اكتشاف علمي يكشف أسرار الدغدغة في الدماغ
منوعات
اكتشاف علمي يكشف أسرار الدغدغة في الدماغ
31 أيار 2025 , 13:34 م

لماذا لا نستطيع دغدغة أنفسنا؟ سؤال قد يبدو بسيطا في ظاهره، لكنه حيّر عقولاً عظيمة مثل سقراط وأرسطو وتشارلز داروين، وفي الوقت الحاضر، تسلط عالمة الأعصاب كونستانتينا كيلتيني من جامعة رادبود في هولندا الضوء على هذه الظاهرة من منظور علمي دقيق، مؤكدة أن الدغدغة ما زالت ميدانا غير مُستكشف بشكل كافٍ في علم الأعصاب.
تقول كيلتيني، التي تدير "مختبر الدغدغة" في الجامعة، إن فهم آلية عمل الدغدغة على مستوى الدماغ قد يكشف عن جوانب جديدة في تطور الدماغ البشري، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة. وتشير إلى أن الدغدغة تلعب دورا اجتماعيا مهما، خصوصا في تقوية الروابط بين الآباء وأطفالهم، إذ يميل الناس إلى دغدغة أطفالهم كوسيلة للتفاعل والتواصل.
- كيف يميز الدماغ بين لمستك ولمسة الآخرين؟
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو أن الدماغ يستطيع التمييز بين الحركات الذاتية وتلك القادمة من شخص آخر. فعندما تحاول دغدغة نفسك، يعرف دماغك مسبقا متى وأين ستقوم باللمس، ما يؤدي إلى إيقاف رد الفعل المرتبط بالدغدغة تلقائيا.
هذا التوقع المسبق يلغي عنصر المفاجأة، وهو ما تعتبره كيلتيني الركيزة الأساسية في تجربة الدغدغة. فعندما يقوم شخص آخر بدغدغتك، لا يمكنك التنبؤ بالتوقيت أو الشدة أو الموضع، ما يجعل الجهاز العصبي في حالة "عدم استعداد"، وهو ما يؤدي إلى الشعور بالدغدغة والانفجار بالضحك.
- "الدغدغة الثقيلة": النوع الذي يصعب تكراره ذاتيا
تُعرف الدغدغة التي تثير الضحك المتواصل باسم "الغارغاليسيس" (Gargalesis)، وهي نوع خاص من الدغدغة يتميز بشدة الإحساس وتكرار اللمسات على مناطق حساسة في الجسم. هذا النوع لا يمكن تكراره عند محاولة دغدغة الذات، بل يحدث فقط عندما يقوم شخص آخر بتنفيذه.
تؤكد كيلتيني أن الفهم العلمي لهذا النوع من الدغدغة لا يزال ضعيفا للغاية، موضحة أن العلماء لم يكتشفوا بعد لماذا تكون بعض مناطق الجسم أكثر قابلية للدغدغة من غيرها، ولماذا يحب البعض الشعور بها بينما يكرهها آخرون.
- الدغدغة والدماغ: ما علاقتها بالتوحد والتطور العصبي؟
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد يشعرون بالدغدغة بشكل مختلف، إذ يكون الإحساس بالدغدغة لديهم أقوى وأكثر حساسية، وتفتح هذه الملاحظة الباب أمام اكتشافات جديدة تتعلق بكيفية معالجة الدماغ للمؤثرات الحسية في حالات التوحد، وربما تؤدي إلى فهم أعمق لفروق الإدراك العصبي.
- من البشر إلى القردة والفئران: هل الدغدغة غريزة تطورية؟
من المدهش أن القردة العليا مثل البونوبو والغوريلا، وحتى الفئران، تستجيب للمس الدغدغة، بحسب كيلتيني. ما يثير تساؤلات عميقة من منظور تطوري: ما الفائدة التطورية للدغدغة؟ وهل تؤدي دورا في البقاء أو التفاعل الاجتماعي؟
من ناحية علمية، لا تُعد أكثر المناطق قابلية للدغدغة — مثل الإبطين وباطن القدمين — هي الأكثر حساسية من حيث عدد النهايات العصبية أو رقة الجلد، ما يزيد من غموض الظاهرة. فلماذا تحديدًا هذه المناطق تثير الدغدغة أكثر من غيرها؟ لا أحد يعلم الإجابة حتى الآن.
تُعد الدغدغة مثالا رائعا على التفاعل المعقّد بين الدماغ، والجهاز العصبي، والتطور الاجتماعي، وعلى الرغم من بساطتها الظاهرة، إلا أن أبعادها العلمية ما زالت غير مفهومة بالكامل. وبينما نستمر في استكشاف أعماق الدماغ البشري، قد تكون الدغدغة أحد المفاتيح غير المتوقعة لفهم أعمق لتطورنا العصبي والاجتماعي.

المصدر: Newsmax.com