في عالم تلعب فيه الطرق البحرية الدولية دورا حيويا في التجارة العالمية، تظل مسألة تأمين هذه الطرق أولوية قصوى للمجتمع الدولي، في 22 يناير 2025 تولت البحرية الباكستانية رسميا قيادة القوة المشتركة 151 (CTF 151)، وهي وحدة متعددة الجنسيات مكرسة لمكافحة القرصنة في المياه الاستراتيجية لخليج عدن، جرت مراسم تسليم القيادة في المنامة، البحرين، حيث قام الأميرال التركي رستو سيزر بتسليم المسؤوليات إلى القائد البحري الباكستاني سهيل عزمي، مما يمثل خطوة جديدة نحو تعزيز التعاون البحري الدولي.
القيادة التركية والإنجازات في مكافحة القرصنة
منذ تولي الأميرال سيزر القيادة في يوليو 2024، قامت CTF 151 بتنفيذ العديد من المبادرات لتحسين التعاون بين القوات البحرية المشاركة وتعزيز العلاقات العابرة للحدود، شملت هذه الجهود تدريبات متعددة الجنسيات ودوريات منتظمة في خليج عدن، وهي منطقة بحرية حيوية تتعرض لتهديدات القرصنة. وبالتنسيق الوثيق مع قوة البحرية الأوروبية (EUNAVFOR)، قامت CTF 151 بمراقبة الأنشطة في المنطقة والاستجابة الفورية للتهديدات الطارئة، كانت هذه المرة السابعة التي تتولى فيها تركيا قيادة هذه القوة، مما يعكس التزامها المستمر بالأمن البحري.
البحرية الباكستانية ودورها الفعال في مواجهة التهديدات البحرية
مع تولي القيادة، تقدم البحرية الباكستانية موارد وإمكانات مثبتة للمهمة، تشمل هذه الإمكانات فرقاطات من فئة أوليفر هازارد بيري مثل "PNS Alamgir" (F-260) والتي يتم نشرها بشكل متكرر في العمليات الدولية، بالإضافة إلى فرقاطات من فئة زلفقار مثل "PNS Aslat" (F-254) التي يُتوقع أن تلعب دورا رئيسيا، هذه السفن، المزودة بأنظمة مراقبة متطورة وقدرات قتالية متعددة، تعتبر من العوامل الأساسية في دعم جهود CTF 151. علاوة على ذلك، تقوم البحرية الباكستانية بنشر طائرات الاستطلاع البحرية P-3C Orion، التي توفر استطلاعا شاملاً وكشفا مبكرا للتهديدات، مما يعزز فعالية العمليات.
التعاون الدولي والقدرة على تأمين طرق التجارة العالمية
أظهرت باكستان أيضا قدرتها على تنفيذ عمليات منسقة مع دول أخرى لتأمين طرق الشحن الدولية. على سبيل المثال، خلال عملية "تَحَفُّظ" (Focused Operation TAHAFFUZ)، قادت البحرية الباكستانية جهودًا مشتركة بمشاركة تسع دول لحماية التجارة البحرية العالمية، علاوة على ذلك، تسلط التمارين المنتظمة مع شركاء مثل البحرية الكورية الجنوبية الضوء على التزام باكستان المستمر بتحسين التعاون وتعزيز الروابط المهنية ضمن إطار مبادرات الأمن البحري.
CTF 151: حجر الزاوية في القوى البحرية المشتركة
منذ تأسيسها في 2009، كانت CTF 151 حجر الزاوية في "القوى البحرية المشتركة" (CMF)، وهي تحالف يضم 46 دولة مكرسة لحماية الطرق البحرية الدولية. وبالتنسيق مع EUNAVFOR والأصول البحرية المنتشرة بشكل مستقل، تقوم CTF 151 بدوريات في مناطق استراتيجية مثل الممرات البحرية الموصى بها دوليًا، مما يسهم بشكل مباشر في تقليص تهديدات القرصنة، يقع مقر CMF في البحرين، وتمثل هذه القوة أكبر شراكة بحرية متعددة الجنسيات في العالم، حيث تغطي أكثر من 8.3 مليون كيلومتر مربع من الفضاء البحري.
القرصنة تهديد مستمر في خليج عدن
على الرغم من التقدم الذي تحقق في السنوات الأخيرة، فإن القرصنة تظل تهديدا مستمرا في خليج عدن والمناطق المحيطة به. تاريخيًا، كانت هذه المنطقة نقطة محورية للأنشطة القرصانية، وخاصة قبالة السواحل الصومالية. في حين أن التدابير الدولية مثل عملية "أتالانتا" التابعة للاتحاد الأوروبي قد أسهمت بشكل كبير في تقليص الحوادث في أوائل العقد 2010، فقد لوحظت عودة هذه الأنشطة منذ عام 2023، في يناير 2024، أنقذت البحرية الهندية سفينة صيد إيرانية تحمل 19 من أفراد الطاقم الباكستانيين الذين كانوا قد اختطفوا من قبل قراصنة صوماليين، يُعزى هذا الانتعاش إلى عوامل مثل عدم الاستقرار الإقليمي الناجم عن النزاعات في اليمن، وتقليص الدوريات البحرية الدولية، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية في الصومال التي تدفع الأفراد نحو القرصنة.
تعزيز المبادرات الدولية لمكافحة القرصنة
لمواجهة هذه التهديدات المتزايدة، تم تعزيز المبادرات الدولية، على سبيل المثال، تم تمديد ولاية عملية "أتالانتا" في ديسمبر 2024 لعامين إضافيين لتأمين خليج عدن وأجزاء من البحر الأحمر، تهدف هذه الجهود، بالتعاون مع دول شريكة مثل باكستان، إلى الحفاظ على بيئة بحرية آمنة ومنع تعطيل طرق التجارة الحيوية.
دور باكستان في تعزيز التعاون البحري الدولي
يُبرز هذا التغيير في القيادة الأهمية المستمرة للتعاون متعدد الجنسيات في مواجهة تحديات الأمن البحري العالمية. تحت قيادة القائد البحري سهيل عزمي، ستواصل CTF 151 جهودها لاحتواء القرصنة، وتعزيز التنسيق الدولي، وحماية الطرق البحرية الاستراتيجية. من خلال خبرتها وإمكاناتها، تؤكد باكستان على دورها كأحد المساهمين الرئيسيين في مكافحة التهديدات البحرية في هذه المنطقة الحيوية.