هل اعترف المحور التركي القطري بضم الجولان إلى إسرائيل؟
مقالات
هل اعترف المحور التركي القطري بضم الجولان إلى إسرائيل؟
حليم خاتون
9 شباط 2025 , 21:41 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

وفق اكثر من مصدر أوروبي، اصدرت سلطة الجولاني في سوريا خريطة رسمية لتعليقها في المؤسسات الرسمية...

من الطبيعي أن يتم إعتراف سلطة الجولاني بضم هاتاي (الإسكندرون) إلى تركيا وفق سلطة جبهة النصرة التي لبس رئيسها كرافات حسب تعليمات مدربته البريطانية من أصل لبناني التي أرسلتها وكالة الاستخبارات البريطانية خصيصا لهذه المهمة؛ فالرجل دخل سوريا على دبابة تركية محسوبة في النهاية على حلف شمال الأطلسي...

هو نفس الحلف الذي شارك في الحرب الأخيرة بشكل مباشر على غزة، وعلى لبنان، عبر القيادة الوسطى في حلف الناتو...

لكن ان يتم إخراج الجولان السوري من هذه الخريطة!!!؟؟؟

هذا له تفسير واحد لا يحتمل أي التباس...

السلطة الجديدة في سوريا التابعة في كل قراراتها إلى حكومة ظل في فندق ال FOUR SEASONS في الطابق الرابع في دمشق حسب نفس هذه المصادر الأوروبية، سواء أعجب هذا الأمر البعض ام لم يعجبهم؛ هي سلطة تابعة لتركيا وقطر التابعين بدورهما لحلف الأطلسي، وهذا ما تؤكده كل مجريات الأمور في العلاقات المستحدثة بين الغرب وهذه السلطة...

فجأة تم رفع اسم ابي محمد الجولاني من لوائح الإرهاب رغم الشك الكبير بجدية وجود هذا الإسم أصلا على تلك اللوائح...

بقطبة مخفية، استطاع حلف الناتو القضاء على معظم القيادات التي كانت أعلى رتبة، او تشكل عائقا لصعود نجم هذا الاسم الأحجية (الجولاني) في التنظيمات التكفيرية...

تم ارسال مذكرة إلى الجهات الدولية كافة تطلب عدم الإشارة إلى ماضي هذا الرجل...

فجأة رأينا الأمر يصدر إلى السعودية لاستقباله رغم العداء السعودي للمحور التركي القطري...

تم ترتيب إجراءات مراسم العمرة لهذا الضيف والتركيز على قصة ولادته في السعودية وذهابه إلى إحدى مدارسها...

كان يجب كتابة C.V مُحكم يلغي اسم "أبو محمد الجولاني" ويستبدله بأحمد الشرع لطمس كل التساؤلات التي ظهرت تشكك في الأصل السوري لهذا "الداعية" غير البعيد عن التدريب الجيد جدا الذي يرقى إلى أعلى مستويات مؤسسات المخابرات الغربية، وربما الموساد الذي يملك ويدير جامعة إسلامية في تل أبيب تُعنى بكل المذاهب السُنّية والشيعية على حد سواء...

فجأة رأينا المستشار الألماني أولاف شولتز يدعو الجولاني لزيارة ألمانيا...

وربما لن يمر وقت طويل قبل أن نرى هذا الرجل الأحجية ضيفا عزيزا في البيت الأبيض...

الرجل منفتح حيث تريده الامبريالية أن ينفتح، ومتشدد حيث تريده أن يتشدد...

الرجل الذي تخلى عن الجولان، بالكاد يذكر في أحاديثه مسألة تقدم القوات الصهيونية ووصولها إلى مشارف دمشق...

لكنه في المقابل يرسل ما لديه من دبابات ومسيرات وكلاب مسعورة لمهاجمة الحدود الشمالية مع لبنان وفقا لحاجة الكيان الصهيوني الذي يريد تشتيت قوة المقاومة الإسلامية في لبنان ومنعها من استجماع قوتها والانطلاق في حرب تحرير لما تبقى من اراض لبنانية محتلة...

