في خطوة مثيرة نحو تقليل تأثير صناعة الأسمدة على البيئة، اكتشف العلماء طريقة جديدة لإنتاج الأمونيا باستخدام العمليات الجيولوجية الطبيعية للأرض، مما يمكن أن يحول صناعة الأسمدة ويقلل من بصمة الكربون الخاصة بالصناعة الكيميائية، بدلاً من استخدام المفاعلات التي تستهلك الكثير من الطاقة لإنتاج الأمونيا، يعمل الباحثون على طريقة أكثر طبيعية تعتمد على حرارة وضغط الأرض.
عملية جديدة لإنتاج الأمونيا
نُشرت الدراسة التي أثبتت جدوى هذه الطريقة في 21 يناير في مجلة Joule، تمكّن الباحثون من إنتاج الأمونيا عن طريق مزج المياه المحملة بالنيتروجين مع الصخور الغنية بالحديد، دون الحاجة إلى أي طاقة خارجية أو إطلاق CO2، وتُظهر هذه الطريقة إمكانية توفير الأمونيا لملايين السنين من خلال استخدام العمليات الطبيعية للأرض.
إلهام من اكتشاف جيولوجي قديم
بدأت الفكرة بناءً على اكتشاف غير تقليدي في ثمانينات القرن الماضي في مالي غرب أفريقيا، حيث اكتشف السكان المحليون بئراً تطلق غاز الهيدروجين، والذي تبين فيما بعد أنه ناتج عن تفاعل كيميائي طبيعي بين الماء والصخور العميقة تحت سطح الأرض.
استغلال "مصنع الأرض"
يقول المؤلف الرئيسي إيوينتي إم أباتي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): "كانت لحظة aha". "قد نتمكن من استخدام الأرض كمصنع، واستغلال حرارتها وضغطها لإنتاج مواد كيميائية قيمة مثل الأمونيا بطريقة أكثر نظافة."
عملية إنتاج الأمونيا التقليدية
تعد الأمونيا أحد المكونات الأساسية في الأسمدة، ويمكن أن تكون مصدرا للطاقة النظيفة في المستقبل، لكن الإنتاج الصناعي الحالي للأمونيا يستهلك طاقة كبيرة، حيث يشكل حوالي 2% من استهلاك الطاقة العالمي، وينبعث حوالي 2.4 طن من CO2 لكل طن من الأمونيا المنتجة، مما يجعلها أكبر مصدر لانبعاثات CO2 في صناعة المواد الكيميائية.
اختبار وتحسين العمليات الطبيعية
لاختبار فكرة "مصنع الأرض"، قام فريق أباتي بتطوير نظام تفاعل بين الصخور والمياه يحاكي بيئة الأرض تحت السطح، تم تعريض معادن غنية بالحديد للمياه المحملة بالنيتروجين، مما أدى إلى تفاعل كيميائي أكسدي للصخور أنتج الأمونيا التي أطلق عليها الفريق "الأمونيا الجيولوجية". كانت العملية خالية من استهلاك الطاقة ولم تنتج أي انبعاثات CO2، وعملت حتى في الظروف المحيطية.
تحسين العملية والنتائج
لتقليد السيناريوهات الواقعية بشكل أفضل، قام الفريق باستبدال المعادن الاصطناعية بالصخور الطبيعية مثل الأوليفين، وأضيفوا محفزا نحاسيا وزادوا درجة الحرارة إلى 300 درجة مئوية، بعد 21 ساعة تم إنتاج حوالي 1.8 كجم من الأمونيا لكل طن من الأوليفين، مما أظهر جدوى هذه الطريقة واستدامتها.
الجدوى الاقتصادية والتأثير البيئي
يقول أباتي: "هذه الصخور متوفرة في جميع أنحاء العالم، لذا يمكن تطبيق الطريقة على نطاق واسع في جميع أنحاء الكرة الأرضية"، ومع ذلك يتطلب التنفيذ حفر الصخور الغنية بالحديد في عمق الأرض، وضخ المياه المحملة بالنيتروجين، ومعالجة تعقيدات كيفية تشقق الصخور وتفاعلها مع الغازات والسوائل.
الآفاق الاقتصادية لهذه الفكرة مبشرة. تبلغ تكلفة إنتاج الأمونيا الجيولوجية حوالي 0.55 دولار لكل كيلوغرام، وهو مشابه للطريقة التقليدية التي تتراوح تكلفتها بين 0.40 إلى 0.80 دولار، كما قد تفتح هذه الأبحاث طرقا جديدة للتعامل مع تلوث المياه العادمة.
الفوائد المحتملة لإنتاج الأمونيا من المياه العادمة
يضيف ييفان جاو، المؤلف الأول من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "تعتبر مصادر النيتروجين في المياه العادمة من التلوث، وإزالتها تكلف مالا وطاقة"، "لكن قد نتمكن من استخدام المياه العادمة لإنتاج الأمونيا، وهذه استراتيجية مربحة للطرفين." قد يوفر دمج معالجة المياه العادمة مع إنتاج الأمونيا ربحًا إضافيًا قدره 3.82 دولار لكل كيلوغرام من الأمونيا.
الأهمية البيولوجية للأمونيا
ويقول جوي لي، المؤلف الرئيسي من MIT: "الأمونيا مهمة جدا للحياة"، بخلاف الكائنات الدقيقة، الطريقة الطبيعية الوحيدة الأخرى لإنتاج الأمونيا على الأرض هي من خلال البرق الذي يضرب غاز النيتروجين، "لهذا السبب يعد الإنتاج الجيولوجي للأمونيا مثيرًا للاهتمام عندما تفكر في مصدر الحياة."