كتب: حسن علي طه
(بالإذن من حسني البارزان، صاحب مقولة "البرازيل وإيطاليا" في مسلسل صحّ النوم)
يكفي أن نعرف أين تقع الصومال جغرافيًّا حتى يزول العجب من مسارعة العدوّ الإسرائيلي إلى الاعتراف بما سُمِّي "صوماليلاند".

تقع الصومال على ثلاث كتل مائية بالغة الأهمية:
المحيط الهندي، وبحر العرب، والبحر الأحمر.
وهي تطل على خليج عدن، وتقع بالقرب من مضيق باب المندب، حيث تتقاسم مع اليمن مدخل البحر الأحمر؛ فاليمن على الضفة الآسيوية، والصومال على الضفة الإفريقية، وبينهما خليج عدن بوصفه معبرًا بحريًا استراتيجيًا عالميًا.
وإضافة إلى ذلك، فإن الصومال تجاور إثيوبيا في العمق الإفريقي، وإثيوبيا لها تاريخ طويل من العلاقة مع العدو الإسرائيلي، كما أن نسبة وازنة من المجتمع الإسرائيلي تعود أصولها إلى يهود الفلاشا ذوي الجذور الإثيوبية.
هذه هي أهمية الموقع الجغرافي.
في الحرب الأخيرة، شكّلت اليمن عنصرًا ضاغطًا غير مسبوق على العدو الإسرائيلي.
فرغم أن العدو تمكّن من صدّ معظم الهجمات الصاروخية والمسيّرات عبر تحالفه مع بعض الدول العربية التي لم تتردد في إسقاط الضربات اليمنية، إلا أن الحصار البحري الذي فرضته القوات اليمنية ضمن عملية "نصرة غزة" أثبت فعاليته الكاملة.
فقد مُنعت السفن المتجهة إلى موانئ العدو، ولا سيما ميناء إيلات، الذي تحوّل إلى شبه مهجور بفعل هذا الحصار. ولم تنفع كل أشكال الضغط السياسي والعسكري في كسره، حتى وصل الأمر بالرئيس الأميركي ترامب إلى إعلان وقف الهجمات الأميركية مقابل وقف استهداف السفن الأميركية بشرط ألا تكون متجهة إلى موانئ العدو.
فكان هذا التفاهم بمثابة إهانة سياسية للإدارة الأميركية بشخص عظمة رئيسها ترامب ، ولا سيما أنه لم يكن مع دولة، بل مع فصيل هو "حركة أنصار الله".
خلاصة القول: إن الإمبراطورية الأميركية خضعت لتنظيم.
وقد أدرك الأميركي والإسرائيلي حجم الخطر اليمني من خارج حساباتهما، على المشروع الذي شكّل السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ شرارة انطلاقه، ذلك المشروع الذي يغذّي حلم "إسرائيل الكبرى"، ويهدف إلى السيطرة والسيادة على البحر الأحمر بوصفه شريانًا اقتصاديًا استراتيجيًا.
ومن هنا، لم يكن الاعتراف بما سُمّي "صوماليلاند" إلا خطوة لاحقة، سبقتها خطوات من العمل والتحضير لفصل هذا الإقليم عن الصومال الأم.
ويبقى السؤال: إلى متى سيبقى العرب يشاهدون ما يُحاك من حولهم من أطباق للعدو الاسرائيلي كأنهم يشاهدون فيلمًا؟
بينما الواقع حقيقة صلبة باتت عصيّة على أن يتجاهلها حتى الأعمى.