يتم تهجير قرى بأكملها من جنوب سوريا تمهيدا ربما لضمها لاحقا دون سكان هذه المرة بقرار من دونالد ترامب الذي يرى أن خريطة إسرائيل صغيرة جدا ويجب توسيعها...

يبتسم الجولاني أمام الكاميرات ويتقمص الدور الذي فُصٍل له...

هو من جهة يظهر بدور من يريد توحيد سوريا بما في ذلك الأكراد لأن هذا ما تريده أنقرة؛ لكنه في المقابل يرخي الحبال لكلابه المسعورة من أوزبيك وطاجيك وتركمان وشيشان وما جمعت رايات الوهابية من مصاصي دماء، لمهاجمة ليس فقط الشيعة والعلويين والمسيحيين وهؤلاء الأخيرين هم اصلا سكان سوريا الأصليين وهم من أعطى هذا البلد اسم سوريا؛ بل يمشي خطوة أكثر حين تقوم كلابه باستهداف كل العلماء والنخب الثقافية والعلمية وحتى المدرسين العاديين من اهل الاختصاص حتى لو كانو من السُنّة لأن هذه مهمته التي يريدها له الموساد الصهيوني...

فبعد القضاء على نفس تلك النخب في العراق إثر الغزو الأميركي لهذا البلد بحجة القضاء على صدام حسين، ها هو الجولاني يقوم بالمهمة نفسها في سوريا...

في العراق دار الحديث عن هيمنة الاقلية السُنّية على حكم بلد ذي أغلبية شيعية فتم جلب ما أمكن من اللصوص والعملاء الشيعة الذين كانوا يعيشون "صدفة" في بريطانيا بشكل أساسي، ولكن أيضا في اميركا وبقية دول الأطلسي أيضا...

لتتحول هذه الاسطوانة الطائفية المشروخة إلى الحديث عن هيمنة الاقلية العلوية على سوريا ذات الاغلبية السُنّية...

ثم تبدأ التحليلات العربية ذات المنشأ الخليجي تتحدث عن مثلث مصري سعودي سوري هو من يشكل مرتكزا للعالم العربي، بعد أن برع المحللون سابقا بالحديث عن مثلث مصري عراقي سوري لهذا المرتكز في هذا العالم العربي...

وبما أن البلدالمشترك بين المثلثين هي مصر، يجب الخوف فعلا على مصر...

قبلا، وفي فترة ما بعد بن لادن، كان الظواهري هو من يقود جحافل التكفيريين...

بن لادن كان من فبركة بندر بن سلطان لقتال السوفيات في أفغانستان...

حين انتهت مهمة بن لادن وسقط الاتحاد السوفياتي التفت هذا الأخير فجأة ليرى أن مأساة الأمة الإسلامية التي تأدلج على مفاهيم إبن تيمية فيها هي في فلسطين وأن أميركا هي الشيطان الذي يجب اسقاطه بعد الاتحاد السوفياتي...

هنا خرج بن لادن من سيطرة بندر بن سلطان دون الخروج من الفكر الوهابي التكفيري...

تم القضاء على بن لادن وإعطاء الكلمة للظواهري لأن الغرب اراد تدمير مصر بعد العراق...

لكن الأحداث اوجبت القضاء على سوريا قبل مصر حين صار هذا البلد يشكل من خطرا على إسرائيل...

لم يأت الخطر السوري من آل الأسد؛بل أتى من مدى ارتباط سوريا مع فلسطين من كون هذه الأخيرة جزءا مهما من جنوب بلاد الشام وسهولة تمرير معظم السلاح الذي ذهب إلى غزة ولكن الأهم إلى الضفة الغربية عن طريق المثلث الجغرافي السوري الأردني الفلسطيني...

كل قصص تهريب المخدرات التي كان يتباهى بإفشالها النظام الأردني كانت مجرد فبركة إعلامية لتشريع إفشال تهريب السلاح من سوريا إلى الضفة...

