لا أعرف إلى أي مدى يحب الله هذه الأمة غير الواحدة التي تدعي امتلاك رسالة خالدة...
يقال إن الله امتحن اليهود إلى درجة الكفر بصبر أيوب إلى أن قرر تشتيتهم في أربع جهات الأرض...
قبل أن يعودوا ليجلسوا فوق جثثنا...
يتساءل المرء عن الحكمة من النكبات التي تحل على قوم النبي من الأعراب...
من نكبة الثروات والغنى التي تؤدي إلى الفحشاء والمنكر كما يظهر جليا ليس فقط في زعامات العرب، بل حتى في أصغر كر فيهم، إلى نكبات الذل والعبودية التي تظهر في الرسن الذي يلتف حول أعناق معظم أبناء هذه الأمة المُخدّرة بهيام جلاديها...
كم من التجارب سوف تمر على العرب حتى يستيقظ فيهم شيء من كرامة وعنفوان...
آخر الأخبار،
الكويت على درب الابراهيمية الجديدة...
يرتفع محور المقاومة في جو انعدام الوزن وهو يظن أن باستطاعته التحليق والطيران...
محور لم يتعلم ، ولا يتعلم...
على مدى التاريخ ينتقل من انتصار بالشكل، وصفعة بالمضمون وهو يعتقد اعتقادا رأسها إنه في الطريق الصحيح...
لا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل او حتى التشكيك بمدى عظمة أولئك الذين قاموا بعملية طوفان الأقصى، ولا أيضا وأيضا بكل من سقط على "طريق القدس" أو في معركة "أولي البأس"...
لكن العظمة في القتال شيء، والخسارة في الاستراتيجيا شيء آخر...
لم يقم العرب منذ عصر حروب الفتح بأية حرب استراتيجية رابحة...
كل حروبهم تكتيتك بتكتيك؛ وتكتيك خاسر في النهاية...
يقولون ان خصومهم غير قادرين على حروب استراتيجية طويلة في الوقت عينه الذي لا يتوقف الالتفاف الاستراتيجي حول أعناقهم ببطء ولكن بثبات...
في ذلك الزمن غير البعيد، طلع علينا ياسر عرفات بمقولة حرب الديموغرافيا...
في لحظة سكر دون كحول، توصل عرفات، وربما بمعاونة صديق أو أصدقاء كياسر عبد ربو مثلا او نبيل ابو ردينة إلى تلك الوصفة العجيبة:
كل ما على الفلسطينيين فعله هو النكاح ثم النكاح حتى نعوّض اعداد كل من يقتلهم الأعداء وشوية سكّر زيادة...
هكذا دخل عرفات في أوسلو وهو على ثقة جامحة غريبة بأنه سوف يستعيد فلسطين بحرب الديموغرافيا...
ثم صاح محمود عباس من بعده على باب قن الدجاج في المقاطعة بالمقاومة المدنية السلمية...
صدق الكثيرون نظرية محمود عباس وانطلقت مظاهرة ضخمة من غزة نحو الغلاف تبغي العودة...
وضع الصهاينة مجموعة كبيرة من الصيادين على غلاف القطاع وبدأت أكبر عملية صيد للبشر منذ آخر مذبحة قام بها الأوروبيون بحق سكان القارة الأميركية الأصليين...
لم يوفر القناصة حتى ذوي الإعاقة...
ردت إسرائيل على حرب عرفات بالديموغرافيا، كما ردت على نضال محمود عباس المدني بمعادلة بسيطة جدا:
كلما زاد عدد الفلسطينيين عما هو مرسوم للحاجة لعبيد السبت، سوف نداويه بالرصاص والإبادة...
اصرخوا كما تشاؤون...
العالم لا يسمع...
ومن سمع سوف يعود الى كنبته بعد فترة ويتذكر تلك الأيام قبل أن تعيد تدجينه المنظومة العالمية بفعل السيطرة على كل مفاصل الحياة...
كأن نظريات ياسر عرفات ومحمود عباس لا تكفي في ازدياد بؤسنا وهزائمنا، وصلت العدوى إلى محور المقاومة...
حماس قامت بعملية ناجحة جدا اخترقت بها الغلاف واجتاحت مواقع فرقة غزة... قبل أن تكتفي بهذا الإنجاز وتقوم بالقضاء عليه عبر الإنكفاء الى داخل أسوار سجن غزة الكبير بانتظار حفلة صيد بشرية على مستوى اكبر بكثير مما عرفناه في أوشفيتز...
وإذا بإيران تطلع علينا بنظرية الربح بالنقاط...
أما كيف يمكن الربح بالنقاط مع عدو يملك كل أسلحة الدمار الشامل واسلحة الصيد البشري الجماعي، وانت تخرج ليل نهار تقسم بالذي خلق الشمس والقمر انك لن تعمل عل امتلاك سلاح دمار شامل ولو على سبيل الردع...
وهكذا يخرج دونالد ترامب ليقول للأميركيين إنه سوف يجدد الصداقة مع كوريا الشمالية لكنه سوف يؤدب إيران اذا ما تجاوزت حدودا معينة...
وكما فعل جمال عبدالناصر يوم تحطمت الطائرات على اراضي المطارات عند الفجر قبل استخدامها، هكذا تم تدمير الصواريخ الكاسرة للتوازن في مرابضها في يوم واحد قبل الإطلاق بانتظار الوحي الذي لم يأت...
بماذا تختلف نظرية حرب الديموغرافيا ونظرية النضال المدني السلمي عن نظرية الفوز بالنقاط؟...
استشهد ياسر عرفات مسموما لكي يخلفه محمود عباس بنكتة النضال المدني السلمي ضد إسرائيل وأميركا من جهة، والقبضة الحديدية ضد المقاومة، مسلحة كانت أم لا... نزار بنات لم يكن يحمل اكثر من كلمات ازعجت سلطة عمالة رام الله...
أما في لبنان،
فقد سقط عشرات القادة الكبار وعلى رأسهم السيد نصرالله بينما لايزال يخرج علينا من يحكي اساطير عن هجمات الصواريخ الإيرانية في الوعد الصادق جزء اول وجزء اثنين التي لا تختلف في الشيء الكثير عن حرب السادات والأسد التحريكية في تشرين ٧٣...
نحن الآن في جنوب لبنان نلملم جراحنا وسط فرح عارم في محيط مناصري الإرهاب التكفيري في البيئات غير الشيعية...
ترد إحداهن على رفضنا الاستسلام لإسرائيل بدعوة محور الشر الأميركي للقضاء علينا قضاء مبرما...
نبكي شهداءنا ليس لأنهم سقطوا،
نبكيهم لأن استراتيجية محور المقاومة انتهت في النهاية إلى نفس طريق ابو عمار ومحمود عباس ومحمد أنور السادات...
نحن اليوم ننتصر بالشكل...
لكن المضمون لا يزال بعيدا بانتظار من يكبس الزر حين يجب لكي لا تتحطم الطائرات ذات فجر، او يتم تدمير الصواريخ ذات يوم...