قلت: نظريا هذا صحيح فالفكر يُواجَه بالفكر
لكن عمليا لا يصلح ذلك مع الإخوان
لماذا؟
الإخوان جماعة شمولية تسعى لحُكم كل شئ، والسيطرة على كل شئ، والهيمنة على كل شئ، واختراق والتحكم في كل فئات وشرائح وتنويعات المجتمع...
هي نسخة من الشيوعية الأولى التي سعت لنفس الهدف واستعملت معظم أساليبها منذ القرن 19 وانتهت بهزيمة مذلة، حتى بعد تطورها وتهذيبها على يد فلاسفة اليسار.
يعني باختصار، الإخوان لن تسمح لك بمواجهتها فكريا، فهي ليست مجرد رأي ثقافي أو توجه أدبي أو نظرية فلسفية قابلة للنقد والحوار، إنما هي كيان فاشي يريد أن يفرض نفسه بالقوة، واللعب في سبيل الحصول على ذلك على كل أمراض وعيوب المجتمع..
لاحظ الإخوان يستغلون كل خطأ وأي قصور وأي جريمة وأي ثغرة مجتمعية كمبرر وشعار وحجة لهم في المطالبة بالحكم وتغيير النظام وهوية المجتمع..
لاحظ سعيهم للسيطرة على كل مؤسسات الدولة والمجتمع، لاحظ أنهم يُحملون فشلهم لأي مؤسسة فلتت من أيديهم وفشلوا في التحكم فيها،
باختصار تاني (غير الأولاني)
الإخوان سعوا لاختراق النيابة والقضاء لمحاكمة خصومهم بتهم الخيانة والازدراء
سعوا لاختراق الأزهر لمحاكمة خصومهم بتهم الضلال والبدع
سعوا لاختراق والتحكم في الرئاسة والبرلمان والشورى لمنع خصومهم وناقديهم من العمل السياسي، أو المنافسة على الحكم..
سعوا لاختراق النقابات والنوادي ومراكز الشباب في القرى، سعوا للهيمنة على المنابر جميعها سواء كانت مساجد أو دور شعر واتحاد كتاب، فقط لمنع أي مبدع وكاتب ينتقدهم من الظهور..
مقولة لابد من مواجهة الإخوان بالفكر فقط هي حالمة جدا وليست عملية، وبرأيي أنها سبب أصيل في الأزمة وعدم القدرة على لجم والقضاء على التطرف الديني منذ عقود حتى استفحل وصار كالنار في الهشيم..
نعم لابد من مواجهة الإخوان بالفكر، لكن مع ذلك لابد من عمل سياسي وجهد مجتمعي ونشاط أمني وتكاتف كل فئات المجتمع لحصار الظاهرة، فأنت لا تواجه خصما شريفا يؤمن بك وبوجودك وحقك الإنساني، ولا يسمح لك بأي متنفس على الإطلاق.
ومثل هذا النوع من الخصوم يكمن الرد عليه وإضعافه بنفس الوسائل والتطرف التي يتبعها في الرد عليك وإضعافك..
يعني من الآخر فالإخوان هي التي اختارت طريقة مواجهتها منذ البداية.