تماما كما كان يجري دائما إلصاق تهم تهريب مخدرات إلى أميركا اللاتينية والكابتاغون إلى السعودية بحزب الله اللبناني لتوسيخ سمعة المقاومة الإسلامية في لبنان...

سوف يخرج من يتهم الناس بالهوس بنظرية المؤامرة...

لكن حقيقة دامغة تبقى...

في منطقتنا العربية يوجد عدة قوميات تتصارع أو سوف تتعاون مستقبلا في خضم التنافس على السيادة على هذه المنطقة...

يوجد العنصر العربي، العنصر التركي، العنصر الفارسي، العنصر الكردي، إضافة إلى عناصر أخرى قد تزيد او تنقص...

العنصر الأكثر تعرضا للتهديد الوجودي هو العنصر العربي؛ من هنا يشكل الصراع العربي الصهيوني صراعا وجوديا بامتياز...

الآن، تشكل فلسطين العنصر الأكثر أهمية في مرحلة هذا الصراع الوجودي لتأسيس "إسرائيل الكبرى" التي سوف تضم كامل فلسطين، كامل لبنان، كامل الأردن، أكثر من ثمانين في المئة من سوريا، أكثر من نصف العراق، أكثر من ثلث مصر، حوالي نصف شبه الجزيرة العربية...

ما يتبقى من عرب في كل تلك المناطق سوف يكونوا "الغوييم" من خدم السبت عند الشعب المختار وفق سردية الصهيونية الدينية، أي الحيوانات التي خلقها الله على شكل بشر لعدم خدش شعور اليهود، أيضا وفق سرديتهم...

ما يتبقى من هذا العالم العربي سوف يكون هو ساحة الصراع على النفوذ بين العناصر المذكورة أعلاه...

من لا يؤمن بنظرية المؤامرة هذه، عليه فقط مطالعة تاريخ هذه المنطقة منذ فجر التاريخ الذي تسارعت خطواته بعد عصر النهضة في أوروبا...

من مارتن لوثر، إلى الحروب الصليبية، إلى نابليون، إلى هرتزل وبلفور والحروب العالمية، وصولا إلى سيطرة عالم روتشيلد للمال على لندن، باريس، فيينا، برلين، ومن ثم واشنطن مع مد هذا الأخطبوط المالي داخل كل العواصم الثانوية من موسكو وكييف وصولا إلى مدريد ولشبونة...

كل شيء يتم تسخيره لخدمة محو العنصر العربي لصالح عنصرِِ خليط يجب أن يكون هو مركز التحكم ببقية العناصر...

محور المقاومة تلقى ضربات صحيح...

لكن الصراع لا يزال دائرا...

مراكز قوة العنصر الخليط تركز هذه الأيام على غزة والضفة وجنوب لبنان...

تمت السيطرة شبه الكاملة تقريبا على سوريا...

الضربة التالية سوف تركز على مصر، ثم الأردن...

الصراع مع إيران ليس وجوديا للصهيونية إذا استطاع الغرب تحييد هذا البلد عن مناصرة العنصر العربي...

تركيا قررت انها لن تكون ملكية أكثر من الملك؛ لذلك انضمت بشكل غير مباشر ضد العنصر العربي بتردد عبر موقعها داخل حلف شمال الأطلسي...

كيف سوف تسير الأمور يعتمد الآن فقط على غزة، الضفة، جنوب لبنان، البقاع، الضاحية الجنوبية لبيروت حيث الثقل السياسي للمقاومة الإسلامية في لبنان؛ جزء من العراق قد يتمرد ويعود إلى القتال بعد خضوعه للتهديدات الغربية أواخر طوفان الأقصى؛ واليمن طبعا، الذي يشكل حتى اليوم عنصر الصدمة الذي استطاع ضرب تحالف الناتو...

بانتظار عودة الحياة إلى موتى الأمة العربية التي لم تعد "خير أمة أٌخرجت للناس"...

المستقبل غامض ونصر المظلوم لم يعد حتمية تاريخية في عالم الذكاء الصناعي...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري