كشفت دراسة جديدة قُدمت خلال المؤتمر الأوروبي المشترك الأول بين الجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء للأطفال (ESPE) والجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء (ESE)، أن الرجال الذين يعانون من مشكلات في الخصوبة يمتلكون مستويات أقل من الفوسفات في الدم مقارنةً بالمعدل الطبيعي. وبيّنت الدراسة أيضًا أن نقص الفوسفات مرتبط بانخفاض حركة الحيوانات المنوية لدى الرجال المصابين بالعقم.
- تدهور عالمي في خصوبة الذكور
على مدار الخمسين عاما الماضية، انخفض عدد الحيوانات المنوية عالميًا إلى النصف، كما تراجعت جودتها بشكل مثير للقلق. ويعاني حوالي 15% من الأزواج من العقم، وتُعزى نصف هذه الحالات إلى عوامل تتعلق بالرجال. ورغم أن بعض الأسباب باتت معروفة مثل العوامل الوراثية ونمط الحياة والتغذية والاختلالات الهرمونية، إلا أن السبب يبقى مجهولا في غالبية الحالات.
- دراسة دنماركية واسعة النطاق تكشف عن النقص الفوسفاتي
أجرى الباحثون في مستشفى جامعة كوبنهاغن "هيرلوف" ومستشفى "ريجهوسبيتاليت" تحليلًا لـ 1,242 رجلا دنماركيا يعانون من العقم. ووجدوا أن 36% من هؤلاء الرجال لديهم مستويات منخفضة سريريا من الفوسفات في الدم، مقارنة بنسبة تتراوح بين 2% إلى 4% فقط في عامة السكان.
الرجال الذين يعانون من مستويات منخفضة معتدلة من الفوسفات أظهروا عددًا أقل من الحيوانات المنوية المتحركة، بما في ذلك تلك التي تتحرك بشكل تقدمي، كما سُجل لديهم ارتفاع طفيف في مستويات هرمون الإستراديول. ومع ذلك، لم يكن هناك ارتباط بين انخفاض الفوسفات وعدد الحيوانات المنوية الكلي.
- الفوسفات: عنصر حيوي غير مُستغل في الخصوبة
قال الدكتور سام كفائي يحيى في، المؤلف الرئيسي للدراسة: "لقد فوجئنا بأن نسبة الرجال المصابين بالعقم والذين يعانون من انخفاض تركيز الفوسفات في الدم تفوق بكثير نسبته في عامة السكان، وهذا يدل على احتمال وجود دور رئيسي لهذا المعدن في الخصوبة."
وأشار إلى أن الفوسفات، المعروف بدوره في إنتاج الطاقة وقوة العظام، قد يمثل هدفًا علاجيًا جديدًا لتحسين الخصوبة الذكورية من خلال تناول مكملات فوسفاتية محددة.
- دراسات موازية تؤكد أهمية الفوسفات للوظيفة التناسلية
وأظهرت دراسات سابقة أجراها الفريق ذاته أن الفوسفات ضروري لوظائف الخصية، إذ تتجاوز تركيزاته في السائل المنوي مستويات الدم بأكثر من عشرين ضعفا، ما يشير إلى أنه يُنظم بشكل خاص داخل الجهاز التناسلي الذكري.
وفي دراسة أخرى عُرضت خلال المؤتمر نفسه، كشف الباحثون أن المستويات العالية من الفوسفات في السائل المنوي ارتبطت بجودة أعلى للحيوانات المنوية وارتفاع في مستويات هرمون التستوستيرون.
- آفاق علاجية جديدة بانتظار التجارب السريرية
علّقت السيدة تشي هوي تشوي، طالبة الدكتوراه في مستشفى جامعة كوبنهاغن هيرلوف، قائلة:
"تشير دراستنا إلى أن مستويات الفوسفات في الأعضاء التناسلية قد تكون ضرورية لوظائف الخصية وجودة الحيوانات المنوية، ونحن الآن بصدد دراسة الجهات المنظمة لآلية نقل الفوسفات وتأثيرها على خصوبة الذكور."
وفي الختام، أعلن الدكتور كفائي يحيى عن الخطوة التالية:
"سنبدأ تجارب سريرية مضبوطة يتم فيها استخدام الفوسفات كعنصر تدخل علاجي، لاختبار تأثيره المباشر على خصوبة الرجال، بل والنساء أيضا."