كشف فريق من العلماء من الجامعة الفيدرالية الجنوبية، ومعهد الهيدروكيمياء للأرصاد الجوية، وجامعة الدون التقنية، عن دور غير متوقع تلعبه البحيرات شديدة الملوحة في تسريع وتيرة التغير المناخي العالمي.
وبحسب نتائج الدراسة، فإن هذه المسطحات المائية، التي لطالما كانت بعيدة عن دائرة الاهتمام المناخي، قد تبين أنها تطلق كميات ملحوظة من الغازات الدفيئة المؤثرة في الغلاف الجوي.
- بحيرة باسكونتشاك: مصدر خفي لغازات الاحتباس الحراري
تُعد بحيرة باسكونتشاك، إحدى أكبر البحيرات المالحة في العالم، مثالاً صارخًا على هذا التهديد البيئي الصامت. فقد أثبتت الدراسة أن سطح البحيرة يطلق يوميًا ما يقارب 55 كغ من غاز الميثان و14.7 طنا من ثاني أكسيد الكربون، وهي أرقام تفوق ما كان متوقعًا في السابق من هذا النوع من المسطحات المائية.
- عوامل تؤثر في انبعاث الغازات
أوضح الباحثون أن انخفاض انبعاث غاز الميثان يرتبط بانخفاض تركيزه في المياه، بينما ترتبط زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بعدة عوامل بيئية، منها:
النشاط الحيوي للكائنات الدقيقة؛
ترسيب الأملاح؛
انخفاض فعالية التمثيل الضوئي نتيجة ارتفاع ملوحة المياه.
وتُظهر هذه العوامل أن تملّح المسطحات المائية والتربة، خاصة في المناطق الجافة، يمكن أن يتحول إلى مصدر إضافي مهم لغازات الاحتباس الحراري، وبالتالي تسريع تغير المناخ.
- بحيرات مغلقة: خزانات للغازات الدفيئة
بحيرة باسكونتشاك تصنّف كـ"خزان داخلي" مغلق، حيث تتراكم المواد العضوية ولا يتم تصريفها خارجيا، مما يساهم في تشكّل وتراكم الغازات داخلها. وتصل ملوحة مياهها إلى 300 غرام/لتر، أي ما يعادل نحو 20 ضعف ملوحة البحر الأسود، ما يجعلها بيئة مثالية لتراكم هذه الغازات.
- تصريحات الخبراء: تحذير علمي للمجتمع الدولي
قال الدكتور يوري فيدوروف، مدير المشروع ورئيس قسم الجغرافيا الطبيعية والبيئة بجامعة الجنوب الفيدرالية: "أثبتنا من خلال دراسة بحيرة باسكونتشاك أن الملوحة العالية للمياه والتربة في المناطق القاحلة يمكن أن تُعتبر مصدرًا إضافيًا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما من المحتمل أن تنخفض انبعاثات الميثان نتيجة تفعيل عمليات الأكسدة اللاهوائية التي تعتمد على الكبريتات في قاع البحيرة."
- الأهمية العالمية: إدخال البحيرات المالحة في معادلة المناخ
يرى الخبراء أن هذه النتائج يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في السياسات العالمية المتعلقة بالمناخ. فالبحيرات المالحة، التي لم تكن تدخل سابقًا في حسابات التوازن الغازي للأرض، قد تلعب دورا أكبر مما كان يُعتقد في زيادة الغازات الدفيئة وفي تسريع الاحتباس الحراري العالمي.

