خط الاستواء، ذلك الخط الوهمي الذي يقسم الكرة الأرضية إلى نصفين شمالي وجنوبي، يحمل في طياته العديد من العجائب والحقائق المثيرة، من دقة تحديده القديم في الإكوادور إلى الطقوس المثيرة للبحارة عند عبوره، يظل خط الاستواء واحدا من أكثر الظواهر الجغرافية إثارة للاهتمام.  

دقة تحديد خط الاستواء في الإكوادور

في عام 1997، اكتشف الباحثون على قمة جبل كاتكويلا بالقرب من مدينة كيتو في الإكوادور أنقاض جدار نصف دائري، بعد الاستعانة بنظام ملاحة عالمي بالأقمار الصناعية، تبين أن أحد طرفي الجدار يقع مباشرة على خط الاستواء، المدهش أن هذا الموقع يقع عند خط العرض "0°00′00" تقريبا، مما يشير إلى دقة تحديد خط الاستواء قبل قرون طويلة من ظهور الأجهزة الحديثة.  

الإكوادور، التي حصلت على اسمها من الكلمة الإسبانية لخط الاستواء، تحتضن المركز الحقيقي للعالم في مدينة "ميتاد ديل موندو"، التي تعني حرفيا "وسط العالم"، هنا يمر خط الاستواء ويظهر للزائرين على شكل خط أصفر مرسوم على الأرض.  

التاريخ العلمي لخط الاستواء

تم قياس خط الاستواء لأول مرة من قبل عالم الرياضيات والفلك الإغريقي إراتوستينس القيرواني (276—194 قبل الميلاد)، الذي قضى معظم حياته في مصر كرئيس لمكتبة الإسكندرية. أظهرت بيانات إراتوستينس أن طول خط الاستواء يعادل 40,000 كيلومتر، وهو رقم قريب جدا من القياس الحديث الأكثر دقة البالغ 40,075 كيلومترا.  

في القرن الثامن عشر، قامت بعثة مسح فرنسية بقيادة علماء الفلك لويس غودين وشارل ماري دي لا كوندامين وبيير بوجيه، وبمشاركة باحثين إسبانيين، بتحديد موقع خط الاستواء، ومع ذلك أظهرت التكنولوجيا الحديثة أن القياسات الفرنسية كانت تحيد قليلاً عن الموقع الدقيق، حيث يقع خط الاستواء على بعد حوالي 240 مترا جنوب الموقع الذي حددوه.  

حقائق مذهلة عن خط الاستواء

يمر خط الاستواء بثلاث قارات و14 دولة، بالإضافة إلى 33 جزيرة، منها 17 جزيرة في إندونيسيا و9 جزر عند مصب نهر الأمازون و5 جزر في بحيرة فيكتوريا في إفريقيا.  

توجد أعلى نقطة على خط الاستواء على ارتفاع 4,690 مترًا، وهي على نهر جليدي يقع على المنحدر الجنوبي لبركان "كايامبي" في الإكوادور، هذا النهر الجليدي هو الوحيد على خط الاستواء، ويتميز بمناخ صيفي دائم تتراوح فيه درجات الحرارة بين +24 و+28 درجة مئوية طوال العام.  

ظواهر طبيعية مثيرة

إلى الشمال من خط الاستواء، تدور المياه عند التصريف في اتجاه عقارب الساعة، بينما تدور في الجنوب عكس اتجاه عقارب الساعة، أما عند خط الاستواء بالضبط، فإن الماء لا يدور على الإطلاق. هذه الظاهرة البسيطة استخدمها البحارة في العصور القديمة لتحديد موقع خط الاستواء.  

طقوس عبور خط الاستواء

من بين التقاليد المثيرة المرتبطة بخط الاستواء، طقوس "نبتون" التي كانت تُقام على متن السفن التي تعبر الخط. كان البحارة المبتدئون يخضعون لطقوس مرور بخط الاستواء، والتي تشمل تلطيخهم بزيت الوقود، والعوم في البحر، وحلق رؤوسهم وذقونهم باستخدام فأس أو أدوات أخرى. بعد اجتياز هذه الاختبارات، يحصل البحار على وثيقة تعفيه من هذه الطقوس في المستقبل.

خط الاستواء ليس مجرد خط وهمي على الخريطة، بل هو ظاهرة جغرافية تحمل في طياتها العديد من العجائب والحقائق المثيرة، من دقة الحسابات القديمة إلى الطقوس البحرية المثيرة، يظل خط الاستواء واحدا من أكثر الظواهر إثارة للاهتمام في عالمنا.