إلى أين تمضي سوريا بعد خذلان الجيران وتغوّل الغزاة..؟
مقالات
إلى أين تمضي سوريا بعد خذلان الجيران وتغوّل الغزاة..؟
محمد سعد عبد اللطيف
22 نيسان 2025 , 17:42 م


بقلم: محمد سعد عبد اللطيف,مصر،

في مشهد يعيد إلى الأذهان خيبات الربيع العربي وارتداداته العنيفة، تقف سوريا اليوم في مفترق طرق حاد، بعد أن خذلتها الجغرافيا والتاريخ معًا. تركيا التي كانت تُمنّي النفس بلعب دور الحامي للحدود السورية، والوسيط في أزمتها، وجدت نفسها خارج اللعبة، بعد أن عجزت عن منع تفكك الخارطة السورية، ولا صد العدوان المتصاعد على الأرض والسيادة.

من جهة الجنوب، تمددت إسرائيل بخطى ثابتة مستغلة انهيار النظام القديم وتفكك مؤسسات الدولة. فصارت تغزو المجال الجوي بلا رادع، وتضرب قلب دمشق دون مقاومة تذكر، وتحتل ما تبقى من الجولان وصولًا إلى تخوم درعا، فيما تهجر آلاف العائلات قسرًا عن قراها ومزارعها، وكأننا أمام نكبة جديدة بلا شهود.

ورغم البيانات الدبلوماسية التركية، ومحاولاتها الباهتة للضغط على تل أبيب، لم تتغير المعادلة على الأرض. فإسرائيل تمضي نحو هدفها التاريخي، متسلحة بدعم أمريكي غير مشروط، وكأنها أوكلت لنفسها مهمة إعادة رسم حدود المنطقة من جديد، بأسلوب ناعم تارة، وعنيف تارات كثيرة.

الأخطر من ذلك، أن إسرائيل تضغط اليوم على دمشق ليس فقط لإفراغ الأرض، بل أيضًا لإعادة ترتيب التحالفات. ثمة ضغوط أمريكية وإسرائيلية على القيادة السورية الجديدة لإنهاء الوجود الروسي في الساحل السوري، كخطوة نحو فرض وصاية عسكرية كاملة، ونزع سلاح الدولة بشكل شبه كامل، وإدماجها ضمن حلف أمني تقوده تل أبيب، تمامًا كما حدث مع بعض دول الهامش العربي.

وفي ظل هذا الخنق السياسي والعسكري، لن يجد النظام السوري كثيرًا من الخيارات. فالبوابة الإيرانية التي كانت تُقرأ قديمًا بوصفها مغامرة، صارت اليوم الملاذ الأخير. إيران التي تواجه الحصار منذ عقود، تملك ترسانة من الردع، من الطائرات المسيرة زهيدة التكلفة، إلى الصواريخ فرط الصوتية التي أربكت تكنولوجيا الدفاع الأمريكية والإسرائيلية، وقد تكون هي الحصن الأخير في مواجهة التغول الصهيوني.

لكن هذا التحول شرقًا، سيعيد خلط أوراق التحالفات في المنطقة، ويضع النظام السوري في قلب صراع إقليمي مفتوح. وقد يعيد بذلك تشكيل دور دمشق، ليس فقط في محور المقاومة، بل كحجر زاوية في إعادة تعريف التوازنات الإقليمية.

فإذا عجزت دمشق عن حماية ترابها، فإن مشروع بقائها ذاته سيكون محل تساؤل داخلي قبل أن يكون محل ابتزاز خارجي. وستكون الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بما إذا كانت سوريا قادرة على استعادة زمام المبادرة، أو أنها ستكتفي بلعب دور الضحية في مشهد يعاد إخراجه كل عقد تحت مسميات جديدة....!!

محمد سعد عبد اللطيف ،كاتب وباحث مصري في الشؤون الجيوسياسية ،saadadham976@gmail.com

المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة أسباب ظهور البقع الحمراء على الجسم وعلاجها
أسباب الحساسية الجلدية وعلاجها
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً