من يكتب نهاية التاريخ؟
مقالات
من يكتب نهاية التاريخ؟
حليم خاتون
28 نيسان 2025 , 12:47 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

عشر ساعات استمر اجتماع مايكل كوريلا مع قادة جيش إسرائيل في جولته الاخيرة قبل أيام...

كوريلا ليس مجرد جنرال أميركي يأتي لمساندة حليف في مأزق...

كوريلا هو قائد الهجوم المضاد الذي تقوم به أميركا منذ السابع من أكتوبر...

السابع من أكتوبر هو بحد ذاته ليس مجرد عملية فدائية بسيطة كما تعاملت معها الصين وروسيا والى حد بعيد إيران وحزب الله...

السابع من أكتوبر هو الجولة ما قبل الأخيرة لتحديد من سيكون في النهائي...

فريق يستند إلى قوة الحق...

وفريق آخر يثبِّت نظرية حق القوة كما أحب أن يفصّلها الدكتور العميد حسن جوني...

هناك من يؤمن بأن انتصار الحق حتمية تاريخية ينطلق منها لخوض حروب بالتقسيط كما تفعل إيران الآن، وكما فعل حزب الله حيث ينسى الفريقان أن سكان أميركا وأستراليا الأصليين صاروا قصصا تحكى، أو أفلاما تروي سرديات معظمها غير صادق ويخفي موت العدالة الإلهية على الأرض مقابل وعود بعدالة في السماء تقترب ربما من انتصار الدم على السيف، لكن بعد خراب البصرة...

اذا كان انتصار الحق في ميزان الله يتخطى الواقع الدنيوي، فإن هزيمة الحق تصبح هي نفسها واقعا يضم كل تراجيديا التاريخ الذي لم يبدأ مع الإبادة الأرمنية، ولن ينتهي بالإبادة الفلسطينية وربما حتى نهاية العنصر العربي واستبداله إلى الأبد بكل عناصر خليط الاستعمار الأوروبي وإن اخذت في الوقت الحاضر صبغة يهودية لن تلبث أن تتحول إلى أمة استعمارية كما حصل في أميركا وأستراليا...

إسرائيل، الإمارات، البحرين، قطر، تركيا... كل أشباه الدول تلك ليست أكثر من بيادق على طرف رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط، في مواجهة بيادق أخرى ضمن لعبة لن يفوز فيها إلا الذي لا يرتكب الأخطاء المميتة...

اذا كانت الدولة الأموية الأولى شهدت بداية ظهور العنصر العربي على خريطة الشرق، فإن أحفاد الأمويين هم من يغلق كل الآفاق أمام هذا العنصر عند كتابة نهاية التاريخ...

ألم يقل كارل ماركس أن التاريخ حين يعيد نفسه يكون ذلك بمهزلة؟

من أحمد الشرع الى إردوغان؛ ومن محمود عباس الى كل ملوك وزعماء العرب...

نحن نعيش المهزلة...

لكنها مهزلة دموية تاخذ معها كل يوم مئات وأحيانا آلاف الضحايا في عالم الزنوج والأمريكان وسط تهليل التكفير والسلفية وعودة تقاليد القرون الوسطى في بيع السبايا لكن أون لاين على النت عند أحفاد حمالة الحطب...

الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية أمس هي مزيد من جس النبض لكي تعرف قيادة أركان مايكل كوريلا كيف سيكون موقف حزب الله عند بداية الحرب التي تسعى إيران إلى تجنبها، والتي يعمل الاميركيون على الاستمرار في انتزاع كل مكامن ما يمكن أن يكون قوة عند أهل الحق الذين لا يزالون ينامون على حرير وعود الإبليس الأميركي بعد أن فقدوا نظرية مواجهة الشيطان الأكبر...

أخطاء عبد الناصر، كررتها إيران...

في إيران، هناك من يستمع إلى غزل دونالد ترامب ويقنع نفسه أن أميركا تسعى الى عالم إقليمي ثلاثي يقوم على إسرائيل وتركيا وإيران...

في عالم البراغماتية الأميركية هذا يمكن أن يحصل في حالة واحدة فقط؛ حين تعجز أميركا عن السيادة المطلقة...

الحال ليس كذلك؛ على الأقل حتى الآن...

الثمن الذي لم ترد إيران دفعه لكي تكون هي سيدة الشرق الأوسط في نظرية أم القرى في استراتيجية إيران الإقليمية، سوف تدفع أضعاف أضعافه في محاولة الثبات أمام الهجوم الأميركي الذي بدأ في الثامن من أكتوبر حين جاء كل أركان الناتو لشد براغي الكيان الذي كان منهارا...

لا إيران ولا حزب الله عرفا دقة اللحظة التاريخية التي سنحت يومها...

دفع حزب الله اثمانا باهظة نتيجة ذلك، وسوف تدفع إيران اكثر بكثير مما تتصور...

يستطيع محور المقاومة الاستمرار في اناشيد نصر موهوم والتعمية على الحقيقة التي تقول ان هناك ارهابا دوليا بقيادة أميركا لا يمكن هزيمته الا باتباع عقيدة قتالية ثورية تقوم على نهج أحمد قصير وسناء محيدلي...

ما تعجز إيران الحاضر عن فهمه، فهمه بضعة رجال ونساء في لبنان وفلسطين...

الضعيف والفقير يستطيع المواجهة فقط حين يقرر أن يذهب إلى الخيار الصفري القائم على هدم الهيكل على رؤوس الجميع بما في ذلك الصين وروسيا...

هذا ما قام به يحي السنوار ومحمد الضيف...

اذا كان هذا العالم لا يؤمن بقوة الحق، من الأفضل العمل على تدميره عبر تدمير كل أسس قيامه التي تختصر بالاقتصاد العالمي التي تشكل مصدر القوة الاساسية لهذا النظام...

تستمر جولات التفاوض بين أميركا وإيران في نفس الوقت الذي تعمل فيه أميركا على اختراق إيران ومحور المقاومة والحاق مزيد من الضربات بهما، في نفس الوقت الذي تنام إيران على احلام يقظة وردية لا شان لها بكل ما يدور...

في الضفة تزداد الهجمات على ما تبقى وسط سلطة محمود عباس الذي كرس نهج الاستسلام بالرضوخ لاوامر الاحتلال وتسمية حسين الشيخ على رأس قوافل الاستسلام والاستسزلام...

في لبنان يستمر الضرب من كل الجهات مع فتح اكثر من جبهة خارجية وداخلية ضد حزب الله...

في غزة يستمر قتال الرمق الأخير بلا اي سند وإسناد...

في اليمن يتهيأ أقزام "عمالقة" عدن لسيناريو سوري يمكن مجابهته فقط عبر تدمير كل المنطقة على رؤوس من فيها، لكن سمة التردد لا تزال هي الطاغية حتى عند الحوثيين...

لكي لا ننتهي مصلوبين او ترفع رؤوسنا على الرماح وتسبى نساؤنا وتنتهك اعراضنا...

كما فعلها شمشون؛ افعلوها انتم ما دام الوقت لا يزال متاحا قبل أن نساق في أقفاص حديدية في شوارع روما العصر الأميركي...

إيجابية المفاوضات ميتة قبل حتى أن تولد...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري