سلم أشد مرارة من الحرب
مقالات
سلم أشد مرارة من الحرب
حليم خاتون
29 آذار 2025 , 11:57 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

"لا تبكي كالنساء ملكا أضعته،

لم تحافظ عليه كالرجال"

الذي يعتقد أننا لا نعيش هذه الحالة واهم...

ممنوع إعادة الإعمار...

ممنوع رفع الحصار...

ممنوع دخول المساعدات لمنكوبي الحرب...

كل شيء ممنوع...

نحن محاصرون في الداخل من كل الكلاب الداشرة هذه الأيام والتي يعبر عنها يوسف رجي وشارل جبور افضل تعبير...

نحن محاصرون من البر من قبل إسرائيل وقطعان عربان أميركا...

عربان أميركا يبدأون بكل أنظمة العرب ولا ينتهون بتنظيم القاعدة مع هيئة (تخرير) الشام المدعومة من تركيا الإخوان المسلمين...

أما من البحر فالبركة بالألمان الذين رغم أوكرانيا وترامب لا يزالون على خاطر إسرائيل، بنت الغرب المدللة...

عدنا إلى زمن الهزائم...

من منا لا يذكر منشأة عماد ٤؟

عماد أربعة لم تكن مجرد صورة...

عماد أربعة كانت حقيقة يمكن أن تُثير الرعب في قلوب الأعداء...

لكن عماد أربعة كانت تحتاج إلى قرار...

الذي كان يخيف الأعداء لم تكن منشأة عماد أربعة...

الذي كان يخيف الأعداء هو القرار...

عندما غاب القرار تحولت عماد أربعة إلى مجرد صورة...

الإيرانيون يعيدون نفس الغلطة، نفس الأسلوب...

يبثون صور المدن الصاروخية الموجودة داخل الجبال...

يتباهى إعلام المقاومة بهذه المدن...

يظن انها تشكل فرقا...

يعتقد اننا ملكنا الأداة...

لكنه يجهل أن كل ذلك سوف يتحول إلى مجرد صورة بسبب انتفاء وجود قرار الحرب..

إيران تتباهى بأسنان لا تريد استعمالها...

تماما كما فعل محور المقاومة في لبنان...

من داخل فقاعة الصبر الاستراتيجي، خرج تكتيك القنابل الصوتية الذي ميّز معظم تصرفات حزب الله أكثر من عشرة أشهر اعقبت السابع من أكتوبر ٢٣...

عندنا مثل يقول؛

"الله بيعطي الحلاوة لَلِبَلا اسنان!"

عندما يغيب القرار، نكون بلا أسنان...

كانت الصواريخ هي الحلاوة...

كان الردع الفعلي هو الحلاوة...

لكن عندما غاب القرار، غابت الأسنان...

تحول الردع إلى صورة قابلة للتمزيق...

تم تكسير الأسنان بسبب عدم اتخاذ القرار...

نعم كان هناك خرق اسرائيلي عظيم...

كانت عيون أميركا وبريطانيا وألمانيا في الفضاء والبر والبحر كلها تراقب حزب الله...

لكن هل كانت قوتنا رغم كل ذلك أقل من الثمانينيات والتسعينيات؟

بالتأكيد لا...

كل شيء يشي بهذه اللاء الكبيرة...

سلطة ما بعد ال٨٢ في لبنان كانت ألعن من كل شيء يمكن تصوره...

عشنا مطاردات كل أنواع المخابرات لكل ما هو وطني وعروبي...

السلفيون، حتى السلفيون وجماعات التكفير كانوا موجودين...

كانوا أضعف لاننا كنا نمتلك قرار الحرب ضد إسرائيل...

كانوا أضعف إلى ان مكنّاهم نحن منا يوم بدأنا نعطي سيد قطب بعض العطف فخرج من تحت قناع سيد قطب وجه إبن تيمية اللعين...

هل تذكرون كيف في عز قوة المقاومة تنكرنا للمقاومة في صيدا المتمثلة بتيار مصطفى سعد وأدخلنا إلى الحياة تيار علي الشيخ عمار من الإخونجية...

لكن يومها، غطى قرار محاربة إسرائيل على كل ذلك وكنا ننتقل من نصر الى نصر...

كم من الجواسيس تم إلقاء القبض عليهم طيلة ثمانية عشر عاما من القتال حتى يوم التحرير سنة ٢٠٠٠...

كل ذلك كان خروقات...

كبر حجم المقاومة، وكبرت معها الخروقات...

