المضادات الحيوية... وبداية البلوغ المبكر للفتيات
دراسات و أبحاث
المضادات الحيوية... وبداية البلوغ المبكر للفتيات
11 أيار 2025 , 12:18 م

كشفت دراسة علمية جديدة قُدمت خلال أول مؤتمر مشترك بين الجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء للأطفال والجمعية الأوروبية للغدد الصماء، أن إعطاء المضادات الحيوية للفتيات خلال السنة الأولى من العمر، وخصوصا في الأشهر الثلاثة الأولى، يرتبط بزيادة احتمالية البلوغ المبكر لديهن كما أشارت النتائج إلى أن التعرض لعدد أكبر من فئات المضادات الحيوية يزيد من خطر هذه الظاهرة.
- ما هو البلوغ المبكر؟
البلوغ المبكر، أو ما يُعرف طبيا بـ"البلوغ المبكر المركزي" (Central Precocious Puberty - CPP)، هو ظهور الصفات الجنسية الثانوية لدى الأطفال قبل السن الطبيعي: أي قبل سن 8 سنوات للفتيات، و9 سنوات للفتيان. وتُعد هذه الحالة أكثر شيوعًا عند الفتيات وغالبا ما تكون بلا سبب واضح، وقد لاحظ الباحثون أن حالات البلوغ المبكر تشهد ارتفاعا مستمرا في العقود الأخيرة.
- تحليل ضخم لبيانات وطنية
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات 322,731 طفلا تتراوح أعمارهم بين 0 و12 شهرا في كوريا الجنوبية. وتمت متابعة الأطفال حتى سن 9 للفتيات و10 للفتيان. وتبيّن أن الفتيات اللاتي تلقين مضادات حيوية قبل عمر 3 أشهر كن أكثر عرضة بنسبة 33% لبدء البلوغ المبكر. وارتفعت النسبة إلى 40% عندما تم إعطاء المضاد الحيوي قبل عمر 14 يومًا فقط. وكلما كان التعرض للمضادات الحيوية أبكر، زادت المخاطرة.
كما تبيّن أن الفتيات اللاتي تلقين خمس فئات مختلفة أو أكثر من المضادات الحيوية، ارتفعت لديهن نسبة خطر البلوغ المبكر بنسبة 22% مقارنة بمن تلقين فئتين فقط أو أقل. ولم تُسجل علاقة مشابهة عند الذكور.
- أهمية هذه النتائج في الممارسة الطبية
قالت الدكتورة يونسو تشوي، من مستشفى جامعة هانيانغ في كوريا الجنوبية، وهي إحدى الباحثات المشاركات في الدراسة: "هذه الدراسة السكانية تُعد من أوائل الدراسات التي تستكشف العلاقة بين استخدام المضادات الحيوية في مرحلة الطفولة المبكرة وتوقيت البلوغ، مع الأخذ بعين الاعتبار التوقيت، والتكرار، وتعدد الفئات العلاجية، وعلى نطاق سكاني واسع."
كما أضافت: "أبحاثنا السابقة بيّنت أن الرضاعة الطبيعية الحصرية ترتبط بانخفاض خطر البلوغ المبكر، مما يدعم فرضية أن العوامل التي تؤثر على الميكروبيوم المعوي أو المسارات الهرمونية والاستقلابية في مرحلة مبكرة قد تلعب دورا حاسما في تحديد توقيت البلوغ."
- خطوات مستقبلية لفهم أعمق
أكّد الفريق البحثي أنه يعتزم في المرحلة القادمة استكشاف كيفية تأثير استخدام المضادات الحيوية في الطفولة المبكرة على مسارات النمو والتمثيل الغذائي والصحة الهرمونية، خاصة عند التناول المتكرر أو الطويل الأمد.
وقالت الدكتورة تشوي: "تشير دراستنا إلى مخاوف متزايدة حول تأثيرات المضادات الحيوية في مرحلة الطفولة على التطور طويل الأمد للأطفال، ربما عبر تعديل الميكروبيوم أو التوازن الهرموني، إلا أن الأسباب الفعلية لا تزال غير واضحة."
- توصيات مهمة للأطباء والآباء
تدعو هذه النتائج الأطباء والآباء إلى مراجعة استخدام المضادات الحيوية في مرحلة الرضاعة بعناية شديدة، وعدم اللجوء إليها إلا عند الضرورة القصوى، نظرًا لاحتمالية تأثيرها على النمو الطبيعي للفتيات مستقبلاً.
وختمت الدكتورة تشوي بالقول: "فهم الآليات البيولوجية الكامنة قد يساعدنا على وضع استراتيجيات أكثر أمانا في استخدام المضادات الحيوية، وتوجيه رعاية أفضل للأطفال في سنواتهم الأولى."