اكتشاف خطير يهز الأبحاث الطبية.. العلاقة بين الزيوت النباتية والسرطان
منوعات
اكتشاف خطير يهز الأبحاث الطبية.. العلاقة بين الزيوت النباتية والسرطان
20 نيسان 2025 , 11:21 ص

أصبح من المؤكد أن النظام الغذائي الذي نتبعه، والطعام الذي نتناوله يومياً، يؤثران بشكل مباشر على احتمالية الإصابة بالسرطان أو تطوره في حال وقوعه، وقد أصبح العلماء يولون اهتماماً متزايداً لفهم الآليات الخلوية والجزيئية التي تفسر هذه العلاقة، بهدف تقديم توصيات غذائية دقيقة تساعد في الوقاية من السرطان أو الحد من انتشاره.

- حمض اللينوليك وسرطان الثدي العدواني

أظهرت دراسة حديثة أُجريت في مركز "وايل كورنيل للطب" في نيويورك أن حمض اللينوليك – وهو أحد الأحماض الدهنية من نوع أوميغا 6 الموجود بكثرة في زيوت الصويا وعباد الشمس والذرة – يمكن أن يُفعّل مساراً حيوياً يعزز نمو نوع شديد العدوانية من سرطان الثدي يُعرف باسم "سرطان الثدي الثلاثي السلبية"، والذي يتميز بقلة خيارات العلاج وصعوبة السيطرة عليه.

ويمثل هذا النوع حوالي 15% من حالات سرطان الثدي، لكنه بسبب انتشار المرض، يؤثر على شريحة واسعة من النساء حول العالم.

- آلية خطيرة داخل الخلايا السرطانية

تبيّن أن حمض اللينوليك يرتبط ببروتين يُدعى FABP5، الموجود بكثرة في خلايا هذا النوع من السرطان. وعند حدوث هذا الارتباط، يتم تنشيط مسار mTORC1، وهو مسار حيوي ينظم نمو الخلايا وعمليات الاستقلاب، مما يؤدي إلى تسريع نمو الأورام، كما أظهرت دراسات مخبرية وتجارب على الحيوانات.

في الدراسة، لاحظ الباحثون أن الفئران التي تناولت نظاماً غذائياً غنياً بحمض اللينوليك طوّرت أوراماً أكبر حجماً. كما تم رصد ارتفاع مستويات FABP5 وحمض اللينوليك في عينات دم مأخوذة من مرضى مصابين بسرطان الثدي الثلاثي السلبية، مما يعزز الصلة البيولوجية بين الغذاء وتفاقم هذا النوع من السرطان.

- مخاطر محتملة تتجاوز سرطان الثدي

يشير الباحثون إلى أن هذه الآلية قد لا تقتصر على سرطان الثدي فقط، بل يمكن أن يكون لها دور في أنواع سرطانية أخرى مثل سرطان البروستات، ما يستدعي المزيد من الدراسات المتعمقة.

- حمض ضروري ولكن بجرعات معتدلة

من الجدير بالذكر أن حمض اللينوليك يُعد حمضاً دهنياً أساسياً لا يمكن للجسم تصنيعه، ويجب الحصول عليه من الطعام. وله وظائف مهمة مثل دعم صحة الجلد، وبنية أغشية الخلايا، وتنظيم الالتهابات. إلا أن الأنظمة الغذائية الحديثة – الغنية بالأطعمة المصنعة والزيوت النباتية – تحتوي على كميات مفرطة من أحماض أوميغا 6، مع نقص واضح في أحماض أوميغا 3 المفيدة، مما يؤدي إلى اختلال في التوازن يعزز الالتهابات المزمنة، وهي بدورها أحد العوامل المسببة للسرطان.

- تناقض الدراسات: هل يجب القلق؟

الدراسة الأخيرة تتحدى نتائج دراسات رصدية سابقة لم تُثبت وجود علاقة واضحة بين حمض اللينوليك وسرطان الثدي. فعلى سبيل المثال، خلص تحليل شمولي عام 2023 شمل أكثر من 350,000 امرأة إلى أن تناول حمض اللينوليك لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل عام.

- هذا التباين يسلّط الضوء على ضرورة دراسة الأنواع الفرعية للسرطان بشكل منفصل، مع أخذ العوامل الفردية – مثل مستويات FABP5 – بعين الاعتبار. وهناك أيضاً دراسات وجدت أن حمض اللينوليك قد يكون واقياً من السرطان في بعض السياقات، مما يؤكد على أهمية النظر الشامل وعدم التسرع في الاستنتاجات.

- الاعتدال هو الحل وليس الذعر

الرسائل الإعلامية المبسّطة قد تُثير الذعر بلا مبرر. فهذه الدراسة لا تُثبت أن زيوت الطهي تُسبب السرطان بشكل مباشر، وإنما توضح احتمال وجود علاقة في حالات محددة. عوامل أخرى مثل الوراثة، ونمط الحياة، والتعرض البيئي، تلعب أدواراً حاسمة لا يمكن تجاهلها.

لذلك، لا يُنصح بتجنب الزيوت النباتية تماماً، بل بالاعتدال في استخدامها، وخاصة لمن لديهم عوامل خطر. يمكن الاستعاضة جزئياً بزيت الزيتون، الذي يحتوي على نسب أقل من حمض اللينوليك، ويتميز بثباته الحراري العالي واحتوائه على دهون صحية مفيدة.

- نظام غذائي متوازن يظل أفضل وسيلة وقائية

أشارت دراسة طويلة الأمد أجراها باحثون من جامعة هارفارد، شملت أكثر من 100,000 شخص على مدى 30 عاماً، إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالخضروات، والفواكه، والحبوب الكاملة، والمكسرات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ترتبط بالشيخوخة الصحية وخفض الإصابة بالأمراض المزمنة.

وقد أظهرت النتائج أن أقل من 10% فقط من المشاركين وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة الصحية، التي تعني غياب 11 مرضاً مزمناً خطيراً مع الحفاظ على الأداء العقلي والبدني والنفسي حتى سن السبعين.

ترى منظمات مرموقة مثل "الصندوق العالمي لأبحاث السرطان" أن الزيوت النباتية ليست خطراً في حد ذاتها إذا ما تم استخدامها باعتدال، وأن السمنة لا الدهون بحد ذاتها، هي العامل الغذائي الأكبر في رفع خطر السرطان.

الخلاصة: إن الكشف عن دور حمض اللينوليك في تعزيز نمو سرطان الثدي الثلاثي السلبية يشكّل خطوة علمية مهمة، لكنه جزء صغير من لغز معقد. ويظل الالتزام بنظام غذائي متوازن، طبيعي، وغني بالمغذيات، الركيزة الأهم في الوقاية من السرطان، وهو نهج يمكن للجميع اتباعه بسهولة.

المصدر: sciencealert