الشيء الوحيد الذي شكل فرقا هو اننا كنا نملك قرار الحرب...

كنا نملك القرار...

الشيء الوحيد الذي شكل فرقا هو اننا في الثمانينيات كنا نطبق مبدأ العين التي تقاوم المخرز...

أما في السنة الأخيرة ما قبل السابع والعشرين من نوفمبر، فقد أصبح شعار العين التي تقاوم المخرز مجرد شعار لا نريد نحن تطبيقه...

باسم منع قصف بيروت ولبنان والتسبب بعشرات ومئات الآلاف من الشهداء، لم نقم بتفعيل آلة القتل التي كنا نملك والتي وحدها كانت تشكل كل الردع...

لم نستخدم أسناننا المتمثلة بما يشبه عماد أربعة حتى سمحنا للأميركي بتكسير هذه الأسنان...

اشتهر الوزير الاسرائيلي السابق ليبرمان بجملة كان يرددها في حق نتنياهو...

كان يقول له وعنه:

إن الكلب الذي ينبح كثيرا، لا يعض..

يبدو أن هذا المثل انطبق على محور المقاومة بشكل منصف جدا...

أكثرنا من النباح ولم نقم بالعض رغم قدرتنا على هذا...

كنا نعلّي السقف في الكلام ثم نسلّم أمورنا إلى الضابط الاسرائيلي هوكشتاين...

كنا نعرف جيدا إنه ضابط صهيوني لكننا عندما نخاطبه، كنا بكل سخرية نتوجه بالخطاب إلى جواز سفره الأميركي...

وكأن هناك فرق بين الاسرائيلي والأميركي...

"كيف بدك عدوك يحترمك وانت بهذا الغباء الاستراتيجي..."

"لكننا لم نكن نستطيع فعل أكثر مما فعلنا"... يجيبك أحد فطاحل محور المقاومة...

العدو الإسرائيلي على تخوم الجنوب، وفي الداخل هناك مجموعات تكفيرية منتشرة في المخيمات الفلسطينية، وفي تجمعات النزوح السوري وبمجرد سقوط الدولة السورية نشأ وضع جعل من الحدود السورية اللبنانية منطقة أكثر خطرا حتى من الحدود مع جنوب لبنان...

في الجنوب هناك عدو ماكر يكرهنا... لكنه العدو الآتي من المستقبل...

هو ماكر جدا يفبرك سردية تاريخية توراتية...

أما العدو القابع في قصر المهاجرين في الشام، فهو عدو يأتي من القرون الوسطى مع عقول متحجرة من القرون الوسطى وقلوب غليظة تعود إلى ما قبل القرون الوسطى...

ما الفرق بين الجولاني وأبو لهب...

ما الفرق بين أسيل الهولندية التي تريد إطعام اسماك البحر من جثث العلويين والمسيحيين والشيعة وبين هند آكلة كبد حمزة عم الرسول...

كل هؤلاء كانوا ليكونوا نكرة لو أننا امتلكنا القرار بتدمير تل أبيب على رؤوس من فيها...

اليوم يأتى من يبكي أن البناء في الضاحية كان مدنيا...

كأننا نكتشف إسرائيل اليوم...

كأن تاريخ إسرائيل منذ ما قبل النكبة وحتى اليوم هو ورد وياسمين...

هل نريد إقناع العربان باننا نتعرض للظلم...

هؤلاء لا علاقة لهم بالعروبة...

هؤلاء لا علاقة لهم بالإنسانية...

هؤلاء لقطاء مكن الإنكليزي أكثرهم خسة ونذالة من قيادة القطيع...

الشعوب العربية بمعظمها ليست إلا قطعان ماعز...

كل ما كنا نحتاجه ضد كل هذا الواقع المزري هو امتلاك الجراة على استعمال قرار الحرب وتحويل هذا الشرق الأوسط إلى آتون يحرق كل تلك القطعان ويطهرها من الرجس الذي هي فيه...

لو اننا قصفنا تل أبيب يوم كان ذلك باليد لما كنا عدنا إلى زمن الذل الذي نحن اليوم فيه...

غياب قرار الحرب قضى على زمن الانتصارات وها نحن قد عدنا مرة جديدة إلى زمن الهزائم...

السبب اننا لم نجرؤ على اتخاذ القرار يوم كان هذا القرار حاسما فاصلا لكل تاريخ هذا الصراع....


المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة هكذا تم فك شيفرة حزب الله
هكذا تم فك شيفرة حزب الله
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً