تعرف على سر بقاء أشجار الكرز في الشتاء القارس دون تجمد
منوعات
تعرف على سر بقاء أشجار الكرز في الشتاء القارس دون تجمد
14 نيسان 2025 , 13:53 م

تلجأ أشجار الكرز الحلو إلى خدعة مذهلة للبقاء على قيد الحياة تُعرف باسم "التبريد الفائق"، وهي آلية طبيعية تُمكِّن براعم الأزهار من مقاومة درجات الحرارة المنخفضة دون أن تتجمد.

لكن هذا التوازن الدقيق قد ينهار في لحظة، كما حدث في يناير 2024 حين اجتاحت موجة برد قاسية المنطقة، وتسببت بخسائر كارثية في محصول الكرز، مما دفع الباحثين إلى التعمق في فهم هذه الظاهرة ولماذا تضعف قدرة الأشجار على مقاومة البرد مع اقتراب الربيع، وتزداد أهمية هذا البحث في ظل التغير المناخي الذي يزيد من تقلبات الطقس خلال فصل الشتاء.

-التبريد الفائق: استراتيجية ذكية للبقاء

يعمل فريق من الباحثين في جامعة كولومبيا البريطانية – فرع أوكاناغان على دراسة آليات بقاء أشجار الكرز الحلو خلال الشتاء، حيث تتيح لها تقنية التبريد الفائق حماية براعم الأزهار من التجمد حتى في درجات حرارة ما دون الصفر.

وقد نشرت الدكتورة إليزابيث هوتون، المتخرجة حديثا من قسم الأحياء في كلية إيرفينغ ك. باربر للعلوم، بحثا علميا جديدا في مجلة Plant Biology، تناولت فيه هذه الاستراتيجية الطبيعية التي تعتبر حاسمة لبقاء الثمار، لأن البراعم يجب أن تبقى حية خلال الشتاء لتتحول إلى ثمار في الموسم التالي.

- ضربة موجعة: موجة البرد القاتلة في أوكاناغان

شهدت منطقة أوكاناغان في يناير 2024 موجة برد شديدة انخفضت فيها درجات الحرارة إلى -27 درجة مئوية، ما أدى إلى أضرار واسعة في أشجار الفاكهة، وأُتلف نحو 90% من محصول الكرز المتوقع في المنطقة.

ورغم امتلاك الأشجار آليات طبيعية للصمود، فإن آلية التبريد الفائق في الأشجار ذات النوى، مثل الكرز، لا تزال لغزا يثير فضول الباحثين.

السحر المستقر: السوائل التي تتحدى التجمد

توضح الدكتورة هوتون أن أشجار الكرز تتمكن من الحفاظ على السوائل داخل خلاياها في حالة سائلة دون أن تتجمد حتى في درجات حرارة منخفضة جدا، وهو ما يُعرف باسم "السائل شبه المستقر" أو metastable liquid. لكن هذه السوائل قد تتجمد فجأة إذا تم تحفيزها بجزيء شوائب أو بلورة ثلج صغيرة.

وتضيف: "لا نعلم تمامًا كيف تحدث هذه الظاهرة في بعض الهياكل النباتية، ولهذا سعينا لفهم كيفية نجاة براعم الكرز من درجات الحرارة القاسية."

- هياكل فريدة في براعم الكرز

على عكس معظم الأبحاث السابقة التي ركزت على أشجار الخوخ، تُشير هوتون إلى أن براعم أزهار الكرز، والتي تحتوي على عدة "بدايات أولية" (primordia)، لم تحظَ باهتمام كافٍ، هذه البنى الخلوية تتحول إلى أزهار، ومن ثم إلى ثمار، على عكس الخوخ الذي يحتوي عادة على برعم واحد فقط.

وقد درست هوتون عوامل عدة لفهم آلية التبريد الفائق، مثل كيفية تشكل الجليد داخل البراعم، وتجمّد الطبقات الخارجية، والتغيرات الداخلية التي تطرأ مع اقتراب فصل الربيع.

- الضعف مع بداية الربيع

تُحذر هوتون من أن أشجار الكرز تصبح أكثر عرضة للتجمد في أوائل الربيع، حيث تفقد براعمها تدريجيًا قدرتها على التبريد الفائق مع بدء نموها. وتوضح أن موجة برد مفاجئة في هذه المرحلة قد تكون مدمّرة.

وتقول: "براعم الكرز تمتلك وسيلة خاصة لحماية نفسها من التجمد في الشتاء، لكن هذه الحماية تتلاشى مع نموها في الربيع، مما يجعلها أكثر هشاشة."

- نحو زراعة مقاومة لتقلبات المناخ

تختم هوتون بالقول: "نحاول أن نفهم بشكل أعمق كيف تنجو براعم الفاكهة من درجات الحرارة المتطرفة في الشتاء، خصوصًا في ظل التغيرات المناخية التي قد تؤدي إلى مزيد من موجات البرد المفاجئة."

وتضيف أن هذا الفهم لا يقتصر على معرفة طبيعة الأشجار، بل هو خطوة نحو حماية المحاصيل الزراعية مستقبلاً، وتأمين إنتاج مستقر في وجه مناخ أصبح أكثر تقلبا من أي وقت مضى.