المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
يمر الأردن بمرحلة سمتها العامة الأزمة، أزمة تشمل بنية الدولة وبنية المجتمع، على كافة المستويات وكافة القطاعات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والروحيه.
الدولة مأزومة نتيجة نهج التبعية السائد، نهج الإعتماد على الدعم الخارجي، والحماية الخارجية، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، مما يولّد حالة الرضوخ للإملاءات الخارجية،
فثمة تداعيات لهذا النهج:
* حجزالتطور الطبيعي للدولة والمجتمع، حيث فرض الإنتداب الأول البريطاني تشكيل دولة وظيفية تابعة ،
دولة اسكان لكافة المهجرين قصراً من المنطقة ( الفلسطينين والسورين والعراقين واللبنانين وحتى جماعة البوسنا والهرسك )
منع تشكل دولة المؤسسات، ومنع الاستقرار الإداري والوظيفي، حيث تتغير الحكومات بسرعة فائقة ، معدل عمر الحكومات لا تزيد عن سنتين، مدة غير كافة للوزراء التعرف على وزراتهم،
وعدم الاستقرار القضائي والقانوني حيث تتبدل القوانين والتشريعات، وتفعّل دون اعطاء الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فرصة التأقلم.
لا يسمح للدولة من استثمار ثروات طبيعية هائلة، متموضعة تحت وفوق سطح الأرض الأردنية، ومقدرات وطنية وفيرة، وتحويلها خيرات تعم الدولة والمجتمع، وتمكّن اليلد من بناء اقتصاد وطني منتج.
* مجتمع مأزوم بالبنية والتكوين: حيث مجاميع بدائية، ما قبل الدولة الحديثة، عشائرية ( بدون عشائر ) طائفية ( بدون طوائف ) أثنية ( بدون إثنيات متمركزة ) تتعايش على أرض واحدة، أغلق الطريق أمام اندماج المجاميع لتكوين مجتمع منتج منتمٍ موحد، وما زال مصطلح " كافة المنابت وألاصول " هو الخطاب السائد الرسمي، تعبيراً عن هذه الحالة، وبناء عليه لم يسمح لمفهوم الوطنية أن يتبلور بصيغته العلمية،
وتم تغريب ثقافة المجتمع، كما وتم تجهيل المجتمع بتاريخه الحضاري الممتد في عمق التاريخ، الذي يرجع الى 23 ألف سنة ، حيث أول تحول في تاريخ البشرية، من عصر الصيادين اللمامين الى عصر الزراعة، اسكان زراعي بالقرب من قصر الحرانه، والذي يعتبر بداية الحضارة، بسبب الاستقرار البشري.
* التشكيلة السياسية مأزومة، الأحزاب مأزومة، النقابات مأزومة، الأطر الاجتماعية مأزومة،
أزمة ناتجة عن أزمة بنيوية لدولة وظيفية تابعة.
الجميع يبحث عن حلول حقيقية للخروج من الأزمة،
تبلور مقاربتين للخروج من الأزمة:
1. مقاربة اصلاحية ، على مدى عمر هذه الدولة، منذو المؤتمر الوطني الأول ولحد اليوم، مقاربة تتبنى سياسة تغيير البنى الفوقية، القانونية، وترفع مطالب، لم يتحقق منها شيء ، وصولاً الى الميثاق الوطني، حيث انخرطت كافة الأحزاب السياسية بمشروع إدارة الأزمة، أملاً أن يكون لها حصة ونصيب، ورغم رضوخها لكافة شروط السلطة السياسية، لم تجني الأ الضمور والإضمحلال.
2. مقاربة تغيير النهج، تغيير البنى التحتية والفوقية، تغير البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتمثلة في مشروع التحرر الوطني، تبني مهمات مرحلة التحرر الوطني:
كسر التبعية للمركز الرأسمالي
تحرير الإرادة السياسية
تحرير الثروات الطبيعية المحتجزة
صياغة خطط تنموية وطنية ومحلية، متمحورة حول الذات الوطنية.
بناء دولة الأمة.
مقاربتان تنظيميتان تتنافستان على الساحة، التوافق على الإطار، مقابل التوافق أولاً على المشروع :
* التوافق على التجمع في إطار أولاً، لحمل مقاربة الاصلاح، لم تتوفر شروط هذه المقاربة ، ولم تنجح طيلة مرحلة النضال السياسي، أطر تحت مسميات متعددة، جبهة وطنية عريضة، جبهة انقاذ، تحالف القوى...الخ ، أي جمع كافة القوى والفعاليات، لحمل مشروع الإصلاح.
* التوافق على المشروع أولاً، مقاربة تغيير النهج، وبناء عليه يتم بلورة بنية تنظيمية، إطار، يتوافق مع المشروع، وتتطلب بناء حامل اجتماعي لهذا المشروع، يتمثل في توافق ممثلي الشرائح الوطنية، الكادحة والمنتجة، والنخب المنتمية لهذا المشروع،
يتبع
" كلكم للوطن والوطن لكم "

