...

لا نستطيع ان نرى أي نصر...

نحن كان بيدنا إمكانية إشعال منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر والخليج وحتى أجزاء من أوروبا ولم نفعل...

الا يحق لنا حتى التساؤل على الأقل!!!؟؟؟


المصدر: موقع إضاءات الإخباري