هل القطط تصلح لتكون حيوانات علاجية؟ الحقيقة أكثر تعقيداً
منوعات
هل القطط تصلح لتكون حيوانات علاجية؟ الحقيقة أكثر تعقيداً
27 نيسان 2025 , 18:36 م

بينما تُستخدم الكلاب منذ زمن طويل في تقديم الدعم العاطفي في المستشفيات والمدارس ودور الرعاية، بدأ نوع جديد من الحيوانات العلاجية يلفت الأنظار: القطط، ورغم أن الفكرة قد تبدو غريبة للبعض، فإن انتشار "القطط العلاجية" يزداد في مختلف أنحاء العالم، خصوصا بين من يعانون من خوف الكلاب أو صعوبة التفاعل مع الحيوانات الكبيرة كالخيول.
- ما المقصود بالقطط العلاجية؟
مصطلح "القطط العلاجية" يُستخدم بشكل فضفاض في وسائل الإعلام وأحيانا بطريقة غير دقيقة في الأوساط العلمية، في التعريف الدقيق يشير "العلاج بمساعدة الحيوانات" إلى أنشطة منظمة تُشرف عليها كوادر صحية مؤهلة وتُنفّذ لأغراض علاجية محددة.
غالبية القطط المستخدمة في هذه السياقات هي جزء من برامج أكبر تشمل أنواعاً مختلفة من الحيوانات. ومن أجل تبسيط المصطلحات، سنستخدم في هذا المقال مصطلح "القطط العلاجية"
- متى تُستخدم القطط في العلاج؟
تُستخدم القطط العلاجية لتخفيف مشاعر الوحدة والضغط النفسي، ويتم إدخالها إلى بيئات مثل السجون، المدارس، دور المسنين، المشافي وحتى مراكز الرعاية التلطيفية. وتعتبر هذه القطط خيارًا مناسبًا لمن يخافون من الكلاب أو يجدون صعوبة في التفاعل مع الحيوانات الأكبر حجماً.
لكن بيئات مثل دور الرعاية أو المدارس غالباً ما تكون صاخبة، غير متوقعة، ومليئة بالوجوه الجديدة – وكلها عوامل قد تُشعر القطة بالارتباك، نظراً لأن القطط بطبيعتها تفضل الروتين والبيئات الثابتة.
- طبيعة القطط والتعامل مع التغيرات
القطط المنزلية، مثل أسلافها من القطط البرية، تميل إلى حماية نطاقها الجغرافي أكثر من بناء علاقات اجتماعية مع البشر أو القطط الأخرى.
وتعتمد القطط بشكل أساسي على حاسة الشم للشعور بالأمان، باستخدام الفيرومون F3 الذي يساعدها على تعليم الأماكن الآمنة ضمن محيطها.
مع ذلك، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا صور وفيديوهات لقطط تسافر مع أصحابها في سيارات الكامبر، أو حتى على متن طائرات ودراجات نارية – ما يشير إلى وجود نوع خاص من القطط يتكيف مع البيئات المتغيرة بشكل أفضل مما كنا نظن سابقا.
- ما الذي يميز هذه القطط عن غيرها؟
وفقا لدراسة نُشرت عام 2021، وجد الباحثون أن بعض القطط تُظهر ما يُعرف بـ"تأثير القاعدة الآمنة"، أي أنها تصبح أكثر هدوءًا وقدرة على الاستكشاف عندما تكون برفقة صاحبها.
هذا التأثير يُمكن أن يساعد القطط العلاجية على التأقلم مع البيئات الجديدة والمجهولة.
- قطط استثنائية بسمات اجتماعية فريدة
دراسة حديثة قادتها الباحثة البلجيكية "جوني ديلانويج" على 474 قطة، منها 12 شاركت في أنشطة علاجية، كشفت أن القطط التي تصلح للأدوار العلاجية تميل لأن تكون أكثر اجتماعية، أكثر حبًا للتفاعل، وأقل مقاومة للمسك.
لكن يجب الحذر عند تعميم هذه النتائج بسبب قلة عدد القطط المشاركة فعليًا في البرامج العلاجية. ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن السمات السلوكية مثل القابلية للتفاعل والتسامح قد تُعتبر مفتاحاً لاختيار القطط المناسبة للعمل العلاجي.
- التهيئة المبكرة وعلاقة الثقة أساس النجاح
العلاقة القوية بين القطة ومربيها تلعب دورا حاسما في نجاح تجربتها في العلاج، إضافة إلى أهمية الاجتماع المبكر والتعرض التدريجي للمنبهات. لكن حتى مع توافر هذه المقومات، لا تزال القطط تواجه تحديات حقيقية.
في دراسة عالمية أُجريت عام 2023، أفاد 68% من مربي القطط العلاجية أنهم اضطروا لإنهاء الزيارات مبكرا حرصا على راحة القطط، رغم العلاقة الوثيقة التي تربطهم بها. وهذا يبرز مدى تعقيد التعامل مع القطط مقارنة بالكلاب.
- الفروقات الجوهرية بين القطط والكلاب في العلاج
القطط تختلف عن الكلاب في الاحتياجات الاجتماعية، طبيعة الشخصية، وقدرتها على تحمل التغيرات. هذه الفروقات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند اختيار الحيوان المناسب للعلاج.
لكن لهذه الفروقات مزايا أيضًا. فهناك من يُفضل القطط ببساطة لأنها تعكس شخصيتهم. فالأشخاص الذين يصنفون أنفسهم كـ"محبي القطط" غالبًا ما يكونون أكثر استقلالية وإبداعًا، على عكس محبي الكلاب الذين يميلون إلى الاجتماعية وحب العمل الجماعي.
- القطط خيار مثالي لمن يخشون الكلاب
في دراسة أجريت عام 2022، أظهرت التحليلات أن صور القطط والكلاب تُسبب سعادة مشابهة لدى المشاركين، لكن صور الكلاب أثارت مشاعر خوف أكبر بكثير، ما يجعل القطط خيارا علاجيا أكثر ملاءمة لبعض الحالات.
- هل تخرخر القطط لأجل علاجك؟
من الخصائص الفريدة التي تميز القطط العلاجية هو صوت الخرخرة. ففي دراسة أُجريت عام 2001، تبين أن القطط تخرخر بتردد يتراوح بين 25 و50 هرتز، وهو تردد ثبت أنه يعزز الشفاء لدى البشر.
ورغم محدودية الأبحاث الحديثة في هذا المجال، إلا أن دراسة نُشرت عام 2021 أشارت إلى أن العديد من مربي القطط يجدون في خريرها تأثيرا مهدئا.
رغم أن الكلاب لا تزال الخيار التقليدي في برامج العلاج بمساعدة الحيوانات، إلا أن القطط أثبتت أنها قادرة على تقديم نوع مختلف من الدعم العاطفي، ومع التهيئة المناسبة والسمات السلوكية الملائمة، يمكن للقطط أن تكون إضافة فعالة لعالم العلاج النفسي الحديث