الأطفال يتعلمون اللغة من عمر 4 أشهر ... الكشف عن أسرار تطور اللغة المبكر
دراسات و أبحاث
الأطفال يتعلمون اللغة من عمر 4 أشهر ... الكشف عن أسرار تطور اللغة المبكر
30 كانون الثاني 2025 , 15:41 م

الأطفال يشبهون المحققين الصغار، حيث يجمعون باستمرار الأدلة حول العالم من حولهم، إذا لاحظت يومًا أن طفلك يحدق فيك أثناء تحدثك، فذلك لأنه يستوعب أكثر من مجرد الأصوات – إنه يتعلم كيفية إنتاج تلك الأصوات.

الدراسة تكشف عن بداية مبكرة لتعلم اللغة  

كشفت دراستنا الحديثة، التي نُشرت في مجلة "Developmental Science"، أن هذه العملية المذهلة تبدأ في وقت مبكر يصل إلى أربعة أشهر، مما يهز الاعتقاد القديم بأن الأطفال يتعلمون هذه الأنماط فقط بعد أن يبدأوا في التركيز على لغتهم الأم بين عمر 6 و12 شهرا.  

كما تمنحنا هذه النتائج نافذة زمنية أوسع لمساعدة الأطفال الذين قد يكونون معرضين لخطر تأخر الكلام أو اللغة.

فرز الأصوات مثل فرز البوفيه  

بحلول عيد ميلادهم الأول، يكون الأطفال قد بدأوا بالفعل في ضبط آذانهم على أصوات لغتهم الأم من خلال عملية تسمى "الضبط الإدراكي"، يمكنك تخيل الأمر كما لو أن عقولهم تقوم بفرز بوفيه من الأصوات للتركيز على الأصوات الأكثر أهمية.  

ولكن في الأشهر الستة الأولى من حياتهم، يمكن للأطفال التمييز بين أصوات اللغات التي لم يسمعوها من قبل، على سبيل المثال قد يميزون بين بعض الأصوات في اللغة الهندية التي تكون صعبة على الناطقين باللغة الإنجليزية، أو يتعرفون على النغمات الفريدة في اللغة الصينية، حتى لو كانوا ينشأون في منزل يتحدث الإنجليزية.  

هذه القدرة المذهلة لا تدوم إلى الأبد بين عمر 6 و12 شهرا يبدأ الأطفال في تضييق تركيزهم على الأصوات التي يسمعونها بشكل متكرر، بالنسبة للحروف المتحركة، يبدأ هذا الضبط في عمر ستة أشهر تقريبا، بينما يتبع ذلك بالنسبة للحروف الساكنة في عمر يقترب من عشرة أشهر.  

يمكنك تخيل الأمر كما لو أن الأطفال يكبّرون الأصوات المهمة، مثل التمييز بين حرفي "r" و"l" في اللغة الإنجليزية، بينما يفقدون الحساسية تجاه الأصوات التي لا يسمعونها بانتظام.

تعلم اللغات المصغرة  

لتوضيح هذه الفكرة، تخيل أنك تستمع إلى شخص يتحدث لغة لا تعرفها. حتى إذا كنت لا تفهم الكلمات، قد تلاحظ كيف تتحرك شفتاه أو لسانه لإصدار الأصوات، الأطفال بعمر أربعة أشهر يمكنهم القيام بذلك أيضًا.  

لإثبات ذلك، أجرينا تجربة على 34 طفلا تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أشهر، بعد حصولنا على موافقة أولياء أمورهم، قمنا بإنشاء لعبة "تطابق النمط" باستخدام لغتين مصغرتين من صنعنا.  

إحدى اللغتين كانت تحتوي على كلمات تحتوي على أصوات شفوية مثل "b" و"v"، بينما استخدمت اللغة الأخرى أصواتًا طرفية مثل "d" و"z". كل كلمة، مثل "bivawo" أو "dizalo"، كانت مقترنة بصورة كارتونية – قنديل البحر للكلمات الشفوية وسرطان البحر للكلمات الطرفية، تم تشغيل تسجيل للكلمة في نفس الوقت الذي تم فيه عرض الصورة المقترنة.  

لماذا الكارتون؟ لأن الأطفال لا يمكنهم إخبارنا بما يفكرون فيه، لكنهم يمكنهم تكوين روابط في أدمغتهم، هذه الصور ساعدتنا على معرفة ما إذا كان الأطفال يمكنهم ربط كل لغة مصغرة بالصورة الصحيحة.  

بعد أن تعلم الأطفال هذه اللغات المصغرة وارتباطاتها بالصور، قمنا بخلط الأمور، بدلا من سماع الكلمات، شاهد الأطفال مقاطع فيديو صامتة لوجه شخص يقول كلمات جديدة من نفس اللغات المصغرة.  

في بعض مقاطع الفيديو، كان الوجه يتطابق مع الصورة الكارتونية التي تعلموها سابقا، وفي مقاطع أخرى، لم يكن هناك تطابق. ثم تتبعنا المدة التي نظر فيها الأطفال إلى مقاطع الفيديو – وهي طريقة شائعة يستخدمها الباحثون لمعرفة ما يلفت انتباههم.  

يميل الأطفال إلى النظر لفترة أطول إلى الأشياء التي تفاجئهم أو تثير اهتمامهم، وإلى النظر لفترة أقصر إلى الأشياء المألوفة، مما يساعدنا على فهم كيفية معالجتهم لما يرونه.   

النتائج كانت واضحة  

أظهرت النتائج أن الأطفال نظروا لفترة أطول بشكل ملحوظ إلى مقاطع الفيديو التي تطابقت فيها الوجوه مع ما تعلموه. وهذا أظهر أنهم لم يكونوا يستمعون بشكل سلبي فحسب – بل كانوا يتعلمون بنشاط قواعد اللغات المصغرة ويربطون هذه المعرفة بما شاهدوه. 

ربط النقاط بين الصوت والصورة  

ببساطة، هذا يعني أن الأطفال بعمر أربعة أشهر يمكنهم ربط النقاط بين الصوت والصورة، هذه القدرة المبكرة على اكتشاف الأنماط في كيفية إنتاج الأصوات هي الأساس لتعلم اللغة لاحقا. إنها كما لو أن أدمغتهم تقوم بالفعل بوضع الأساس لنطق أولى كلماتهم.  

تغيير في فهمنا لتطور اللغة عند الأطفال  

هذا الاكتشاف يغير ما كنا نعتقد أننا نعرفه عن تعلم اللغة المبكر عند الأطفال. فهو يشير إلى أن الأطفال يبدأون في اكتشاف الأنماط في عمر أربعة أشهر، أي قبل أن يبدأوا في الضبط الإدراكي لأصوات لغتهم الأم بين عمر 6 و12 شهرا.  

هذا يفتح أبوابا جديدة ومثيرة لإمكانيات مساعدة الأطفال الذين قد يواجهون صعوبات في الكلام أو اللغة. إذا تمكنا من التدخل في وقت مبكر، فقد نحدث فرقا كبيرا.