تمكن فريق من العلماء من رسم خريطة تفاعلية دقيقة لخلية بشرية، كاشفين بذلك عن كيفية تنظيم آلاف البروتينات وتعاونها لأداء وظائف خلوية معقدة، هذا الإنجاز، المدعوم بأدوات التصوير عالية الدقة والذكاء الاصطناعي المتقدم مثل GPT-4، يفتح آفاقاً جديدة لفهم بنية الخلية البشرية ووظائفها على مستوى الجزيئات.
- رحلة علمية عمرها 400 عام لرسم الخلية
منذ اختراع المجهر قبل أكثر من أربعة قرون، يسعى العلماء لفهم تفاصيل الخلية البشرية، ورغم التقدم الهائل، لا تزال العديد من الأجزاء الداخلية للخلية غير مفهومة بشكل دقيق، تقول الباحثة ليا شافير، الحاصلة على الدكتوراه والزميلة الباحثة بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو:
"نحن نعرف البروتينات التي تتكون منها الخلية، لكننا لا نعلم كيف تتفاعل وتترابط لتُكَوّن نظاماً وظيفياً متكاملاً."
- أطلس خلوي جديد لخلايا U2OS
بقيادة جامعة كاليفورنيا وبالتعاون مع جامعتي ستانفورد وهارفارد، تمكن الباحثون من بناء خريطة خلوية تفاعلية دقيقة لخلايا U2OS المرتبطة بأورام العظام لدى الأطفال. اعتمد الفريق على تقنيات التصوير المجهري المتطور وتحليل تفاعلات البروتينات لرسم شبكة معقدة من التجمعات البروتينية داخل هذه الخلايا.
وقد كشفت هذه الخريطة عن وظائف جديدة لمئات البروتينات التي كانت مجهولة سابقاً، كما وفرت رؤى معمقة حول كيفية تسبب الطفرات الجينية في الأمراض، وخاصة السرطانات الطفولية.
- خريطة لاكتشاف أسرار البروتينات
أظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature بتاريخ 9 أبريل 2025، اكتشاف 975 وظيفة جديدة لبروتينات لم تكن معروفة من قبل. من ضمنها البروتين C18orf21 الذي تبين أنه يشارك في معالجة الحمض النووي الريبي، والبروتين DPP9 الذي يتداخل مع مسارات الإشارات المناعية في الجسم.
وقد استخدم الباحثون نموذج GPT-4 لتحليل وظائف هذه البروتينات واقتراح أسماء لتجمعاتها، تقول الباحثة كلارا هو: "الذكاء الاصطناعي اختصر شهوراً من العمل اليدوي، واقترح تفسيرات دقيقة لوظائف البروتينات بناءً على قواعد بيانات علمية ضخمة."
- خريطة تفاعلية كالخرائط الرقمية
تُشَبَّه خريطة خلية U2OS بتجربة تصفح خرائط جوجل، إذ يمكن للمستخدمين استكشاف الخلية، والتقريب لرؤية البروتينات الفردية، وفهم كيفية تفاعلها داخل تجمعات معقدة. تقول شافير: "بإمكانك استكشاف المجتمعات البروتينية ومواقعها داخل الخلية بدقة مذهلة."
- الذكاء الاصطناعي يكشف تجمعات بروتينية مرتبطة بالسرطان
كشفت الدراسة عن 21 تجمعاً بروتينياً ترتبط بشكل متكرر بطفرات سرطانية في الطفولة، وتبين أن 102 بروتيناً متحوراً داخل هذه التجمعات لها علاقة وثيقة بتطور السرطان. ويعلق البروفيسور تري أيديكر، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة، قائلاً:
"علينا التوقف عن التركيز على الطفرات الفردية، والنظر بدلاً من ذلك في الآليات الخلوية المشتركة التي يتم تعطيلها أو استغلالها من قبل هذه الطفرات."
- خارطة طريق لفهم أمراض المستقبل
يمثل هذا الأطلس الخلوي الشامل خطوة استراتيجية نحو فهم الأمراض على المستوى الجزيئي، كما يشكل نموذجاً يُحتذى به لرسم خرائط لأنواع أخرى من الخلايا البشرية. ويأمل العلماء أن يؤدي هذا النهج إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للكشف عن وظائف البروتينات غير المفهومة وتحليل الأسباب الكامنة وراء مجموعة واسعة من الأمراض.



