كائنات غامضة تعود بعد 17 عاما من الاختفاء
منوعات
كائنات غامضة تعود بعد 17 عاما من الاختفاء
2 أيار 2025 , 09:44 ص

في مشهد يعيد للأذهان العجائب الطبيعية التي يصعب تصديقها، تستعد حشود هائلة من حشرات السيكادا الحمراء العينين للظهور مجددا بعد اختفاء دام 17 عاما تحت الأرض. كانت آخر مرة خرجت فيها هذه الكائنات في أوائل صيف عام 2008، حين كان الاقتصاد العالمي يعاني من اضطرابات، وكان امتلاك هاتف آيفون يعد رفاهية، وكان جورج بوش الابن لا يزال رئيسا للولايات المتحدة.
واليوم، تُظهر بيانات تطبيق "Cicada Safari" العلمي التشاركي ظهور أولى حشرات "بروود 14" (Brood XIV) في جنوب الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تتبعها الملايين مع ارتفاع درجات حرارة التربة في الشمال.
- السيكادا: كائنات عتيقة تثير الدهشة
تنتمي السيكادا إلى رتبة نصفيات الأجنحة (Hemiptera)، والتي تشمل أيضا بقّ الفراش والبقّ الكريه والمنّ، ومع ذلك يُخطئ الكثيرون في اعتبارها جرادا، وهو خطأ يعود إلى المستوطنين الإنجليز الأوائل الذين شبّهوا ظهورها الجماعي بالضربات التوراتية.
ويعود أول توثيق علمي لـ"بروود 14" إلى عام 1634، ما يعكس قدم هذه الظاهرة وأهميتها في التراث البيئي الأمريكي.
- حشرات فريدة لا مثيل لها إلا في أمريكا
توجد حوالي 3500 نوع من السيكادا حول العالم، ولا تزال العديد منها غير مسمّاة حتى الآن. لكن السيكادا الدورية – التي تظهر بشكل جماعي كل 13 أو 17 عامًا – تُعد فريدة من نوعها في شرق الولايات المتحدة، مع نوعين غير مرتبطين جينيًا في شمال شرق الهند وفيجي.
وتقول العالمة كريس سايمون من جامعة كونيتيكت، المتخصصة في السيكادا: "الجميع يفتنون بها؛ لأنك لا ترى شيئا طوال 13 أو 17 عامًا، ثم فجأة، تغطي هذه الحشرات منزلك وسيارتك."
وتضيف: "إنها ظاهرة مدهشة يمكنك اصطحاب أطفالك لرؤيتها، ومشاهدتها وهي تخرج من قشورها والتأمل في تطورها."
- دورة حياة غريبة ومثيرة للفضول
تعيش السيكادا معظم حياتها تحت الأرض، حيث تمر بمراحل تطور تُعرف باسم "الانسطار"، قبل أن تخرج لبضعة أسابيع فقط لتتزاوج ثم تموت. وخلال تلك الفترة القصيرة، تسقط يرقاتها من الأشجار وتبدأ رحلة جديدة من الحياة تحت الأرض.
يصدر الذكور أصواتا صاخبة لجذب الإناث من خلال أغشية صوتية تُعرف باسم "التيبمالز"، ويُشبّه هذا الصوت أحيانا بصافرات الإنذار أو أدوات كهربائية.
ورغم المظهر المزعج، لا تلسع السيكادا ولا تعض، ولا تتناول الطعام الصلب في طورها البالغ، بل تكتفي بشرب الماء.
- استراتيجية البقاء عبر الكثرة
تعتمد السيكادا في الدفاع عن نفسها على العدد الهائل، إذ تخرج بأعداد تفوق قدرة المفترسات مثل الطيور والراكون والثعالب والسلاحف، ما يضمن بقاء عدد كافٍ منها لإكمال دورة الحياة.
لكن هذه الاستراتيجية تواجه اليوم تهديدات كبيرة بسبب التأثيرات البشرية.
- التغير المناخي يُربك توقيت ظهورها
أدى التوسع العمراني وإزالة الغابات إلى تدمير مواطن السيكادا الطبيعية، ومع ازدياد تأثير التغير المناخي، بدأت تظهر حالات من "المتأخرين" أو "المتقدمين" – وهي حشرات تخرج قبل أو بعد موعدها بأربع سنوات، ما يقلل فرص نجاتها بسبب قلة عددها.
وتشير سايمون إلى أن العاصمة واشنطن أصبحت تشهد ما يشبه "فسيفساء غير متزامنة" من المجموعات، حيث تتداخل عدة مجموعات في آن واحد، ما قد يؤثر على توازن النظام البيئي.
- بين الاندهاش والقلق: السيكادا تروي حكايات من الماضي
لا تمثل السيكادا مجرد حشرة، بل هي تذكير حيّ بمرور الزمن، حيث يتذكر الكثيرون ماذا كانوا يفعلون حين ظهرت آخر مرة، إنها كائنات "تستحضر الذكريات"، تعيد ربطنا بتاريخنا الشخصي والطبيعي في آن معًا.
وفي عالم تتسارع فيه الأحداث ويزداد فيه الضغط على البيئة، تبقى هذه الظاهرة شهادة حية على عجائب الطبيعة، وعلى أهمية احترام دورة الحياة – مهما كانت غريبة أو صاخبة.

المصدر: SciTechDaily.com