اكتشاف جيولوجي يكشف أسرار الأرض والمناخ.. التشكيلات الملحية العملاقة
منوعات
اكتشاف جيولوجي يكشف أسرار الأرض والمناخ.. التشكيلات الملحية العملاقة
26 تموز 2025 , 12:40 م

يشكّل البحر الميت ظاهرة جيولوجية نادرة تجمع بين خصائص فيزيائية وكيميائية استثنائية، جعلته مختبرا طبيعيا لا مثيل له لدراسة التفاعلات تحت السطحية والظواهر المناخية عبر العصور.
- أخفض نقطة على سطح الأرض ومختبر جيولوجي حي
يقع البحر الميت في أخفض نقطة على سطح الكوكب، ويتميّز بملوحة عالية تصل إلى 34%، مما يجعله بيئة مثالية لرصد تفاعلات طبيعية فريدة، ومن أبرز هذه الظواهر ما يُعرف بـ"عمالقة الملح" — تشكيلات ملحية ضخمة تنمو تحت سطح البحر نتيجة عمليات معقدة للغاية.
- موقع نادر لرصد التكوينات الملحية النشطة
على خلاف التكوينات الملحية التي تم رصدها في أعماق البحر الأحمر أو المتوسط والتي تشكلت منذ آلاف السنين، يتيح البحر الميت فرصة استثنائية لرؤية هذه العمليات وهي تتشكل في الزمن الحقيقي.
- العوامل المؤدية إلى تكوّن "عمالقة الملح"
تتضافر عدة عناصر رئيسية تؤدي إلى تشكّل التكوينات الملحية العملاقة، منها:
الطبيعة المغلقة للبحر الميت التي تمنع التصريف وتؤدي إلى تراكم الأملاح بسبب التبخر المرتفع.
انحسار مستمر في منسوب المياه بمعدل يقارب مترًا واحدًا سنويًا، بسبب تحويل مجرى نهر الأردن.
التغيرات الحرارية داخل عمود الماء، مما يؤثر بشكل مباشر على توازن توزيع الأملاح.
- اختلال التوازن الطبقي وظهور "ثلج الملح"
في العقود الماضية، تغيّر التوازن بين الطبقتين المائيتين في البحر، حيث تزايدت ملوحة الطبقة العليا، مما أدى إلى اختلاط موسمي بين الطبقات، من الظواهر الناتجة عن ذلك ما يُعرف بـ"ثلج الملح"، وهو ترسّب بلورات الهاليت (ملح الطعام) في قاع البحر، ومن المثير أن هذه الظاهرة التي كانت تقتصر على الشتاء أصبحت تحدث أيضا في فصل الصيف، نتيجة تغيّر تركيز الأملاح ودرجات الحرارة.
- الانتشار المزدوج: المحرك الفيزيائي للترسيب
تعزى هذه الظواهر إلى عملية تُعرف باسم "الانتشار المزدوج"، حيث تتبادل الطبقات المائية الحرارة والملوحة بشكل يؤدي إلى تشكيل هذه التكوينات البلورية المعقدة.
- تشابه جيولوجي مع أزمة البحر المتوسط المالحة
يشبّه العلماء ما يحدث حاليا في البحر الميت بما حدث خلال الأزمة المالحة المسينية قبل نحو 6 ملايين عام، عندما انغلق مضيق جبل طارق، مما أدى إلى تبخر مياه البحر الأبيض المتوسط وتكوّن رواسب ملحية ضخمة، هذا التشابه يمنح الباحثين نافذة نادرة لفهم التغيرات الجيولوجية القديمة.
- تشكيلات إضافية ذات أهمية علمية عالية
بالإضافة إلى عمالقة الملح، يتم رصد تشكُّل قباب ومداخن ملحية نتيجة التفاعل بين الينابيع التحت مائية وتركيزات الأملاح، وهي تشكيلات قد تحمل أدلة ثمينة حول تغير المناخ، واستراتيجيات إدارة الموارد المائية في البيئات الجافة.
- أهمية بيئية وجيولوجية متزايدة
في ظل تزايد المخاطر البيئية والتغيرات المناخية، تُعتبر هذه الدراسة ذات أهمية قصوى، حيث توفّر معلومات حيوية حول:
تأثير التغير المناخي على البحيرات والمسطحات المغلقة.
آليات تكوين واستخراج الرواسب المعدنية.
فهم أفضل للعمليات الجيولوجية القديمة.
حماية الشواطئ من التآكل الناتج عن اختلال التوازن المائي.
البحر الميت: كنز علمي لا يقدّر بثمن
تُعدّ هذه الظواهر شاهداً حياً على ديناميكية كوكب الأرض، وتمنح العلماء فرصة استثنائية لفهم تاريخ الأرض الجيولوجي والمناخي، ويظل البحر الميت موقعا استثنائيا يقدم للبشرية كنوزا من المعرفة حول القوى الخفية التي شكّلت سطح كوكبنا.

المصدر: Earth.com