في خطوة تعكس تصاعد التوترات التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، قدّم السيناتور الأمريكي جوش هاولي، ممثل ولاية ميسوري، مشروع قانون جديد يهدف إلى فرض قيود صارمة على تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الصينية داخل الولايات المتحدة، يُعتبر هذا التشريع واحدا من أكثر الإجراءات العدوانية التي تم طرحها حتى الآن في مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث يتضمن عقوبات مشددة تصل إلى السجن لمدة 20 عامًا وغرامات مالية ضخمة.
أهداف مشروع القانون: منع التعاون التكنولوجي مع الصين
يسعى مشروع القانون إلى "منع تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي داخل جمهورية الصين الشعبية من قبل أي شخص في الولايات المتحدة"، بمعنى آخر يهدف التشريع إلى حظر أي شكل من أشكال التعاون أو الاستثمار أو نقل المعرفة بين الأفراد أو الشركات الأمريكية والكيانات الصينية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ووفقا للنص المقترح، فإن أي انتهاك لهذا الحظر قد يعرّض المخالفين لعقوبات قاسية، تشمل:
- عقوبات جنائية: السجن لمدة تصل إلى 20 عامًا للأفراد الذين يثبت انتهاكهم للقانون.
- غرامات مالية: غرامات تصل إلى مليون دولار للأفراد، و100 مليون دولار للشركات.
تأثير القانون على DeepSeek والذكاء الاصطناعي الصيني
يرى المحللون أن تمرير هذا القانون قد يؤدي إلى حظر كامل لاستخدام DeepSeek، المنافس الصيني الناشئ في مجال الذكاء الاصطناعي، داخل الولايات المتحدة. DeepSeek، الذي يعتمد على تقنيات تعتمد على موارد أقل وكفاءة أعلى، أصبح مصدر قلق كبير للولايات المتحدة بسبب سرعة تطوره وقدرته على تعطيل الأسواق الأمريكية.
وقد أدى صعود DeepSeek إلى اضطرابات كبيرة في سوق الأسهم الأسبوع الماضي، حيث تسبب في خسائر تقدر بتريليون دولار. كما أثار تفوق الذكاء الاصطناعي الصيني مخاوف بشأن إمكانية تفوق الشركات الصينية على نظيراتها الأمريكية، مما قد يؤدي إلى إهدار مليارات الدولارات من الاستثمارات التكنولوجية الأمريكية.
ردود الفعل والجدل حول التشريع
وصف الباحث في جامعة هارفارد، بن بروكس، مشروع القانون بأنه "أكثر الإجراءات التشريعية عدوانية حتى الآن بشأن الذكاء الاصطناعي"، وأثار التشريع نقاشا واسعا في الكونغرس الأمريكي، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من سرعة تطور الذكاء الاصطناعي الصيني وتأثيره على الأمن القومي والاقتصاد الأمريكي.
شركة إنفيديا في قلب الجدل
أصبحت شركة انفيديا، الرائدة عالميا في صناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، نقطة محورية في هذا الجدل، فقد تعرضت الشركة لأكبر خسارة في يوم واحد لسهمها، مما أثار تساؤلات حول مستقبل توريدها للرقائق إلى الكيانات الصينية. وعقد الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جينسن هوانغ، اجتماعا مع الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث ناقشا "أهمية تعزيز التكنولوجيا الأمريكية وقيادة الذكاء الاصطناعي".
مقارنة مع حظر تيك توك
يرى بعض المشرعين أن الذكاء الاصطناعي الصيني قد يشكل تهديدا أمنيا مشابها لتطبيق تيك توك وعلى الرغم من تمرير الكونغرس قانونًا لحظر تيك توك العام الماضي، إلا أن القرار لا يزال معلقا، خاصة بعد تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن دعمه الأولي للحظر.
مستقبل القيود على الذكاء الاصطناعي الصيني
في ظل هذه المخاوف، قد يكون مشروع قانون هاولي بداية لفرض قيود أوسع على الذكاء الاصطناعي الصيني. ومع ذلك، يرى منتقدو التشريع أنه يهدف إلى حماية الأسواق الأمريكية من المنافسة الصينية أكثر من كونه إجراءً أمنيا.
مشروع القانون الذي قدمه السيناتور هاولي يعكس تصاعد التوترات التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، ويُظهر المخاوف الأمريكية المتزايدة من تفوق الذكاء الاصطناعي الصيني، بينما يدعم البعض التشريع كإجراء ضروري لحماية الأمن القومي، يرى آخرون أنه محاولة لحماية المصالح الاقتصادية الأمريكية من المنافسة الصينية، في كلتا الحالتين فإن هذا القانون قد يكون بداية لعصر جديد من القيود والصراعات التكنولوجية بين القوتين العظميين.



