كشف علماء في دراسة رائدة عن أدلة قوية تشير إلى حدوث فيضان هائل يُعرف باسم "فيضان زانكلان" الذي أعاد ملء البحر المتوسط في فترة قصيرة للغاية، منهياً أزمة ملوحة الميسيني التي حولت المنطقة إلى مسطحات ملحية جافة.

ما هو فيضان زانكلان؟

"فيضان زانكلان" هو حدث جيولوجي هائل وقع منذ حوالي 5.33 مليون سنة، حيث تدفقت كميات هائلة من المياه من المحيط الأطلسي إلى البحر المتوسط عبر ممر ضيق، مما أدى إلى ملء البحر المتوسط بسرعة غير مسبوقة بعد أن جف خلال أزمة الملوحة الميسينية.

أدلة جيولوجية تؤكد الفيضان

قاد فريق بحثي دولي، يضم علماء من جامعة ساوثهامبتون، تحقيقاً معمقاً في التشكيلات الجيولوجية جنوب شرق صقلية.

اكتشفوا ممرات تآكلية وأودية عميقة تشير إلى تدفق كميات هائلة من المياه بسرعة وقوة كبيرتين.

تضمنت الدراسة تحليلاً لطبقات الرواسب باستخدام بيانات انعكاس زلزالية وأدوات نمذجة رقمية 

كيف حدث الفيضان؟

وفقاً للتقديرات:

بلغت معدلات تدفق المياه بين 68 و100 سفيردروب (ما يعادل مليون متر مكعب في الثانية لكل سفيردروب).

استمرت المياه في التدفق بين عامين و16 عاماً فقط، مما أدى إلى إعادة تشكيل كامل للمشهد الطبيعي للمنطقة.

قناة على هيئة "W" شرق صقلية تشير إلى تدفق المياه نحو وادي نوتو العميق في البحر المتوسط الشرقي.

تأثير الفيضان على التضاريس

ترك الفيضان بصمات جيولوجية دائمة، بما في ذلك تلال غير متناظرة مغطاة برواسب صخرية.

أظهرت هذه الرواسب علامات تراكم سريع بسبب قوة المياه.

كشفت النماذج الرقمية أن الفيضان كان يتحرك بسرعات تصل إلى 72 ميلاً في الساعة، مما أدى إلى تعميق القنوات ونقل كميات ضخمة من الرواسب لمسافات بعيدة.

أهمية الدراسة

تقدم هذه الدراسة فهماً جديداً للأحداث الجيولوجية الكبرى وتأثيرها على تشكيل الأرض.

تعزز النتائج النظرية القائلة بأن البحر المتوسط لم يُعاد ملؤه تدريجياً بل عبر فيضان كارثي.

تُظهر الدراسة استمرارية التضاريس المتشكلة نتيجة الفيضان على مدى أكثر من 5 ملايين سنة.

يقول للدكتور آرون ميكالف المؤلف الرئيسي للدراسة:

"نتائجنا لا تسلط الضوء فقط على لحظة حرجة في تاريخ الأرض الجيولوجي، بل تفتح الأبواب لدراسات مستقبلية على طول حواف البحر المتوسط لفهم تأثيرات الفيضان على النظم البيئية والتضاريس".