كشفت دراسة حديثة أن الجلوس لفترات طويلة يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب ، خاصة فشل القلب والوفاة الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية. وأشارت الدراسة إلى أن ممارسة التمارين الرياضية وحدها لا تكفي لتعويض الآثار الضارة للجلوس المفرط، مما يؤكد على أهمية تقليل فترات الجلوس وزيادة النشاط الحركي.
الجلوس الطويل وأمراض القلب
وأظهرت الدراسة، التي أجراها باحثون في "ماس جينيرال بريغهام"، أن نمط الحياة الخامل يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب الشائعة، حتى لدى الأشخاص الذين يلتزمون بالإرشادات الموصى بها لممارسة التمارين الرياضية، وعرّفت الدراسة السلوك الخامل بأنه الأنشطة التي يتم القيام بها أثناء الاستيقاظ مع استهلاك طاقة منخفض، مثل الجلوس أو الاستلقاء، باستثناء النوم.
ووجدت النتائج أن الجلوس لفترات طويلة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، خاصة فشل القلب والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، ومع ذلك فإن استبدال فترات الجلوس بأنشطة أخرى يقلل بشكل كبير من هذه المخاطر.
تأثير الجلوس لفترات طويلة على صحة القلب
كما أشارت الدراسة إلى أن تحقيق المستويات الموصى بها من النشاط البدني المعتدل إلى القوي قد لا يكون كافيا لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إذا كان الجلوس المفرط جزءا من الحياة اليومية، وقد نُشرت هذه النتائج في مجلة "جورنال أوف ذا أمريكان كوليدج أوف كارديولوجي".
وقالت الدكتورة إيزيماكا أجوفو، زميلة طب القلب في مستشفى بريغهام والنساء والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "يقضي الكثير منا معظم يومه في الجلوس، وعلى الرغم من وجود الكثير من الأبحاث التي تؤكد أهمية النشاط البدني، إلا أننا كنا نعرف القليل نسبيا عن العواقب المحتملة للجلوس لفترات طويلة، باستثناء الوعي العام بأنه قد يكون ضارا، لقد وجدنا أن خطر الجلوس يظل قائما حتى لدى الأشخاص النشطين بدنيًا، وهو أمر مهم لأن الكثير منا يجلس لفترات طويلة ويعتقد أن ممارسة التمارين في نهاية اليوم يمكن أن تعوض ذلك، ومع ذلك وجدنا أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك."
نتائج الدراسة والمخاطر الصحية
قام فريق الدكتورة أجوفو، الذي ضم باحثين من مختلف أقسام "ماس جينيرال بريغهام"، بتحليل بيانات أسبوع واحد من أجهزة تتبع النشاط لـ 89,530 فردا من مجموعة "UK Biobank" المستقبلية، ودرس الفريق العلاقة بين الوقت اليومي الذي يقضيه الأشخاص في الجلوس ومخاطر الإصابة بأربعة أمراض قلبية شائعة في المستقبل: الرجفان الأذني، والنوبات القلبية، وفشل القلب، والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية. واستخدم الفريق خوارزمية تعلم آلي لتصنيف السلوك الخامل.
ووجد الفريق أن السلوك الخامل مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأنواع الأمراض القلبية الأربعة، مع زيادة ملحوظة في خطر فشل القلب والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 40-60% عندما يتجاوز الوقت اليومي للجلوس 10.6 ساعات (باستثناء ساعات النوم)، واستمرت العديد من الآثار السلبية للجلوس المفرط حتى لدى الأشخاص الذين حققوا الإرشادات الموصى بها بممارسة أكثر من 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى القوي أسبوعيا. على سبيل المثال، على الرغم من أن الدراسة وجدت أن خطر الرجفان الأذني والنوبات القلبية يمكن تقليله بشكل كبير من خلال ممارسة النشاط البدني، إلا أن الخطر الزائد لفشل القلب والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية يمكن تعويضه جزئيًا فقط من خلال النشاط البدني.
أهمية تقليل فترات الجلوس
قال الدكتور شان خورشيد، المؤلف المشارك في الدراسة وأخصائي كهربية القلب وأستاذ في مركز "تيليماكوس وإيرين ديمولاس فاميلي" لاضطرابات نظم القلب في مستشفى ماساتشوستس العام: "تدعم بياناتنا فكرة أنه من الأفضل دائما الجلوس أقل والتحرك أكثر لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، وأن تجنب الجلوس المفرط مهم بشكل خاص لتقليل خطر فشل القلب والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية."
ويعتزم الفريق البحثي استخدام هذه النتائج لإعلام الإرشادات المستقبلية وجهود الصحة العامة، كما يأملون في إجراء دراسات مستقبلية لاختبار فعالية التدخلات الصحية العامة التي تساعد الأشخاص على تقليل عدد الساعات التي يقضونها في الجلوس، ومعرفة كيف يؤثر ذلك على صحة القلب والأوعية الدموية. بعد ذلك، يخطط الفريق لتوسيع نطاق هذا البحث لدراسة تأثيرات السلوك الخامل على مجموعة من الأمراض الأخرى وعلى فترات زمنية أطول.
وقال الدكتور باتريك إلينور، المؤلف المشارك في الدراسة وطبيب القلب ومدير مركز "كوريغان مينيهان" للقلب في مستشفى ماساتشوستس العام: "التمارين الرياضية مهمة، ولكن تجنب الجلوس المفرط يبدو مهما بشكل منفصل، نأمل أن يتمكن هذا العمل من تمكين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية من خلال تقديم طريقة أخرى للاستفادة من السلوكيات الحركية لتحسين صحة القلب."



