التحقيق الاستقصائي: اليمن يقصف من بعيد.. كيف تحوّل الحصار إلى سلاح استراتيجي على امتداد الجغرافيا الفلسطينية؟
أخبار وتقارير
التحقيق الاستقصائي: اليمن يقصف من بعيد.. كيف تحوّل الحصار إلى سلاح استراتيجي على امتداد الجغرافيا الفلسطينية؟
د. بدور الديلمي
21 أيار 2025 , 14:56 م

بقلم: بدور الديلمي - اليمن | وحدة التحقيقات السياسية

"الضربة التالية ستأتي من حيث لا يتوقع العدو" – بهذه العبارة، لخصت القيادة العسكرية في صنعاء طبيعة المعركة التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية – أنصار الله، دعمًا لغزة منذ نوفمبر 2023. لكن خلف هذا التصريح، كانت تجري عملية إعادة تشكيل لمعنى الحصار، وأبعاده الجغرافية والعسكرية.

---

1. البداية: من المياه إلى السيادة

بدأت العملية بتصريح اعتبره البعض "رمزيًا"، حين أعلنت صنعاء منع مرور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي عبر البحر الأحمر. لكن ما حدث بعدها لم يكن رمزيًا أبدًا:

أكثر من 60 سفينة توقفت أو غيّرت مسارها.

شركات تأمين دولية رفعت مستوى الخطر في المنطقة.

الكيان اضطر إلى اعتماد طريق رأس الرجاء الصالح، ما رفع كلفة الشحن بنسبة تتجاوز 400%.

الحصار تحوّل من تهديد إلى سلاح حقيقي، صاغته اليمن بصواريخ بحرية وطائرات مسيّرة شلّت أحد أعصاب التجارة الدولية.

---

2. استهداف مطار اللد: ضرب العمق لا الأطراف

في ديسمبر 2023، كانت "إسرائيل" على موعد مع مرحلة جديدة من الضربات. مطار بن غوريون الدولي (اللد)، أحد أكثر المواقع حساسية، تعرّض لهجمات جوية مركّزة من اليمن.

بحسب مصدر أمني غربي تحدّث لوكالتنا:

> "الضربة اليمنية لم تكن موجهة للمطار كمنشأة فقط، بل كبوابة سيادية، ومركز نقل استراتيجي، واستهدافه يحمل رسالة تقويض للرمزية السيادية للكيان."

الضربات، وإن لم تُعلن تفاصيلها الكاملة، تسببت بإرباك جوي، وتأخير رحلات، ورفعت مستويات الاستنفار في محيط تل أبيب.

---

3. أم الرشراش: رسائل بالنار عند بوابة البحر الأحمر

ضرب ميناء إيلات (أم الرشراش) لم يكن خيارًا عبثيًا، بل استهدافًا مدروسًا لمركز عسكري ومدني حساس. إيلات تُعد:

آخر منفذ جنوبي لإسرائيل على البحر الأحمر.

قاعدة بحرية حيوية.

نقطة ربط مع دول "الاتفاقيات الإبراهيمية".

ومع كل ضربة، كانت اليمن تبعث برسالة ثلاثية:

> "لن نسمح بمرور السفن، ولن نسمح للموانئ أن تعمل، ولن نسمح لكم بالهدوء."

التحقيق يكشف – وفقًا لمصدر ملاحي – أن نسبة التراجع في استخدام ميناء إيلات تخطت 85% خلال شهري فبراير ومارس 2024.

---

4. حيفا: قلب الشمال يشتعل

في مايو 2025، أعلنت القوات المسلحة اليمنية استهداف ميناء حيفا بصواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة. أهمية هذه الضربة لا تكمن في بعدها الجغرافي فقط، بل في رمزيتها:

حيفا هي بوابة الشمال، ومنشأة تصدير الغاز، ومقر مصانع حربية.

ضربها يعني أن اليمن تجاوز حدود البحر الأحمر، ووصل إلى أبعد مدى استراتيجي يمكن أن يتخيله العدو.

ما كشفه التحقيق:

استهداف حيفا ترافق مع تشويش إلكتروني أجهض أنظمة الإنذار المبكر.

تل أبيب أخفت بعض نتائج الضربة عن الرأي العام، وفقًا لمصدر في وحدة الاحتياط.

---

5. الدلالات الكبرى: من صنعاء إلى كل فلسطين

التحقيق يخلص إلى ما يلي:

اليمن لم تكتفِ بالدعم السياسي، بل تحوّلت إلى فاعل عسكري ميداني في المعركة ضد الاحتلال.

الضربات تحمل طابعًا استراتيجيًا لا تكتيكيًا، وتسير ضمن خطة تصاعدية.

التحول من الحصار البحري إلى الضربات الجوية يعكس نموًا متسارعًا في القدرات العسكرية والتقنية.

---

خاتمة: هل سقطت أسطورة البُعد الجغرافي؟

بين صنعاء وحيفا أكثر من ألفي كيلومتر، لكن اليمن أثبت أن المسافة لا تُقاس بالكيلومترات بل بالإرادة.

فيما كان يُنظر إلى صنعاء كجبهة مشغولة بظروفها الداخلية، ها هي اليوم تفرض معادلات ردع جديدة، وتعيد تعريف معنى الحصار:

"ليس أن نمنعك من الوصول... بل أن نضربك حيث تظن أنك في أمان."

بقلم /الاعلامية بدور الديلمي- اليمن

المصدر: موقع إضاءات الإخباري