كتب الأستاذ حليم خاتون:
الفيل الجمهوري، الحمار الديمقراطي في اميركا، كلاب الناتو مع جامعة العربان الأذناب ومنظمة الإسلام الذليل... كل هؤلاء في كفة لا وزن لها...
مقابل مجموعة أبطال باعوا جماجمهم لله وارتقى معظم قادتهم إلى العرش الأعلى يجلسون في حضرة أسياد الجنة تحت ظل مالك الأكوان التي لا حدود لها...
يجلس حنظلة حزينا بعض الشيء؛ لكن فخرا لا حدود له يملأ قلبه الضعيف بعد عمر قضاه في النضال عشقا لأرض فلسطين التي لم يستطع رؤيتها إلا من بعيد...
من حديقة إيران على حافة حدود لبنان مع أرض القداسة...
ذرف حنظلة دمعة وهو يتذكر حكايا جدته عن الحياة في العفولة وبداية درب الجلجلة الفلسطيني مع الموجات الأولى للمهاجرين اليهود الذين كما الذئب حين لبس ثوب الحكماء وراح يتحدث عن الفضيلة...
حارب في شبابه دفاعا عن فلسطين، هُزم مرات عديدة، لكن الله لم يكن قد اختاره للشهادة...
عاش النكسة صبيا؛ سمع عن النكبة ثم قرأ في كتب لا وجود لها في مناهج التدريس في بلاد العربان عن الثورة الفلسطينية الكبرى وعن اجداده من الذين قاتلوا كي يحيا الوطن...
لا ذكر في كتب المناهج عن ملوك ورؤساء عرب تعاونوا تحت الطاولة مع الصهاينة لذبح فلسطين وتقديمها أضحية "لأولاد عمنا اليهود" كما عبر إبن سعود في رسالة أُرسلت الى الرئيس الأميركي وكُشف النقاب عنها منذ بصعة من السنين...
لكن دموع الحزن على عدم الشهادة طيلة هذه الحياة أعقبتها دموع فخر وعزة وكرامة وشرف لا يشعر بها إلا مَن عنده كرامة وشرف...
جلس متسمرا أمام الشاشة كما يفعل دوما حين يتباهى مقاتلو المقاومة الفلسطينية وهم يقودون الأسرى من الغزاة الأصحاء لمبادلتهم بأحباء دخلوا المعتقلات صبية وشبابا، رجالا ونساء ثم خرجوا منهكين من أثر التعذيب النازي في معتقلات أسفل ما في الحضارة الغربية من نذالة...
تذكر حنظلة عودة سمير القطار وأصحابه بعد حرب تموز ٢٠٠٦...
تذكر صورة السيد الشهيد حسن نصرالله...
تدفقت أمام عينيه صور القادة الكبار في النضال الفلسطيني...
عز الدين القسام، الشيخ أحمد ياسين، جورج حبش، ابو علي مصطفى، الشيخ راغب حرب، أنطون سعادة، (أبو طارق) الياس الزغبي، جورج حاوي، قاسم سليماني، عماد مغنية، مصطفى بدر الدين، السيد هاشم صفي الدين، السيد عباس الموسوي...
صور كثيرة تدفقت...
صور لا حصر لها...
تمنى أن يركب الطائرة عائدا إلى لبنان لينضم إلى شعب الجنوب والبقاع والضاحية في اقتحام قرى الحافة...
ينتظر بفارغ الصبر مجى موعد تلك الطائرة...
لم يعد الصبح ببعيد...
لم يُستشهد شابا في المعارك...
سوف يلبس كفنه ويذهب مع أهل أرض العزة والكرامة.. هناك على أرض الجنوب عل ثغور المقاومة...
هل يتكرم الله عليه بالشهادة...
سبقه كثير من الأحباء...
حسن وأحمد وعلي وحسين وجواد وهادي ومهدي وذو الفقار و... و...
سوف يتوضأ ثم يصلي صلاة المسلمين،
ثم يرتل أغاني عيد ميلاد السيد المسيح التي كان الشيخ محمد يحب سماعها...
سوف يغني الشيخ إمام مع "غيفارا اللي مات موتة رجال" ...
لقد آن الأوان...
عاش ما يكفي ليرى العز اليوم على شاطئ خان يونس وغزة...
سوف يكتمل العز حتما في جنوب لبنان...
أميركا هي أميركا...
نحن لسنا أقل من فيتنام...
نحن غزة..
نحن جنوب لبنان..
نحن الضفة...
نحن ضاحية الكرامة...
نحن اليمن...
نحن كل شريف في هذه الأمة التي ابتلاها الله بحكام سوف يقفون يوما على أطلال قصورهم يبكون،
ويخرج من يقول لهم:
لا تبك كالنساء ملكا،
لم تحافظ عليه كالرجال...



