البحر الميت في الأردن.. الأعجوبة الطبيعية الأخفض على وجه الأرض
منوعات
البحر الميت في الأردن.. الأعجوبة الطبيعية الأخفض على وجه الأرض
24 أيار 2025 , 13:38 م

يقع البحر الميت في قلب منطقة الشرق الأوسط، على الحدود الفاصلة بين الأردن من الشرق وفلسطين من الغرب، ويُعد من أبرز الظواهر الطبيعية وأكثرها فرادة في العالم. لا يُعرف البحر الميت بهذا الاسم فحسب بسبب ملوحته العالية التي تمنع الكائنات الحية من العيش فيه، بل لأنه يمثل ظاهرة جيولوجية وبيئية وصحية لا مثيل لها، إنه أخفض نقطة على سطح الأرض، ومقصد عالمي للسياحة والعلاج والاستجمام.
- الموقع الجغرافي والخصائص الفريدة
يقع البحر الميت في انخفاض عميق ضمن الشق السوري الأفريقي، على عمق يقارب 430 مترا تحت مستوى سطح البحر، ما يجعله أخفض بقعة على اليابسة في العالم، يمتد البحر بطول حوالي 50 كيلومترًا، وعرض يتراوح بين 5 إلى 15 كيلومترا، وتبلغ ملوحة مياهه أكثر من 34٪، وهي نسبة تفوق ملوحة المحيطات بنحو 10 أضعاف.
- لماذا سُمي بالبحر الميت؟
تعود التسمية إلى خلو مياهه من الحياة البحرية المعروفة، نتيجة التركيز العالي للأملاح، الذي يجعل الحياة النباتية أو الحيوانية فيه شبه مستحيلة، باستثناء بعض أنواع البكتيريا الدقيقة. وقد عرفه الرومان باسم بحيرة الأسفلت، بسبب تسرب القار الطبيعي من قاعه، بينما سُمّي في التوراة بـ"بحر الملح".
- الفوائد العلاجية والطبية للبحر الميت
اشتهر البحر الميت منذ العصور القديمة بخصائصه العلاجية، وقد استخدمته الملكة كليوباترا كمركز للعلاج والجمال. ومن أبرز فوائده:
الطين الأسود الغني بالمعادن، ويُستخدم لعلاج مشاكل الجلد مثل الصدفية وحَبّ الشباب.
الهواء المشبع بالأوكسجين والمنخفض بنسبة الأشعة فوق البنفسجية، ما يجعله مناسبًا لمرضى الجهاز التنفسي.
الأملاح المعدنية مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم والبروميد، المفيدة للبشرة والمفاصل والدورة الدموية.
الطفو التلقائي فوق سطح الماء، ما يمنح الجسم استرخاءً فريدا ويساعد على تخفيف التوتر العضلي والعصبي.
- البحر الميت والسياحة: تجربة فريدة لا تُنسى
يُعد البحر الميت وجهة سياحية عالمية، حيث يجتذب الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بتجربة الطفو، والاستفادة من المرافق العلاجية والمنتجعات الفاخرة. وتنتشر على شاطئه الشرقي في الأردن العديد من الفنادق والمنتجعات العلاجية التي تقدم خدمات صحية تعتمد على مكونات البحر الميت الطبيعية.
ومن أشهر المناطق السياحية المجاورة:
موقع المغطس: الذي يُعتقد أنه المكان الذي تعمد فيه السيد المسيح عليه السلام.
جبل نيبو: المطل على البحر الميت ويحتوي على آثار دينية وتاريخية.
حمامات ماعين: ذات المياه الكبريتية الساخنة المفيدة لعلاج الأمراض الجلدية والمفصلية.
- البحر الميت في خطر: انخفاض مستمر لمستوى المياه
رغم شهرة البحر الميت وفوائده، إلا أنه يواجه أزمة بيئية خطيرة تتمثل في تراجع منسوب المياه بمعدل يزيد عن متر واحد سنويًا، نتيجة لتحويل مياه نهر الأردن، المصدر الرئيسي لتغذية البحر، لأغراض الزراعة والاستهلاك البشري.
وقد ظهرت في المنطقة الآلاف من الحفر الانهدامية على أطرافه، مما يهدد البنية التحتية ويعيق التنمية السياحية. وتُبذل جهود كبيرة لبحث حلول مستدامة، مثل مشروع قناة البحرين (البحر الأحمر - البحر الميت)، الذي يهدف إلى إنقاذ البحر الميت من الجفاف وتوليد الكهرباء وتحلية المياه.
- البحر الميت في التاريخ والثقافة
يحمل البحر الميت مكانة خاصة في العديد من الديانات السماوية، وورد ذكره في الكتاب المقدس في أكثر من موضع، لا سيما في سياق مدن سدوم وعمورة التي يقال إنها كانت قائمة في المنطقة. كما كان البحر الميت جزءًا من الطرق التجارية القديمة، واشتهر بمخطوطات قُمران التي اكتُشفت في كهوف مجاورة له، وتُعد من أقدم الوثائق المكتوبة في التاريخ.
- الاستثمار في البحر الميت: فرص واعدة وتحديات بيئية
تسعى الحكومات في المنطقة إلى تطوير مشاريع سياحية واستشفائية جديدة على ضفاف البحر الميت، بما يشمل تحسين البنية التحتية، وبناء المنتجعات، وإنشاء مراكز للأبحاث البيئية. غير أن نجاح هذه المشاريع يتوقف على التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة الهشة في المنطقة، مما يتطلب تخطيطا دقيقا وتعاونا إقليميا.
- خاتمة: كنز طبيعي بحاجة للحماية
يظل البحر الميت واحدًا من أعجب الظواهر الطبيعية في العالم، يجمع بين الجمال والندرة والفائدة والخطر في آنٍ معًا. وبينما يستمتع الزوار بتجربة لا تُنسى في مياهه الغنية، تظل المسؤولية ملقاة على عاتق الحكومات والمؤسسات البيئية لضمان استدامة هذا المورد الفريد للأجيال القادمة.