كتب الأستاذ مازن انيس النقاش
المرحلة الأولى: إغراق النظام بالاستثمارات
لبنان، الغارق في أزمات اقتصادية طاحنة، أصبح هدفًا مثاليًا للاستثمارات الأجنبية. لكن هذه الاستثمارات ليست هدايا أو حلولًا بريئة؛ إنها أدوات هيمنة مُقنّعة تخدم أجندات صهيونية وغربية بحتة. الهدف الأساسي ليس إنقاذ لبنان، بل السيطرة عليه سياسيًا واقتصاديًا.
استقرار ظاهري للقطاعات الحيوية:التركيز على قطاع الطاقة والبنية التحتية والخدمات العامة لإيهام الناس بأن الأزمة تُحلّ، بينما يتم استبدال الأزمات الحالية بربط الدولة بعجلة المصالح الغربية والخليجية.
خلق وهم الازدهار الاقتصادي:تحسينات قصيرة المدى تُستخدم لكسب الرأي العام وتقليل الغضب الشعبي، ما يُضعف القدرة على المطالبة بحلول حقيقية وسيادة فعلية.
المرحلة الثانية: شراء النفوذ عبر المساعدات
المساعدات والاستثمارات تأتي دائمًا بشروط، وهنا تكمن الخطورة. تحت غطاء "الإصلاح"، يُعاد تشكيل السياسة اللبنانية بما يتماشى مع المصالح الغربية.
السيطرة على القرارات الاستراتيجية: المطالبة بتعيينات "إصلاحية" تخدم أجندات خارجية.
فرض سياسات تُعيد هيكلة المؤسسات اللبنانية لتصبح أدوات طيّعة للغرب.
تحييد المقاومة: تحسين المعيشة العامة يقلل من اعتماد الناس على شبكات الدعم الاجتماعي التي يوفرها حزب الله.
الهدف هو خلق انطباع بأن "المقاومة لم تعد ضرورية" في ظل "التحسن الوهمي".
المرحلة الثالثة: فخ الاعتماد طويل الأمد
هذه الاستثمارات ليست سوى فخاخ مُحكمة للإيقاع بلبنان في شبكة من القروض والخصخصة والرقابة الدولية.
القروض المشروطة:الأموال المقدمة تأتي بسعر: استقلالية لبنان.
يُفرض على الدولة سياسات اقتصادية لا تخدم الشعب بل تُرسخ التبعية.
الخصخصة كوسيلة للهيمنة:بيع أصول الدولة للأجانب، مما يترك اللبنانيين بلا سيطرة على مقدراتهم الوطنية.
الاستعمار الاقتصادي: يتحول لبنان من دولة ذات سيادة إلى محمية اقتصادية تخدم مصالح القوى المهيمنة.
لماذا لا يرى حزب الله هذا الفخ؟
التمسك باللعبة التقليدية:
حزب الله لا يزال يستخدم نفس التكتيكات القديمة: ضمانات سياسية، السيطرة على الوزارات، وعرقلة ما لا يناسب مصالحه. لكنه يغفل عن الصورة الأكبر: اللعبة اليوم اقتصادية وجيوسياسية.
قصور في التفكير الاستراتيجي:
يركز الحزب على الحفاظ على نفوذه الحالي بدلًا من مواجهة التغييرات البنيوية التي تُفرض عليه.
سوء تقدير ردود الفعل الشعبية:
يفترض الحزب أن قاعدته ستبقى وفية، لكنه يخطئ إذا ظن أن التحسينات الوهمية لن تؤثر على ولاء الناس، خاصة إذا تم استغلالها لتقليل أهمية المقاومة.
ما الذي سيحدث إذا لم يتحرك حزب الله؟
التآكل التدريجي للنفوذ:
التحسينات الاقتصادية المرتبطة بالمساعدات الأجنبية ستُضعف من دور الحزب كمزود رئيسي للخدمات والحماية.
سيبقى الحزب قوة عسكرية، لكنه سيخسر تدريجيًا التأثير السياسي والاجتماعي.
العزلة الطويلة الأمد:
إذا استمر في مقاومة الإصلاحات دون تقديم بدائل عملية، سيتم تصويره كعائق أمام التقدم.
هذا سيزيد من عزلته داخليًا وخارجيًا.
خطر التهميش الكامل:
إذا نجحت الأجندة الصهيونية، سيصبح حزب الله كيانًا من الماضي، يُنظر إليه كقوة لم تستطع التكيف مع التغييرات في لبنان.
ما الذي يجب على حزب الله فعله؟
كشف الفخ:
يجب على حزب الله أن يفضح الشروط الخفية المرتبطة بالمساعدات والاستثمارات ويعرضها كقضية سيادة وطنية.
عليه قيادة حملة شعبية توضح أن هذه "المساعدات" هي أدوات لاستعمار جديد، وليس لإصلاح حقيقي.
تقديم استراتيجية بديلة:
بدلًا من رفض الإصلاحات كليًا، يجب أن يقترح إصلاحات تخدم مصالح لبنان:الملكية الوطنية للمشاريع الكبرى.
منع خصخصة الأصول الاستراتيجية.
الشفافية في توزيع الأموال والإشراف عليها.
إعادة صياغة السردية:
يجب أن يتحول حزب الله من كونه "مجرد مقاومة" إلى قوة إصلاحية قادرة على تحقيق التوازن بين حماية السيادة وتحقيق الازدهار.
المعادلة واضحة: إذا استمر حزب الله في التصرف "كالمعتاد"، فإنه يقع في فخ صُنع خصيصًا لإضعافه. الخطر الحقيقي ليس في المعركة العسكرية، بل في المعركة الاقتصادية التي تُخاض بمهارة على المستوى الدولي.
إذا لم يتحرك الحزب بسرعة ويعيد صياغة استراتيجيته، فإنه يخاطر بأن يصبح مجرد ذكرى في تاريخ لبنان الجديد.