في الواقع: الجمهور عاوز اللي يتعرض له، وهو يتفاعل مع أي قصة وأي رسالة توجه له عبر الإعلام، والتاريخ يثبت أن الإعلام هو الذي يصنع ثقافة الشعوب، لا العكس، أي محصلش قبل كدا إن الشعب هو اللي خلق إعلامه.
(التأثير بيبقى من فوق حضرتك)
الشعب المصري لم يتغير للتشدد الديني ودعم الجماعات غير بقنوات السلفية التكفيرية التي ظهرت منذ عام 2006 قبل هذا التاريخ كانت فكرة قتل مواطن لمجرد دينه أو سبه ولعنه، أو الشماتة في الموت، هي أعمال حقيرة خاصة بالمجرمين والمتطرفين والمنحرفين أخلاقيا، والخارجين عن القانون..
لكن منذ ظهور هذا الإعلام المتطرف بدأت تتغير الثقافة، وأصبحت ميول الأغلبية لهذا النوع من التطرف، اللي كلنا بنشوفه على هيئة شماتة وكراهية وعنف وتحريض وطائفية وكل وساخة تتخيلها..
مقولة (الجمهور عاوز كدا) تنزع المسؤولية عن الفنان أو المبدع وتلقيها على الجمهور، وكأن الفن مجرد مرآة سلبية تعكس رغبات الجماهير دون أي دور إبداعي أو توجيهي أو إرشادي أو تعليمي.
الفن ليس مجرد استجابة للطلب الشعبي، بل هو أداة قوية لتشكيل الوعي والثقافة، سواء بطريقة إيجابية أو سلبية.
ولا يتوقف ذلك على السينما والدراما، بل يمتد للموسيقى، حيث تمثل الموسيقى نوعا من الوعي عند الجمهور، فالموسيقى السريعة والصاخبة التي تمجد العنف وأدواته وتستعمل مفرداته في كلمات الأغاني،تؤدي غالبا للتطبيع مع العنف وتوظيفه كطريقة حل أولى للمشاكل، والعكس صحيح، أي الموسيقى الرومانسية الهادئية والخيال الخصب عند الملحنين، والتنوع في المقامات وجمال الأصوات بيخلق ويعزز طاقة الحب عند الإنسان، وتدفعه للانخراط والتفاعل الإيجابي مع المجتمع..
موسيقى الراب مثلا تعتني في مضمونها بمفاهيم القوة والتمرد والتحدي، وغالبا جمهورها الشبابي بيتكون عنده طاقة عنف تخرج على شكل جرائم مثل المخدرات والدعارة والقتل أو التحريض..بس طبعا من غير تعميم، لأن فيه جزء من جمهور الراب وإن استوعب هويته العنيفة لكنه غير متطبع مع العنف وأصحاب شخصيات سلمية..
اللي بيحصل في سينما ودراما البلطجة والعنف في مصر، هو مجرد (فرض أذواق) شخصية من المنتج والمخرج، ليست بالضرورة تكون موجودة بهذا الشكل، لكن تصويرها والإصرار عليها وإنتاجها كل سنة، بيدفع المجتمع للعنف فعلا، وإنه يشوف أبطال هذه الأعمال كعظماء أولى بالتقليد .
كذلك في سينما تعدد الزوجات، اللي زمان كان هذا التعدد قبيحا، وتم تمثيله على إن المُعدد شهواني، واللي بتقبل بالتعدد طماعة ومؤذية للأولى، حتى أعمال مثل الزوجة الثانية 1967 جعلت خاتمة هذا التعدد سيئة للغاية، وساهمت في تعزيز قيم العدالة والتضامن وعدم قهر المرأة، والشعور بمظلوميتها والاهتمام بأحوالها..
بعيد عند أول ما دراما التعدد انتشرت لقينا قهر المرأة منتشر، والتحرش بقى طبيعي، وامتهان الأنثى وقتلها والتشفي بها واستضعافها أصبح من علامات الرجولة،
يبقى بعقلك، الجمهور هو اللي عاوز، والا حضرتك اللي عاوز وبتلقي اللائمة على الجمهور؟



