الكشف عن الرابط بين الميكروبيوم والحماية من سرطان الجلد
دراسات و أبحاث
الكشف عن الرابط بين الميكروبيوم والحماية من سرطان الجلد
25 أيار 2025 , 11:40 ص

توصل باحثون إلى أن بعض أنواع البكتيريا التي تعيش على سطح جلد الإنسان تلعب دورا فاعلا في حماية الجلد من التأثيرات الضارة للأشعة فوق البنفسجية (UV)، خاصة النوع المعروف باسم UVB، المسؤول عن حروق الشمس وتلف الخلايا.
- كيف تتفاعل خلايا الجلد مع الشمس؟
عند تعرض الجلد لأشعة الشمس، تقوم خلايا الجلد بإنتاج جزيء يُعرف باسم الحمض الأوروكانيني من النوع "سيس" (cis-urocanic acid)، والذي يتكوّن عندما يتحول جزيء آخر يُدعى الحمض الأوروكانيني من النوع "ترانس" (trans-urocanic acid) – الموجود في الطبقة الخارجية من الجلد – إلى الشكل "سيس" بفعل الأشعة فوق البنفسجية.
وقد أظهرت دراسات سابقة أن هذا الجزيء يمكن أن يثبط الجهاز المناعي لخلايا الجلد عبر الارتباط بمستقبلات السيروتونين، كما أن له القدرة على تحفيز تلف الحمض النووي المؤكسد، مما يجعله أحد العوامل المساهمة في نشوء سرطان الجلد.
- البكتيريا تتدخل … ولكن لصالح من؟
ما يثير الاهتمام هو أن بعض أنواع البكتيريا الشائعة على سطح جلد الإنسان – مثل Staphylococcus epidermidis – تستهلك هذا الجزيء الضار باستخدام إنزيم يُعرف باسم يوروكاناز (urocanase)، مما قد يساهم في تقليل تراكم هذا الجزيء حول الخلايا السليمة، ويحد من تأثيراته السلبية.
يقول الباحث الرئيسي، الدكتور فيجاكومار باترا، أخصائي التكنولوجيا الحيوية في جامعة ليون:
"لطالما علمنا أن الأشعة فوق البنفسجية تؤثر على الاستجابات المناعية للجلد، لكن ما أثار فضولنا هو احتمال تدخل البكتيريا في هذه العملية بطريقة نشطة."
- تأثير مباشر للبكتيريا على وظيفة الجهاز المناعي
وفقا للدكتور مارك فوكانسون، اختصاصي المناعة الجلدية من المركز الدولي لأبحاث العدوى في فرنسا، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إثبات وجود صلة استقلابية مباشرة بين الأشعة فوق البنفسجية، وجزيئات مشتقة من الجسم، وسلوك البكتيريا الذي يؤثر على الوظيفة المناعية.
ويضيف فوكانسون: "مع تزايد الاهتمام بالميكروبيوم والطب الشخصي، فإن فهم هذه التفاعلات بين الإنسان والميكروبات قد يغير الطريقة التي نفكر بها في الحماية من الشمس، وأمراض المناعة، وسرطان الجلد، وحتى العلاجات مثل الفوتوثيرابي."
- واقٍ شمسي ميكروبي؟ العلم يفتح الباب
منذ اختراع أول واقٍ شمسي مضاد للأشعة UVB في عام 1928، لم يكن العلماء يدركون شيئا عن الميكروبيوم – وهو مصطلح لم يظهر إلا في عام 2001. ورغم أن هذه البكتيريا لا تستطيع أن توفر حماية كاملة للبشرة وحدها، إلا أن معرفة دورها قد يمهّد الطريق لتطوير منتجات عناية بالبشرة أكثر ذكاءً وتخصصا.
يشير الدكتور بيتر وولف، اختصاصي الأمراض الجلدية الضوئية من جامعة غراتس الطبية في النمسا، إلى أن هذه النتائج قد تؤدي إلى تطوير علاجات موضعية تستهدف تعديل نشاط الإنزيمات البكتيرية لتحسين استجابات الجسم للعلاج.
- مستقبل العناية بالبشرة: دعم البكتيريا النافعة
من بين السيناريوهات المحتملة: إزالة هذه البكتيريا قبل العلاج الضوئي (الفوتوثيرابي) قد يعزز من فعالية العلاج لأمراض مثل حب الشباب، والأكزيما، والصدفية، ونقص فيتامين ب.
في المقابل، قد تساهم المنتجات التي تحفز نمو S. epidermidis أو تحتوي على إنزيم يوروكاناز في حماية جهاز المناعة الجلدي، وربما تقلل من احتمالية الإصابة بسرطان الجلد.
تجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج تستند إلى تجارب مخبرية وعلى جلد الفئران، مما يعني أن التطبيقات البشرية لا تزال بحاجة إلى الكثير من البحث قبل اعتمادها في منتجات علاجية أو وقائية.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تفتح أفقا جديدا لفهم العلاقة المعقدة بين الميكروبات التي تسكن أجسامنا والبيئة المحيطة بنا، وتعيد النظر في طبيعة الحماية التي نحتاجها من الشمس في المستقبل.

المصدر: sciencealert