دماغك يتذكر البرد.. سر حرق الدهون دون مجهود
منوعات
دماغك يتذكر البرد.. سر حرق الدهون دون مجهود
24 نيسان 2025 , 13:17 م

في دراسة رائدة أجراها باحثون من كلية ترينيتي في دبلن، اكتُشف أن الدماغ يمكنه تخزين ما يُعرف بـ"ذكريات البرد" واستدعاؤها لاحقا لتحفيز عملية حرق الدهون، حتى دون التعرض الفعلي لدرجات حرارة منخفضة. هذه النتائج تفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية مبتكرة لمواجهة أمراض مثل السمنة والسرطان، عبر التلاعب بالتمثيل الغذائي المعتمد على الذاكرة.

- من البرد إلى الحرق: كيف تتحول الذكريات إلى حرارة؟

أظهرت الدراسة أن الفئران التي تعرضت للبرد وتعلمت ربطه بإشارات بصرية معينة، أصبحت قادرة لاحقا على رفع معدل التمثيل الغذائي لديها بمجرد توقعها للبرد، حتى في درجات حرارة معتدلة. وأوضح الباحثون أن هذه الآلية تعتمد على خلايا خاصة في الدماغ تُعرف باسم خلايا الذاكرة أو الإنغرامات، والتي تقع في منطقة الحُصين (الهيبوكامبوس).

باستخدام تقنية تُعرف بـالتنشيط الضوئي للخلايا العصبية (optogenetics)، تمكن الفريق من تحفيز تلك الإنغرامات الباردة، ولاحظوا أن الفئران بدأت توليد الحرارة دون محفزات بيئية حقيقية، وهو ما يُعرف بـ"التوليد الحراري التنبؤي".

- التدريب العقلي على البرد: تجربة علمية فريدة

في التجربة المنشورة بمجلة Nature، تم تدريب الفئران على ربط درجات حرارة منخفضة (4 درجات مئوية) بألوان وإشارات بصرية معينة، وبعد تكرار هذه التجربة، بدأ الفئران يتوقعون البرد بمجرد رؤية الإشارات، واستجابوا لذلك برفع معدل الأيض لديهم، رغم أن البيئة كانت بدرجة حرارة الغرفة.

وعندما قام العلماء بتعطيل خلايا الذاكرة هذه، فقدت الفئران القدرة على تفعيل استجابتها الحرارية، ما يؤكد العلاقة المباشرة بين الذاكرة والتنظيم الحراري.

- دهون بنية تحت سيطرة الدماغ

أشارت البروفيسورة ليديا لينش إلى أن هذا التنظيم الحراري يعتمد بشكل أساسي على نشاط الأنسجة الدهنية البنية، والتي يمكن التحكم بها عن طريق إشارات عصبية مصدرها الدماغ، هذه الأنسجة قادرة على حرق السعرات الحرارية لإنتاج الحرارة، مما يجعلها هدفا مثاليا لعلاجات السمنة.

- علاج السمنة والسرطان عبر تنشيط ذكريات البرد

صرح الدكتور آرون دوغلاس، أحد القائمين على البحث، أن العديد من الأمراض مثل السمنة وأنواع معينة من السرطان، يمكن علاجها مستقبلا عبر تنشيط أو تثبيط ذكريات البرد في الدماغ، مما يؤثر على التمثيل الغذائي ويعيد توازنه.

- آفاق جديدة للذاكرة والعاطفة والسلوك

تتجاوز أهمية هذا الاكتشاف الجانب الجسدي فقط، إذ إن تأثير ذكريات البرد قد يمتد ليشمل العمليات العاطفية، واتخاذ القرار، والسلوك الاجتماعي. ويؤكد الباحثون أن فهم الذاكرة الجسدية يُعد خطوة مهمة في فهم الطبيعة المتجسدة للعقل، حيث يتكامل الإدراك العقلي مع الإشارات الجسدية.

ويختم البروفيسور توماس رايان، المشرف على الدراسة، بالقول:

"أجزاء عقولنا المتقدمة تطورت من جذور جسدية بدائية. وفهم هذا التفاعل بين الجسد والدماغ ضروري لفهم أعمق لعواطفنا وسلوكياتنا.

هذه الدراسة تمثل نموذجًا رائعًا للتكامل بين علم الأعصاب وعلم التمثيل الغذائي، وتثبت أن الذاكرة ليست مجرد سجلات للماضي، بل أدوات فعّالة للتأثير في وظائف الجسم الحيوية. فهل نشهد قريبًا علاجات للسمنة والسرطان لا تعتمد على الأدوية، بل على تحفيز ذكريات البرد؟

المصدر: SciTechDaily.com